الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل الاغتسال يوم الجمعة سنة أم فرض؟.. 3 حقائق لا يعرفها كثيرون

هل الاغتسال يوم الجمعة
هل الاغتسال يوم الجمعة سنة

 لاشك أن معرفة هل الاغتسال يوم الجمعة سنة أم فرض ؟، يفتح إحدى بوابات أسرار يوم الجمعة التي تخفى عن الكثيرين، وحيث ترتبط بيوم فضله عظيم -يوم الجمعة-، وقد ورد في ضرورة الحرص على اغتنامه الكثير من النصوص والوصايا النبوية الشريفة، وهو ما يطرح السؤال عن : هل الاغتسال يوم الجمعة سنة أم فرض ؟، فقد يكون بوابة الخيرات وامتثال السنة النبوية الشريفة للفوز بشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو فريضة ينبغي الوفاء بها وأدائها.

هل الاغتسال يوم الجمعة سنة  

قال مجمع البحوث الإسلامية، في إجابته عن سؤال : ( هل الاغتسال يوم الجمعة سنة أم فرض ؟ ) ، إن هناك عددًا من الأعمال المستحبة يوم الجمعة الواردة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فيما ورد في صحيح البخاري عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى»، ومن الحديث يتبين أن مستحبات يوم الجمعة هي: «الاغتسال، التطهر، التطيب، الدهن، عدم التفرقة بين الناس، الصلاة، الانصات إلى الإمام وهو يخطب» .

 الاغتسال يوم الجمعة 

ورد عن الاغتسال يوم الجمعة ، ما أخرجه البخاري (880)، ومسلم (846)، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري ، الغُسْلُ يَومَ الجُمُعَةِ واجِبٌ علَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وأَنْ يَسْتَنَّ، وأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إنْ وجَدَ. قالَ عَمْرٌو: أمَّا الغُسْلُ، فأشْهَدُ أنَّه واجِبٌ، وأَمَّا الِاسْتِنَانُ والطِّيبُ، فَاللَّهُ أعْلَمُ أوَاجِبٌ هو أمْ لَا، ولَكِنْ هَكَذَا في الحَديثِ، وفي شرح الحديث ورد أن يَومُ الجُمُعةِ خَيرُ الأيَّامِ، وهو عِيدُ المسلِمينَ الأُسبوعيُّ، يَجتمعونَ فيه على ذِكرِ الله؛ ولهذا كان للجُمعةِ آدابٌ عديدةٌ، وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعضًا منها: فيُبيِّنُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الغُسلَ يَومَ الجُمعةِ واجبٌ على كلِّ مُحتَلِمٍ، بمعنى: أنَّه متأكِّدٌ كالواجبِ في حقِّ كلِّ ذَكَرٍ بالِغٍ مِن المسلِمينَ ممَّن وجبَتْ عليه الجُمعةُ، كما يقولُ الرجُلُ لصاحبِه: حقُّك واجبٌ علَيَّ، بمعنى: متأكِّدٌ.

ومِن هذه السُّننِ أيضًا: أن يَسْتَنَّ، فيُنظِّفَ أسنانَه بالسِّواكِ ونحوِه، مِن الاستِنانِ الذي هو الاستِياكُ، وهو دَلْكُ الأسنانِ وحَكُّها بما يَجلوها. ومِن هذه السُّننِ أيضًا: أن يَتطيَّبَ بأيِّ رائحةٍ عِطْرِيَّةٍ طَيِّبةٍ. والاغتسالُ وتنظيفُ الفَمِ مِن الأدبِ في الحضورِ إلى المساجِدِ والجَماعاتِ، وهو إرشادٌ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى عمَلِ الأَولى والأفضَلِ في مِثلِ هذه المُناسَباتِ. وقَولُه: «قال عَمْرٌو» هو: ابنُ سُلَيمٍ راوي الخَبَرِ. قَولُه: «وأمَّا الاستنانُ والطِّيبُ» إلى آخِرِه، أشارَ به إلى أنَّ العَطفَ لا يَقتَضي التَّشريكَ مِن جميعِ الوُجوهِ، وكأنَّه جزَم بوُجوبِ الغُسلِ دُونَ غَيرِه؛ للتَّصريحِ به في الحديثِ، وَتوقَّفَ فيما عَداهُ لوُقوعِ الاحتمالِ فيه، وقيل: إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا قَرَن الغُسلَ بالطِّيبِ يَومَ الجُمعةِ، وأجْمَع الجَميعُ على أنَّ تارِكَ الطِّيبِ يَومَئذٍ غيرُ حرِجٍ إِذا لم يكُنْ له رائحةٌ مَكروهةٌ يُؤْذي بها أهْلَ المسجِدِ، فكذا حُكمُ تارِكِ الغُسلِ؛ لأنَّ مَخرَجَهما مِن الشَّارِعِ واحدٌ، وكذا الاستِنان.

 حكم الغسل يوم الجمعة 

 ورد أنه يُسنُّ الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قال جماهيرُ العلماء، وحُكي الإجماعُ على ذلك، الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجُمُعة: 9]، وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ سياقَ الآية يُشير إشارةً خفيَّة إلى عدمِ وجوبِ الغُسل; وذلك لأنَّه لم يَذكُر نوعُ طهارةٍ عندَ السَّعي بعدَ الأذان، ومعلومٌ أنَّه لا بدَّ من طُهرٍ لها، فيكون إحالةً على الآية الثانية العامَّة في كلِّ الصلواتِ: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ... [المائدة: 6]  الآية؛ فيُكتَفَى بالوضوءِ، وتَحصُل الفضيلةُ بالغُسلِ.

حكم الغسل يوم الجمعة ، ثانيًا: من السُّنَّة: 

1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن تَوضَّأَ، فأَحْسَنَ الوضوءَ، ثم أتى الجُمُعةَ فاستمَعَ، وأَنْصَتَ غُفِرَ له ما بَينَه وبينَ الجُمُعةِ وزيادةَ ثلاثةِ أيَّامٍ، ومَن مسَّ الحَصَى فقدْ لغَا  ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
فيه دليلٌ على أنَّ الوضوءَ كافٍ للجُمُعةِ، وأنَّ المقتصِرَ عليه غيرُ آثمٍ ولا عاصٍ؛ فدلَّ على أنَّ الأمْرَ بالغُسلِ محمولٌ على الاستحبابِ
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت: ((كان الناسُ يَنتابونَ يوم الجُمُعةِ من منازلِهم والعوالي، فيأتون في الغُبارِ، يُصيبُهم الغبارُ والعَرَقُ، فيخرج منهم العرقُ، فأتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنسانٌ منهم وهو عندي، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لو أنَّكم تَطهَّرتُم ليومِكم هذا  ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ: قوله: ((لو أنَّكم تَطهَّرتم ليومِكم هذا)) يدلُّ على أنَّ غُسلَ الجُمُعةِ ليس بواجبٍ، حتى ولا على مَن له رِيحٌ تَخرُج منه، وإنَّما يُؤمَرُ به ندبًا واستحبابًا
3- عن أبي سَعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أَشهدُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ واجبٌ على كلِّ محتلمٍ، وأنْ يَستنَّ، وأن يمسَّ طِيبًا إنْ وَجَد  )).وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ غُسلِ الجُمُعة ذُكِر في سِياق السِّواكِ، ومسِّ الطِّيب، وهما لا يَجبانِ ، وقوله: واجبٌ، يعني مُتأكِّد.

حكم الغسل يوم الجمعة ، ثالثًا: من الآثار:
1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ عُمرَ بن الخطَّابِ بينما هو قائمٌ في الخُطبة يومَ الجُمُعة إذ دخَلَ رجلٌ من المهاجرين الأوَّلين مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فناداه عمرُ: أيَّةُ ساعةٍ هذه؟ قال: إنِّي شُغِلتُ فلم أنقلبْ إلى أهلي حتى سمعتُ التأذينَ، فلم أزِدْ أن توضَّأتُ. فقال: والوضوءُ أيضًا، وقد علمتَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يأمُرُ بالغُسل؟!  ))، وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه لم يأمُرْ هذا الصحابيَّ- وهو عثمانُ بن عفَّانَ على ما جاءَ في الرِّوايات الأُخرى- بالانصرافِ للغُسل، ولا انصرَفَ عثمانُ حين ذَكَّره عمرُ بذلك، ولو كان الغسلُ واجبًا فرضًا للجمعة ما أَجزأتِ الجُمُعةُ إلَّا به، كما لا تُجزئ الصلاةُ إلَّا بوضوءٍ للمُحدِث، أو بالغُسلِ للجُنُبِ، ولو كان كذلك ما جَهِلَه عمرُ ولا عثمانُ، وقد حضَر ذلك الجمُّ الغفيرُ من الصَّحابة .

2- عن ابنِ عبَّاسٍ قال: ((غُسل الجُمُعة ليسَ بواجبٍ، ولكنَّه أطهرُ وخيرٌ لِمَن اغتَسَل، وسأُخبِرُكم كيف كان بَدءُ الغُسلِ...  ))

حكم الغسل يوم الجمعة ، رابعًا: أنَّه غُسل يُقصَدُ به النظافةُ؛ لأجلِ اجتماعِ الناس في الصَّلاةِ المشروعِ لها الاجتماعُ العامُّ في مجامِعِ المناسِك، وهذا شأنُ الأغْسالِ المُستحَبَّة.