الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وزير الأوقاف: الأمل بلا عمل أجوف وأمانٍ كاذبة خاطئة

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن الحياة مفعمة بالأمل، والإنسان لا يمكن أن يحيا بلا أمل، فلا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، والعاقل يجد لكل عقدة حلًا أو يحاول على أقل تقدير، والأحمق يرى في كل حل مجموعة من العقد المتشابكة.

الأمل والعمل

وتابع وزير الأوقاف تحت عنوان:« الأمل والعمل»: بما أن صحيح الشرع لا يمكن أن يتناقض مع صحيح العقل، لأن التشريعات موجهة لمصالح العباد، فقد عدَّ العلماء اليأس والتيئيس من رحمة الله (عز وجل) من الكبائر، فعن ابن عباس (رضي الله عنه) أن رجلًا قال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: (صلى الله عليه وسلم): "الشرك بالله، والإياس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، من وقاه الله إياها وعصمه منها ضمنت له الجنة".

ويقول الحق سبحانه وتعالى على لسان إبراهيم (عليه السلام) في حواره مع الملائكة وقد بشروه بإسحاق (عليه السلام): "قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ"، وهذا يعقوب (عليه السلام) يقول لولده: "يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"، ويقول الحق (سبحانه وتعالى): "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ".

وأضاف وزير الأوقاف: فلا ييأس مذنب من العفو لأن الله (عز وجل) فتح باب التوبة واسعًا، وفي الحديث القدسي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: قال الله (عز وجل): "يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم لو جئتني بقراب الأرض خطايا لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بمثلها مغفرة".

وأكمل: لا ييأس مريض من عدم الشفاء مهما كان مرضه عضالًا، فعليه أن يأخذ بأسباب التداوي مع التعلق بحبل الله في الشفاء، ولنا في أيوب (عليه السلام) أسوة، يقول الحق (سبحانه): "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ".

وقال وزير الأوقاف إن كنت في حالة من ضيق اليد فاعلم أن فقير اليوم قد يكون غني الغد, وغني اليوم قد يكون فقير الغد، والأيام دول، وأن الله (تعالى) إذا أراد للعبد شيئًا أمضاه له: "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"، ويقول (سبحانه وتعالى): "مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".

وأوضح:  مهما تكن اللحظات العصيبة في حياتك فتعلق بحبل الله (عز وجل)، فها هو سيدنا إبراهيم (عليه السلام) عندما ألقاه قومه في النار كان النجاء من عند الله: "قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ"، وهذا يونس (عليه السلام) عندما التقمه الحوت فلجأ إلى الله (عز وجل) واستمسك بحبله كانت الرحمة والنجاة حاضرتين، يقول (الحق سبحانه): "وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ * فَاسْتَجَبنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ".

وشدد: غير أن الأمل بلا عمل أمل أجوف، وأمانٍ كاذبة خاطئة، وقد كان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول: "لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني وقد علمت أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة"، ولا يكفي مجرد العمل، إنما ينبغي أن يكون العمل متقنًا، فَعنْ عَائِشَةَ (رضي الله عنها) أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ"، ويقول الحق (سبحانه): "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا"، فديننا الحنيف لم يدعُ إلى العمل، أي عمل فحسب، وإنما يطلب الإجادة والإتقان.

وللتأكيد على أهمية العمل دعانا الإسلام إلى أن نعمل إلى آخر لحظة من حياتنا، حتى لو لم ندرك ثمرة هذا العمل، وما ذلك إلا لبيان قيمة العمل وأهمية الإنتاج للأفراد والأمم، فعن أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): "إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا".