فى فترة الثلاثينيات من تاريخ مصر ولعقدين بعدها وربما اكثر بقليل ؛ كان يوجد مسمى وظيفى " المسلياتى" هذه الوظيفة كانت معروفة فى الكباريهات ومسارح وسط البلد ، كان المِسليّاتى المتعارف عليه حينذاك رجل يصعد على المسرح بين وصلات الراقصات وكان يشغل وقت المشاهدين حتى تنتهى الراقصة من تغيير ملابسها استعدادا للوصلة الثانية ، المِسليّاتى كان يقوم بدور الفاصل فى عصرنا هذا او مايعرف بالانجليزية "بالبريك ".
المِسليّاتى كان يقوم بكل شىء وأى شىء من شأنه ألا يزعج المشاهد فى المسرح من غياب الراقصة ، فكان يقوم بالقاء النكات وعمل الافيهات واحيانا ان كان صوته مقبولا كان يغنى ، ليس هذا فقط بل كان أيضا يمثل ويرتجل ويسخر اذا أتيحت له الفرصة من شخصيات ومشاهد سينمائية ، ظل المِسليّاتى هكذا مطلوبا وله دور بل انه كان يملى شروطه لايمانه بأنه لايمكن الاستغناء عنه وبأنه مهم لاستمرار الراقصة فى اداء وصلتها وتغيير ملابسها فى الوقت الذى يحلو لها ويكفيها .
مر الزمان وتغيرت الظروف والاحوال وغزت التكنولوجيا كل شىء وأى شىء ولم يعد للمسلياتى بدوره السابق مكان ولا مكانة ، الا ان العالم الحديث وعلى رأسه الولايات المتحدة أعجبتها فكرة المِسليّاتى وعملت على تحديثها والاستفادة منها سياسيا واجتماعيا وبالطبع دوليا ، ورأينا فى كل مكان فى بؤر الصراع والنزاع مسلياتى على الطرية الانجلو امريكية .
فى الصراع الروسى الاوكرانى تقوم كييف بدور المِسليّاتى ولفت الانتباه حتى تتمكن واشنطن من تغيير بدلة الرقص وترتدى اخرى تقوم بدورها فى منطقة أخرى ، فى منطقة شرق آسيا هناك الكثير ممن يقومون بدور المِسليّاتى فبين الصين وابناءها غير الشرعيين كهونج كونج وسنغافورة هناك تايوان تستغلها الولايات المتحدة للقيام بدور المِسليّاتى امعانا فى ابعاد الصين عن التحالف الروسى وضرب مصالح القطب الاعظم هناك.
وايضا تقوم هونج كونج بهذا الدور ايضا ولكن بطريقة احترافية تمكنها من عدم اغضاب الدولة الام الصين وعدم خسران راعى الشر الاعظم فى العالم الولايات المتحدة . فتش فى كل بقاع العالم ستجد مسلياتى هادف مؤثر بصناعة امريكية محترفة ، واذا تجاهلت كل مسليات العالم فلن تستطيع ان تتجاهل او تغض بصرك عنهم فى منطقتنا منطقة الشرق الاوسط التى تمثل الشاغل الاعظم للانجلو امريكان استعمار جديد .
ففى كل مكان هنا ستجد المِسليّاتى الذى يخدم الاهداف الامريكية ويعمل جاهدا على القيام بدوره على أكمل وجه مرتديا كل الملابس المناسبة لكل وصلة وفقرة فهو على استعداد لارتداء عباءة الدين اذا طلب منه ذلك وكان مجديا فى وقته ، وعباءة التحرر والديمقراطية اذا مااقتضت الظروف ، وعباءة الربيع العربى فى حال مانضجت البساتين وكان قطافها ، لم تدخر واشنطن وداعيميها جهدا فى استغلال المسلياتى بما يخدم اهدافها ويحقق ماتصبو اليه وتتطلع ، المِسليّاتى هو من دمر العراق باسم اخد حقه وضم دولة اليه بوهم امريكى بأنها تقف بجانبه وتدعمه ، وهو ايضا مادمر سوريا وليبيا واليمن وهلم جرا.
وهو ايضا مايسعى سعيا دؤوبا لجر مصر الى مواجهات والزج بها فى طواحين الصراعات حتى تتوقف مسيرة البناء والتنمية فيها ، المِسليّاتى هو ايضا من لايريد الاستقرار فى الشرق الاوسط ويلهب الصراعات والاختلافات الفكرية والطائفية من أجل حماية اسرائيل ابنة امريكا والغرب المدللة .
المِسليّاتى فى هذا القرن وفى هذه المرحلة هو كل شيطان رجيم يبذل كافة الجهود الآثمة من أجل المزيد والمزيد من ضحايا وهم السعادة الشيطانية التى يصورها له ابليس المسمى بالمسلياتى وهو نفس الشخص الذى سيقول كما قال ابليس : دعوتكم فاستجبتم لى وانا برىء منكم . ياسادة ياقراء لابد أن تعوا وتعرفوا أن الغرب وتحركه الولايات المتحدة لن يهنأ له بال الا عندما يرى المسرح ملىء بالراقصات حتى يتمكن من تجنيد المزيد من المسلياتنيين ليواصل مسيرة الهدم والفناء ليبقى هو فقط ويستحق بجدارة لقب القطب الأوحد …. المِسليّاتى الحقيقى التاريخى كان فخورا بعمله فهل مسلياتى العصر الحالى كذلك ؟!