الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يصح الصيام وأنا على الجنابة ولا أصلي؟ دار الإفتاء تجيب

الصيام على جنابة
الصيام على جنابة

ما حكم صيام من كان يخطئ في غسل الجنابة؟ فكنت أغتسل من الجنابة من دون أن أنوي شيئًا، فسمعت بعد ذلك من أحد الشيوخ أن النية واجبة في غسل الجنابة، فما حكم صومي فيما مضى؟ إن مَن كان يخطئ في غسل الجنابة صيامه صحيح، ما دام قد أدَّى الصوم بأركانه وشروطه من تحقق النية، وخلو الصوم عمَّا يفسده، فإن المقرر أن عدم الطهارة من الحدث الأكبر ليس مما يؤثر على الصوم.

 


قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إنه مَن كان يخطئ في غسل الجنابة صيامه صحيح، ما دام قد أدَّى الصوم بأركانه وشروطه من تحقق النية، وخلو الصوم عمَّا يفسده، فإن المقرر أن عدم الطهارة من الحدث الأكبر ليس مما يؤثر على الصوم.


حكم اشتراط النية عند الاغتسال من الجنابة


وأكد أنه لا يختلف أحد من الفقهاء في أنَّ الاغتسال من الجنابة أمرٌ واجبٌ؛ لأنه لا يجوز للجُنب أن يؤدي الصلاة أو أن يمس المصحف، أو أن يدخل المسجد إلَّا بعد أن يغتسل منها؛ لقول الله تعالى: «وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا» [المائدة: 6].

 

 

وتابع: وقد اختلف الفقهاء في اشتراط النية ليتحقَّق الاغتسال شرعًا، فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوب اشتراط النِّية عند الاغتسال، وأنَّها فرض من فرائضه، كما قال العلامة خليل المالكي في "مختصره" (ص: 23، ط. دار الحديث)، والإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 87-88، ط. المكتب الإسلامي)، والعلامة البُهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 181، ط. دار الكتب العلمية). وذهب الحنفية إلى أَنَّ النيةَ في الغُسْل سُنَّةٌ وليست بفرضٍ، كما قال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (1/ 156، ط. دار الفكر).

 

ونوه بأن الأصل أنَّ النية من فرائض الغُسْل ابتداءً، فلا يصح من دونها، كما هو مذهب الجمهور؛ إذ الاغتسال من الجنابة عبادة، والعبادة لا تؤدَّى ولا يعتدُّ بها شرعًا إلَّا بالنية؛ وذلك لما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أي: أنَّ صِحَّتَها مُعلَّقةٌ على النية.

 

حمل تصرفات العوام على أحد مذاهب المجتهدين


وواصل: إذا وقعت العبادة من المكلف على أية صورة، فالمقرر تصحيحها ما أمكن، وأن إلحاقَ ذلك بأيِّ قولٍ من أقوال المجتهدين هو المُتعيَّنُ انتهاءً، فقد شاء الله تعالى أن يكون اختلافهم وتنوع أقوالهم رحمةً بالأمة، وتخفيفًا على المكلَّفين، ولذلك كان الاجتهادُ المعتبرُ دائرًا بين الأجر والأجرين، فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما"، وفي رواية الدارقطني في "سننه" بلفظِ: «إِنِ اجْتَهَدْتَ فَأَصَبْتَ لَكَ عَشَرَةُ أُجُورٍ، وَإِنِ اجْتَهَدْتَ فَأَخْطَأْتَ فَلَكَ أَجْرٌ وَاحِدٌ».

 

واستطرد: وهذا هو المعمول به والمُعوَّل عليه في الفتوى، فقد نصَّ الفقهاء والأصوليون على أنَّ أفعال العوام بعد صدورها منهم محمولة على ما صحَّ من مذاهب المُجتهدين ممن يقول بالحل أو بالصِّحة، فإن مراد الشرع الشريف تصحيح أفعال المكلَّفين وعباداتهم وعقودهم ومعاملاتهم مهما أمكن ذلك، فإذا صدر من العامي فعلٌ مُعين: فيكفي في صحةِ فِعْلِه أن يوافق أحد آراء المذاهب وأقوال المُجتهدين، ومن ثَمَّ فتصحيح الفعل واعتباره أولى من إلغائه وإهداره.

 ترك النية عند الاغتسال من الجنابة على الصيام


وأردف: أما عن مدى تأثير ترك النية عند الاغتسال من الجنابة على الصيام، فإن ترك الغسل من الجنابة أصلًا لا يؤثر على صحة الصيام فضلًا عن كونه خطأً، فقد اتفق الفقهاء على أنَّ الطهارة من الجنابة ليست شرطًا من شروط صحة الصيام التي لا يصح الصيام إلا بها، وأنَّ من أصبح جنبًا فإن صيامه صحيح، كما في "الإقناع" لابن القطَّان (1/ 237، ط. الفاروق الحديثة).

 

واستكمل: وقد استدل العلماء على جواز أن يُصبح الصائم جُنبًا بقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: 187]، حيث دلَّت هذه الآية على صحة صيام من أصبح جنبًا وهو صائم، سواءٌ كان جنبًا بسبب جماع امرأته قبل الفجر، أو نتيجة احتلامه وهو صائم، فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم، كما في "شرح صحيح مسلم" للإمام النووي (7/ 221، ط. دار إحياء التراث العربي).

 

واستدل بما وورد عن أم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» أخرجه البخاري في "صحيحه". وفي رواية الإمام مسلم: «مِنْ غَيْرِ احْتِلامٍ».

 

ونقل قول  الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (4/ 144، ط. دار المعرفة): [الاحتلام يطلق على الإنزال، وقد وقع الإنزال بغير رؤية شيء في المنام، وأرادت بالتقييد بالجماع المبالغة في الرد على من زعم أن فاعل ذلك عمدًا يفطر، وإذا كان فاعل ذلك عمدًا لا يفطر فالذي ينسى الاغتسال أو ينام عنه أولى]، وقال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (7/ 222): [أجمع أهل هذه الأمصار على صحة صوم الجنب سواء كان من احتلام أو جماع، وبه قال جماهير الصحابة والتابعين] اهـ.

 

واستطرد: فيظهر من ذلك أنه لا يجب غسل الجنابة على الفور، وقد استثنى الفقهاء من ذلك ما إذا كان الاغتسال من الجنابة بغرض إدراك وقت الصلاة، قوال العلامة الشَّبْرَامَلِّسي الشافعي في "حاشيته على نهاية المحتاج" (1/ 209-210، ط. دار الفكر): [قوله: (ولا يجب فورًا أصالة) خرج به ما لو ضاق وقت الصلاة عقب الجنابة أو انقطاع الحيض، فيجب فيه الفور، لا لذاته، بل لإيقاع الصلاة في وقتها]. لكنَّ الأولى بالجُنب المسارعة إلى الغسل من الجنابة وعدم تأخير ذلك؛ لما يخشى من أثر تأخيره على النفس من كثرة الوساوس ونحوها، وحتى يقوم الصائم بالتقرب إلى الله خلال زمن الصيام بكل القرب من ذكر وقراءة قرآن ونحوها على الوجه الأكمل الصحيح.

 

وواصل: قال العلَّامة ابن ميارة المالكي في "الدُّر الثمين والمورد المعين" (ص: 166، ط. دار الحديث): [وتأخير غسل الجنابة يثير الوسواس، ويُمكِّن الخوف من النفس، ويقلل البركة من الحركات] 

حكم صيام من كان يخطئ في غسل الجنابة


مُحَصَّلُ ما ذكرنا أن صوم من كان يترك النية في غسل الجنابة صحيحٌ مطلقًا سواء عند الحنفية أو الجمهور؛ وذلك لما تقرر شرعًا من أن العبادة إذا وقعت على الهيئة المطلوبة، ومستوفية للأركان والشروط، فإنها صحيحة ومجزئة، وليس من شروط صحة الصوم الطهارة من الجنابة.

 

قال العلامة الزركشي في "تشنيف المسامع بجمع الجوامع" (1/ 179، ط. مكتبة قرطبة): [العبادة إن وقعت مستجمعة الأركان والشروط كانت صحيحة، وإلا ففاسدة]  وقال العلامة علاء الدين السمرقندي الحنفي في "تحفة الفقهاء" (1/ 351، ط. دار الكتب العلمية): [متى وجد الركن مع وجود ما ذكرنا من الشرائط من الأهلية، والوقت، وغير ذلك: يكون صومًا شرعيًّا] .

 

واختتم المفتي: هذا، مع التنويه على أن الأولى والأكمل أن يقع الصوم في حال كون المكلف على طهارةٍ، حتى يتمكن من المحافظة على الصلاة، والدخول إلى المسجد، وحتى يتمكن من مس المصحف والقراءة منه على وجهٍ لائق، وعليه أن ينوي رفع الحدث حتى يخرج من خلاف العلماء؛ فالخروج من الخلاف مستحبٌّ.

 

 حكم صيام من أصبح وهو جنب في نهار رمضان

 

قالت دار الإفتاء، إن من أصبح وهو جنب في نهار رمضان فعليه أن يغتسل وصيامه صحيح.

 

وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال: «حكم صيام من أصبح وهو جنب في نهار رمضان؟»، أن من أصبح جنبًا فى رمضان وهو صائم ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر، فإن صومه صحيح، وقد دلت على ذلك أحاديث كثيرة، فعن عائشة: «أن رجلًا قال: يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال: لست مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي». رواه أحمد ومسلم وأبو داود.

 

وتابعت: وعن عائشة وأم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كان يصبح جنبًا من جماع -غير احتلام-ـ ثم يصوم في رمضان» متفق عليه.

 

شرح كيفية غسل الجنابة 
 

الغسل من الجنابة كالغسل من الحيض لا فرق بينهما، والغسل من الجنابة ذو الصّفة الكاملة: وهو أن يقوم المسلم في غسله بأداء الواجبات والسّنن معًا، وفيما يأتي ذكر خطوات الغسل الكامل بالترتيب:
 

النيّة: وذلك أن ينوي المسلم الطّهارة من الحدث. 

التّسمية: وهي أن يقول المسلم "بسم الله الرّحمن الرّحيم".

غسل الكفيّن ثلاث مرّات؛ والسّبب في ذلك أنّ الكفيّن هما أداة غرف الماء.غسل الفرج باليد اليسرى؛ وذلك لأنّ الفرج هو موضع الجنابة، فبغسله يتخلّص المسلم من الأذى والأوساخ العالقة به.

تنظيف اليد اليسرى ثمّ تدليكها بشدّة؛ وذلك للقيام بالتّخلص ممّا علق بها من أوساخٍ خلال غسل الفرج، وتطهيرها بالماء والصّابون، فهو يقوم مقام التّراب. 

الوضوء: ويكون الوضوء هنا مثل الوضوء للصّلاة وضوءًا كاملاُ لا نقص فيه، ولا يلزم إعادة الوضوء بعد الانتهاء من الاغتسال من الجنابة من أجل أداء الصّلاة، فالقيام بذلك أثناء الاغتسال يجزئ ويكفي، ولا داعي لإعادته، أمّا إذا تمّ مسّ الفرج أو الذّكر فإنّه يجب إعادة الوضوء؛ وذلك بسبب وقوع الحدث الطّارئ.

غسل القدمين: وهناك اختلافٌ في وقت غسل القدمين، بحيث هل يكون مع الوضوء؟ أم يتمّ تأخيره إلى ما بعد الاغتسال؟ والظاهر في الأحاديث المروية ورود الكيفيّتين عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلاهما ثابتتان في سنته الشريفة، واستحب الجمهور تأخير غسلهما بعد الانتهاء من الاغتسال، لكن بما أن كلا الطريقتين وردت في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فلا بأس أن يأتي المسلم بإحداهما تارة، وبالأخرى تارةً أخرى، فيغسل قدميه مع الوضوء، وفي مرات أخرى يؤخر غسلهما إلى آخر الاغتسال.


تعميم الماء في أصول الشّعر من خلال إدخال أصابعه بينهم، والقيام بالتّخليل إن كان الشّعر كثيفًا؛ حتّى يصل الماء إلى منبته. 

إدارة الماء على الرّأس ثلاث مرّات بعد الانتهاء من تخليل الماء لأصول الشّعر.إفاضة الماء وتعميمها على سائر الجسد مرّةً واحدة، ومن السّنة أن يدلّك بدنه، ويبدأ بالجهة اليمنى ثمّ الجهة اليسرى.