سأل عارف بالله أحد مريديه لماذا ينفر البشر من الحديث عن الجحيم والعذاب ومع ذلك يفعلون كل مايجعلهم من أهل النار ومن المعذّبين فيها؟ لم يجب التلميذ أستاذه إجابة شافية ولم تقنع أستاذه ولكنها كانت كفيلة بانهاء الحوار وذهاب كلا منهما الى منزله والخلود فى نوم عميق . المعلم والتلميذ قضيا ليلهما فى حلم واحد يدور حول الكون قبل البدايات وقبل الحياة ، وفى الحلم نجد ملكا من السماء يوزع على البشر نصيبهم فى الدنيا قبل ان يهبط بهم إلى الأرض وفيها يقول لهم حقيقة أعمارهم وكم سيعيشون وكيف سيموتون .. بهجة الدنيا تجعل من فيها لايهتم بمتى سيحين موعد تركه الدنيا والذهاب إلى الأبدية ، وفى لحظة اقتراب الفراق يصرخ البشر رافضين القدر ، طامعين فى امتداد الحياة وطول العمر ، الأطفال يبكون ويطلبون المزيد من الحياة كى يشبعوا من امهم ويعيشوا ويكبروا ، الشباب يبررون مطالبهم بزيادة العمر بأنهم لم يأخذوا حظهم من مباهج الدنيا وزينتها ، أما الكبار فهم يقولون أنهم بحاجة لوقت أطول علهم يكفروا عن ذنوبهم وآخرين يرون أن عمرهم الطويل قضوا معظمه فى شقاء وفقر والآن عندما تزينت الدنيا وتبهرجت بالمال والفخامة كيف يتركها ويذهب زلى النهايات ..تنتهى هذه المنازعات بأن ينفذ ملك الموت ماجاء من أجله ويقبض الارواح ، ويأتى بغيرهم وغيرهم ، وتستمر الحياة ، ويستمر معها البشر فى رفضهم ، ومطالبتهم بالبقاء أطول وأكثر .يستيقظ المعلم وهو يردد حديثا عن أشهر خمس قوانين فى العالم وهي:
- قانون ميرفى والذى يؤكد أنه كلما إزداد خوفك من حدوث شىء ما ، فإن احتمالية حدوثه تزداد وربما تتحقق .
- قانون كيدلين وفيه نظرية ممنهجة تقول نتيجتها أنه اذا كتبت مشكلة بوضوح وبشكل محدد فقد حللت نصفها فعليا.
- قانون جيلبرت وفيه حقيقة راسخة وهى أنه عندما تتولى مهمة ما فإن ايجاد أفضل طريق لتحقيق النتيجة المرجوة يكمن فى أن تكون مسؤل دوما .
- قانون ويلسون وفيه نقول إنه إذا أعطيت الأولوية للمعرفة والذكاء فستستمر الأموال فى التدفق.
- قانون فوكلاند الذى يتبنى مفهوم يقول إنه إذا لم يكن عليك اتخاذ قرار بشأن ما فلا تتخذ أى قرار .
بهذه القوانين الخمسة استطاع المعلم أن يفند مارآه فى منامه ويتواءم مع واقعه ويستمر فى الحياة بينما انشغل التلميذ بالحلم وصار يسأل نفسه وكل من يقابله عن النهايات ، والخواتيم ، والجنة والنار ، وأيهما أكبر حجما ؟ وهل بقدر مايتسع الجحيم للمذنبين سيكون حجم الجنة بنفس الاتساع وبأنها ستفى بكل من حرصوا أن تكون مأواهم منذ بدء الخليقة وحتى نهايتها ، وتوزيع أصحابها فى أماكنهم الأبدية خالدين فيها!!
الحوار بين المعلم وتلميذه تناقله جيل لآخر وتوقفوا طويلا عما يجرى فى منطقتنا من صراعات ونزاعات وأطماع غربية ، ورغبة جامحة منذ القدم لدى الغرب بالاستلاء والسيطرة على كافة الثروات الطبيعية والتحكم فى شعوب المنطقة وإخراج من بينهم جيلا منفصلا عن جذوره الشرقيه متسلقا متعلقا بالهوية الغربية . توقف البعض عند قطاع غزة ومايجري فيه من حرب اسرائيلية تقترب من عام سبقها عقود من الاحتلال والذل الاسرائيلي لكل ماهو فلسطينى وعلل ذلك بأن اليهود أنفسهم فعلوا مع ذويهم اكثر من ذلك لخلق الرعب والاذعان لمن يقودهم.
فقد ذكر المؤرخ اليهودي يوسيفوس بن متى ، عن اول حركة ارهابية فى التاريخ واسمها حركة السيكارى اليهودية "الزيلوت" وكيف كانت تسمح بقتل التجار ورجال الدين اليهود انفسهم بهدف بث الرعب بين اليهود حتى أن قالوا للناس ….سمع لهم الناس .وأكد يوسيفوس بن متى ان هذه السياسة كانت سببا فى خراب الهيكل كمايزعمون ؛ وقال متى إن هؤلاء الشرذمة والتى اطلق عليها اليهود أنفسهم اسم " الخوارج "تسببوا فى خراب دولتهم بغباء افعالهم وحمق اسلوبهم وتصلب رأيهم ، وفى الخلاصة تيقن للعالمين بما يجرى فى غزة من حرب اسرائيلية شعواء ماهى الا تفسير لما قاله المؤرخ اليهودى بن متى بأن الحكومة الاسرائيلية بكامل عدتها تسير على نفس النهج الذى أنهى دولة اليهود القديمة ولم تكمل عامها الثمانين ؛ ليمضي قدما رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو على نهج السيكارى ويضع مسامير نعش دولته المزعومة . حلم الأبدية لايعيشه سوى اليهود ويودوا أن يعمر الواحد فيهم ألف سنة ليس حبا فى الحياة فقط ولكن لأن الدنيا هى جنتهم بينما هى جحيم المؤمن !!