حالة من التوتر والترقب والحراك السياسي الكبير تعيشها منطقة الشرق الأوسط جراء ما يحدث منذ 21 يوما عقب تجدد الصراع بين حركة المقاومة الإسلامية حماس وإسرائيل يوم 7 أكتوبر 2023، بعد عملية طوفان الاقصى.
وتشن قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوما مكثفا على قطاع غزة منذ طوفان الأقصى تسبب باستشهاد أكثر من 7000 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، من النساء والأطفال، بحسب آخر حصيلة للسلطات الصحية في القطاع، إضافة لعملية تدمير ممنهجة لكل مناحي الحياة.
وفرضت إسرائيل حصارا كاملا على القطاع الذي تبلغ مساحته 362 كلم مربعا ويقطنه 2.4 مليون نسمة، كما أنها قطعت عنهم كل سبل الحياة سواء مياه أو غذاء أو وقود، وسط غارات جوية ليل نهار دون توقف.
الصراع ودور روسيا
سلطت وكالة "أسوشيتد برس" الضوء على الدور الذي تحاول روسيا أن تلعبه بحذر فيما يتعلق بالحرب بين إسرائيل وحركة حماس، في سعيها إلى توسيع نفوذها العالمي، وأصدرت روسيا انتقادات محسوبة بعناية لكلا الجانبين في الحرب بين إسرائيل وحماس، ولكن الصراع يمنح موسكو أيضا فرصا جديدة وقوية لتعزيز دورها كوسيط عالمي، وذلك في تحد للجهود الغربية لعزلها بسبب غزوها أوكرانيا، وفق تحليل للوكالة.
وترى الوكالة، أنه في حين تفتقر موسكو إلى النفوذ للتوسط في تسوية في الشرق الأوسط، فإنها "قد تحاول اللعب على ما قد يعتبره البعض مشاكل في المصداقية بما يخص استجابة الغرب للأزمة".
كما تتوقع روسيا أن تؤدي الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صرف الانتباه عن القتال في أوكرانيا وتقويض الدعم لكييف، لكن الشبكة أوضحت أن "هذا التفكير ينطوي على مخاطر بالنسبة لموسكو، إذ قد يؤدي إلى الإضرار بعلاقتها مع إسرائيل التي منعتها حتى الآن من إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا".
ووفقا للشبكة، أدان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الهجوم الذي شنته حماس، في 7 أكتوبر، على بلدات في جنوب إسرائيل، وفي الوقت ذاته، انتقد السياسات الأميركية تجاه النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، والحصار الخانق الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة عقب هجوم 7 أكتوبر.
وأعلن بوتين، في وقت سابق من أكتوبر الجاري، أن موسكو يمكن أن تلعب دور الوسيط، وذلك بفضل علاقاتها الودية مع كل من إسرائيل والفلسطينيين، مضيفا أنه "لا يمكن لأحد أن يشك في أننا نلعب لصالح طرف واحد".
وأوضحت "أسوشيتد برس"، أنه رغم هذا الادعاء بالإنصاف، فإن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على الاقتراح الذي قدمته روسيا، الأسبوع الماضي، والذي يدين العنف ضد المدنيين، قد رفضه المجلس.
وكانت الصين من بين الدول القليلة التي أيدت المشروع الروسي، ما يعكس موقفا مشتركا لموسكو وبكين.
والتقى مبعوثو الصين وروسيا إلى الشرق الأوسط، الأسبوع الماضي، لمناقشة العمل معا للمساعدة في تهدئة الوضع، مشيرين إلى تمسكهم بحل الدولتين لإسرائيل والفلسطينيين.
وعلى النقيض قال نائب رئيس مجلس الشيوخ بالبرلمان الروسي، كونستانتين كوساتشيف، إنه بينما أطلقت حماس الشرارة الأولى للحرب، كان رد إسرائيل "غير متناسب وغير إنساني".
وقال أندريه كورتونوف، المدير الأكاديمي لمجلس الشؤون الدولية الروسي، للوكالة: "هناك تهديد حقيقي بتدهور علاقاتنا مع إسرائيل في الوضع الحالي".
وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، الثلاثاء، أن دبلوماسيا إسرائيليا أعرب عن "استيائه من الدور الذي تلعبه روسيا" أمام المسؤولين الدبلوماسيين في موسكو، معبرا عن أمله في أن يتخذ الكرملين مواقف "أكثر توازنا".
واتهم العضو البارز في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، أمير وايتمان، روسيا بدعم حماس.
وفي حديثه لقناة "روسيا اليوم"، حذر من أنه "بعد هزيمة إسرائيل لحماس، سوف نتأكد من فوز أوكرانيا، وسوف نتأكد من أنكم تدفعون ثمن ما فعلتموه".
وأكد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إدانة روسيا للإرهاب، مشير مجددا إلى "سعيها من أجل وقف سريع لإطلاق النار والحاجة إلى إقامة دولة فلسطينية".
حرب عالمية متوقعة
وقال رئيس وكالة تنمية التجارة الدولية بموسكو، تيمور دويدار، إن روسيا تتخذ موقفا محايدا من الأزمة الدائرة حالياً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتعمل جاهدة وبالتعاون مع عدة أطراف دولية من بينها الصين والبرازيل؛ لوقف إطلاق النار في قطاع غزة عن طريق مجلس الأمن مستغلة في هذا عضويتها الدائمة بالمجلس.
وأضاف: روسيا سخرت الإعلام المحلي الخاص بها لتوضيح الصورة الحقيقية للذي يحدث في فلسطين، فضلاً عن الرئيس الروسي بوتين أجرى عدة اتصالات بقيادات دول المنطقة بما فيها رئيس الوزراء الاسرائيلي، مشيراً إلى أنه يوجد حالياً وفد من مجموعة حماس في موسكو في مقابلة مع وزارة الخارجية الروسية، وعدة أمور تم بحثها مثل وقف إطلاق النار وقضية الأسرى المدنيين الموجودين بين يدي حماس، حيث إن منهم من يحمل الجنسية الروسية.
وتابع دويدار - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن هناك تأهب عسكري في حال تفاقمت الأمور، حيث إن ما يحدث في فلسطين يمس الأمن القومي الروسي، معقبا: "توجد احتمالات باشتعال الأزمة وتحولها إلى إقليمية وربما عالمية"، مشيرا إلى أن روسيا والدول العربية لديهما خطة دبلوماسية تجارية عسكرية، وتنمية كبيرة في العلاقات المشتركة في العموم، هذا بجانب توطيد العلاقة مع جمهورية مصر العربية والتركيز على العلاقات مع دول الخليج العربي، ومع الجزائر، فموسكو لديها استراتيجية وخطط في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا".
وأما عن الموقف المشترك بين موسكو وبكين، فقال إنه "لا يوجد أي موقف مشترك بينهما"، إلا أنه قد يكون هناك موقف مشترك فقط في مجلس الأمن، حيث ترغب عدة دول بينها روسيا والصين في وقف المهزلة الإسرائيلية والمجزر..ة الإسرائيلية تجاه الشعب الأعزل في قطاع غزة، والكل يتفهم ذلك، معقبا: بكين تشعر بالتوتر الكبير مما يحدث في المنطقة؛ لأن لديها استثمارات ضخمة داخل المنطقة مع مصر والسعودية وغيرها من الدول العربية".
وأكد أن الغرب يعبث بالمنطقة العربية كالعادة، وقد يمس ما يحدث الأمن القومي الصيني "إذا اندلعت مشكلة إقليمية أو حرب كبيرة، ربما قد تتطور إلى حرب عالمية"، مشيرا: "إذا حدث وتدخلت إيران في هذه الأزمة فقد يتم مهاجمة مصالحها في المنطقة من قبل واشنطن وتل أبيب، وبالتالي فلن تقف روسيا موقف المشاهد وسيكون لها ردة فعل، ولا نعلم كيف ستتطور ردة الفعل هذه؟، وقد يمس ذلك الصين أيضا".
وتابع: "لا يوجد لروسيا والصين أي أوراق ضغط على إسرائيل، حيث إن تل أبيب مدعومة كليا من واشنطن ومن معها من شركائها الغربيين الذين لا يستطيعون تغيير أي مسار في الحرب بقطاع غزة"، مؤكدا أن "الدول والعواصم العربية هي المؤثر الوحيد والحاسم الوحيد في هذه الحرب، والدول العربية هي القادرة على أن تجعل إسرائيل توقف ذلك العدوان، وأن يتم إيجاد حل سلمي"، مشيراً إلى أن "الدول العربية الأن باستطاعتها إدارة هذه الأمور بنفسها أن أرادت".
وكان قد أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف، الخميس، إنه عقد اجتماعا مع القيادة السياسية لحركة حماس، وناقش الجانبان مصير الرهائن المحتجزين، وفقا لوكالة تاس الروسية.
وقال بوجدانوف في تصريحات صحفية ردا على سؤال حول عقد اجتماع مع ممثلي حماس ومناقشة مصير الرهائن: "بالطبع التقينا مع القيادة السياسية" - بحسب أحدث البيانات، فإن حركة حماس تحتجز ما لا يقل عن 220 رهينة في قطاع غزة.
ومن جانبه، قال السفير الروسي لدى الاحتلال الإسرائيلي أناتولي فيكتوروف، إن حركة حماس ربما اختطفت 3 أشخاص يحملون الجنسيتين الروسية والإسرائيلية في غزة.
وأضاف فيكتوروف، في تصريحات إعلامية: "لسوء الحظ، من المفترض أن 3 مواطنين روس، يحملون أيضًا جوازات سفر إسرائيلية، قد تم احتجازهم كرهائن"، لافتا إلى أنه "تجري الآن الاتصالات لتحريرهم" - بحسب السفير الروسي، قد يكون هناك 20 روسيا بين القتلى أيضا، لكن هذه المعلومات "يجب التحقق منها".