قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

حسن زايد يكتب : التفكيك التنظيمي والفكري للإرهاب


قد يظن البعض خطأً أن الضربات الأمنية الحالية قادرة وحدها علي اسئصال شأفة الجماعات الإرهابية التي أسفرت عن وجهها القبيح بعد ثورة يونية في مصر ، واقتلاع شجرتها الخبيثة من التربة المصرية حتي لا تتفشي في الحقل وتؤدي إلي تسميمها فلا تنبت إلا رؤوس الشياطين ولا يقتات شعب مصر سوي الحنظل . المعالجة الأمنية علي نجاعتها لا تكفي ولا تقدر علي تفكيك البنية التنظيمية ولا البنية الفكرية للإرهاب . المعالجة الأمنية كالمسكنات للألم ، تخفف من حدته ، إلا أنها لا تعالج علته . وذلك ليس تقليلاً من قدر الأجهزة الأمنية وإنما تحديداً دقيقاً لدورها الفعلي . فالتنظيمات السرية ، ومنها جماعة الإخوان ، تقوم علي ما يطلق عليه " الخلايا العنقودية " .وقد تَشكّل النظام الخاص للجماعة وفقًا لمجاميع عنقودية متسلسلة، بحيث تتكون المجموعة القيادية من عدد من الأ أفراد يتولى كل منهم تكوين مجموعة من عدد آخر، ويظل الأمر مسلسلاً إلي ما لا نهاية، ومن هذا التسلسل يكون الأفراد الذين يقومون بالتواصل مع بعضهم ويعرفون بعض البعض لا يزيدون عن عدد معين من الأفراد. والسر وراء هذا التشكيل هو حماية التنظيم من السقوط بالكلية ، فلو سقطت خلية سقطت وحدها لأنها تنظيمياً لا تعرف الخلايا الأخري . وإذا سقطت قيادة في أي مستوي من مستويات التنظيم حلت محلها قيادة أخري علي نحو آلي . وجماعة الإخوان من الجماعات المغلقة التي يصعب اختراقها ، فليس متاحاً لأي مواطن مسلم أن يتقدم بطلب انضمام للجماعة فينضم ، إذ أن العضوية فيها تقوم علي الإنتقاء وفقاً لاشتراطات محددة سلفاً ، ولا يتم التصعيد التنظيمي فيها إلا وفقاً لاختبارات معينة وقدرات خاصة يجري زرعها وتربيتها في النفوس عن طريق جلسات التكوين والتي تنتهي بالبيعة والتي تتم وفقاً لطقوس خاصة من بينها القسم علي المصحف والمسدس . والضربات الأمنية الحالية جري مثلها في 1954 م ، وفي 1965 م ومع ذلك كان يعاد تشكيل التنظيم وإعادته للحياة من جديد . والسر في ذلك عدم القدرة علي تتبع كافة الخلايا العنقودية علي مستوي الجمهورية ، وضرب جميع القيادات العليا والوسطي للتنظيم . وإن لم يكن للثورة المصرية إنجاز يذكر سوي كشف عناصر هذا التنظيم ووضعهم جميعاً تحت الشمس بعد أيلولة السلطة إليهم لكفاها ذلك . وإن لم يكن للإخوان من خطأ فكفاهم الدخول مع المجتمع في مواجهة مسلحة خطأً . فقد اكتسبوا تعاطف الناس إبان مواجهتهم مع السلطة ، ثم فقدوا ما اكتسبوه في مواجهتهم مع المجتمع . وعليه فإنه إن جري إسناد مهمة تفكيك التنظيم إلي الأجهزة الأمنية ، وبفرض نجاح هذه الأجهزة في ذلك ، وهي قادرة بلا ريب ، إلا أن ذلك وحده لا يكفي . وإنما يلزم إلي جانب التفكيك التنظيمي لهذه الجماعة وتوابعها ومن يدور في فلكها البدء في التفكيك الفكري لها .

ويتأتي هذا التفكيك من خلال مناقشة أفكار هذه الجماعات وبيان ضلالها وانحرافها عن الدين الإسلامي بمعرفة علماء الدين المتخصصين ليس في قاعات الدرس ولا باللغة الأكاديمية المتخصصة وإنما علي شاشات التفاز وبلغة بسيطة يفهمها رجل الشارع . كما يتأتي من خلال مناقشة علماء الإجتماع لطبيعة هذه التنظيمات ومدي انحرافها وخطورتها علي المجتمع . كذلك يتأتي من خلال دور علماء النفس والطب النفسي في بيان الإنحرافات النفسية والسلوكية لمثل هذه الجماعات وما تبثه من تشوهات نفسية وفكرية وعقدية تضر بالمجتمع وتقوض دعائمه . إلي جانب التفكيك التنظيمي والفكري للإرهاب لابد من معالجة التشوهات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية التي تعاني منها الدولة المصرية ، وتفضي في النهاية إلي ظهور هذه الأمراض وتلك الأورام السرطانية .