الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علاء حيدر يكتب: إسرائيل وتأليب غزة على حماس

صدى البلد

 "تأليب  شعب غزة على  حركة حماس" ،  أصبح  الهدف الرئيسي ، من وراء  المجازر البشعة ،  التي ترتكبها إسرائيل منذ ثلاثة أشهر بشكل متواصل   ضد المدنيين في قطاع غزة  فشل خلالها الجيش الاسرائيلي في تحقيق الاهداف التي شن  من أجلها الحرب .  

فحكومة الحرب الإسرائيلية  اليمينية المتطرفة التي تدير حاليا الحرب  على غزة بزعامة بنيامين نتنياهو ، تدرك تماما أنها لن تستطيع القضاء على ثقافة  المقاومة ،  لأن المقاومة إبنة الإحتلال ، لكنها تعتقد انها  تستطيع إستثارة غضب الشعب الغزاوي على حماس،  بقتل عشرات الآلاف من المدنيين خاصة  من النساء ، و الأطفال ،و الشيوخ  .   كما ترتكز إستراتيجية تأليب الغزاويين على حماس على  تقطيع أرزاق أبناء القطاع    ، بإستهداف  مصادر رزقهم،   من خلال تدمير  متاجرهم،  و مقار أعمالهم . و  تتعمد إسرائيل لتحقيق هدفها  إنتهاج  سياسة الأرض المحروقة  بتدمير المنازل  و  البنية التحتية بشكل تام ،  لحرمان المدنيين من كل الخدمات،  لا سيما تدمير  محطات الكهرباء ، و محطات تحلية المياه ،  فضلا عن قصف  المدارس،  والمستشفيات،  و الجامعات،  و  حتى أماكن العبادة  ، من مساجد و كنائس ، إنتقاما من  كل عملية مقاومة ، أو  مقتل كل ضابط أو جندي إسرائيلي  .

و بالتزامن مع سياسة الأرض المحروقة التي   لم  ترحم  حتى حديقة الحيوانات الوحيدة في غزة من الدمار   ، بدأت إسرائيل شن حملة إعلامية على  سلطة حماس التي تدير القطاع  منذ سنة 2006 ، بأتهامها بمسئولية المذابح التي يتعرض لها المدنيين    بعدم توفير الحماية اللازمة لهم في  وقت الحرب قبل شنها ، بتركيز  جل  إهتمامها على  شق ، و تمهيد ،  ما يقرب من 500 كيلو متر من الأنفاق تحت الأرض   لتوفير الحماية لمقاتليها ،  و مقاتلي المنظمات العسكرية الأخرى مثل الجهاد ، و كتائب القسام،  من دون أن تبني  و لو ملجأ واحدا  لحماية المدنيين الغزاويين  مثلما تفعل إسرائيل بتوفير ملاجيء في كل منطقة من مناطق إسرائيل   . و تستغل إسرائيل حاليا  حلول فصل  الشتاء  ببرودة جوه  القارس في غزة،  فضلا عن هطول  الأمطار ، لتزيد من معاناة الشعب الغزاوي،  بعد ما أجبرت أكثر من  مليون مواطن  على ترك منازلهم ، و النزوح الى وسط و جنوب غزة ، حيث يعيش  معظمهم في العراء ، أو في خيام بدون مأوى أو مصدر رزق .

ويرى محللون،   أن هدف إسرائيل من  إطالة مدى الحرب  ، ليس  تحرير الرهائن ، أو تدمير المقاومة كما تزعم إسرائيل ، بل ا لهدف من ذلك هو  إرتكاب أكبر عدد ممكن من المجازر ضد الفلسطينيين ، و الدليل على ذلك  أن إسرائيل لم تستطع حتى الآن    تحرير أية رهينة بالقوة العسكرية ،  بل كل  من تم تحريرهم من الرهائن ، كان قد  تم إطلاق سراحهم  بالمفاوضات  بفضل الوساطة المصرية القطرية . كما أنه بعد مرور ثلاثة أشهر على شن الحرب ، لا تزال المقاومة  تكبد إسرائيل خسائر كبيرة في الأرواح،  في إطار حرب المدن التي يتقنها المقاوم الغزاوي جيدا .  و كشفت إحصاءات دولية عن أن إسرائيل أسقطت ما يقرب من 35 ألف طن من القنابل على غزة،  أي ما يعادل القوة التفجيرية لثلاث قنابل ذرية من القوة التدميرية لقنبلتي هيروشيما و نجازاكي .

 و بالتوازي مع إتهام حماس بعدم الإكتراث يحياة المدنيين الغزاويين ، و إتهامها للمقاومة  بإستخدامهم كدروع بشرية للإحتماء بهم ، تشمل  حملة البروباجاندا الإسرائيلية  أتهامها لحماس بمنع الشعب الغزاوي  من العيش في رغد من الحياة  مثل المواطنون في إمارة دبي على سبيل المثال  ، و ذلك  بمنع غزة من التمتع بعوائد  هائلة من  الغاز الطبيعي تقبع في باطن  السواحل الغزاوية تنتظر من يستخرها و يحولها لمليارات من الدولارات تدخل جيوب الغزاويين  لو تخلت حماس عن إستهداف إسرائيل  .وقد تم تدشين  الحملة التي يرددها الإسرائيليون ، حكومة ، و صحافة ، و إعلام ، على هذا التساؤل "لماذا تجبر حماس الفلسطينين  على العيش في الفقر،  و العوز ، و الدمار ،  في حين أن التعاون مع إسرائيل قادر على تحويل حياة أكثر من  2 مليون غزاوي إلى حياة الوفرة ، و الرفاهية ، و الثراء، و الأمن ، و الأمان ؟ "  . كما تروج إسرائيل أيضا في إطار تشويه صورة حماس  لمشروع الممر الإقتصادي ، الذي يربط الهند بالشرق الأوسط ، و منه الى القارة الأوروبية . و هذا المشروغ الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي ، جو  بايدن ، خلال قمة العشرين الأخيرة وروج له نتنياهو ، عبارة عن  مجموعة موانيء ، و خطوط سكك حديدية،  تبدأ من الهند ، مرورا بإسرائيل ، و الاراضي الفلسطينية المحتلة،  و الأردن ، و السعودية ، و الإمارات. و تزعم إسرائيل  بأن هذا الممر سيساهم أيضا بقوة  في ثراء  الفلسطينيين في غزة و الضفة الغربية  بشرط   تولى سلطة غير حماس  الحكم في القطاع.     و ترى إسرائيل بأن  هذا الممر الإقتصادي  سيحول إسرائيل   إلى ملتقى مركزي للأقتصاد العالمي ، فضلا عما سيسفر عنه من تطبيع للعلاقات بين إسرائيل و السعودية،  بعد أن تم بالفعل تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع كلا من الإمارات و البحرين  .كما تلقي  الحملة الإسرائيلة على حماس بمسئولية حرمان أكثر من 15 ألف غزاوي من مصادر دخلهم،  بعد أن  كانوا يذهبون للعمل يوميا    داخل إسرائيل ، و العودة منها  بما يكفي لإطعام أسرهم و سد إحتياجاتهم  .

وتزعم إسرائيل بأن أكثر من 90 في المائة من الغزاويين  يرفضون حاليا  بقاء حماس في السلطة،  بعد ما تكبدوه من خراب و دمار ، نتيجة  هجمات حماس في  7 أكتوبر الماضي على مستوطنات غلاف غزة تحت شعار" طوفان الأقصى " .

 و يبقى السؤال هل ستنجح الحملة الإسرائيلية في إقناع الغزاويين  بالإطاحة  بحماس من السلطة ، في حال تم تنظيم إنتخابات في الأراضي الفلسطينية  المحتلة ، بعد إنتهاء الحرب ، لتحقيق الجنة الموعودة التي تروج لها إسرائيل في غزة  بدلا من الدمار و القتل و الفقر،  أم سيتمسك الغزاويون بالمقاومة على حساب الرفاهية و الثراء كما تزعم  إسرائيل ؟