قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

حرب الجواسيس الكبرى.. إيران وإسرائيل في زمن الحروب الذكية.. تقرير

صورة تعبيرية لجهاز الموساد الاسرائيلي
صورة تعبيرية لجهاز الموساد الاسرائيلي

في زمن تخاض فيه الحروب من خلف الشاشات وبأدوات لا ترى، اندلعت بين طهران وتل أبيب واحدة من أشرس المواجهات الاستخباراتية في تاريخ الشرق الأوسط المعاصر. لم تكن حرب الأيام الـ12 مجرد تبادل للغارات والهجمات السيبرانية، بل كشفت الستار عن "حرب جواسيس" مستترة، يخوضها جهازا الموساد الإسرائيلي والاستخبارات الإيرانية على أرض ملتهبة، حيث باتت إيران مسرحًا لحرب استخباراتية مفتوحة. 

ومع انقشاع غبار المعارك، أعلنت السلطات الإيرانية اعتقال أكثر من 700 مشتبه بالتعاون مع الموساد خلال فترة الحرب بين 13 و23 يونيو الجاري، في واحدة من أكبر عمليات التطهير الأمني منذ الثورة الإيرانية عام 1979. 

وشملت الاعتقالات محافظات عدة أبرزها كرمانشاه وأصفهان وخوزستان ولرستان، كما جرى إعدام 3 أشخاص شنقًا في مدينة أورميا، بتهم تتعلق بتهريب معدات اغتيال وتقديم الدعم الاستخباراتي لإسرائيل. 

ووفق وكالة "ميزان" القضائية، فقد اتهمت طهران المدانين بـ"محاربة الله والإفساد في الأرض"، وهي تهم تستخدم عادة في قضايا التجسس والتخريب. وتوعد رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني إيجائي، بمزيد من "الإجراءات السريعة والحاسمة" ضد من وصفهم بـ"الطابور الخامس للعدو الصهيوني". لم تأتِ حملة الاعتقالات من فراغ. 

فبحسب تقارير غربية، كانت الضربة الإسرائيلية الاستباقية على إيران يوم 13 يونيو نتيجة اختراق استخباراتي هائل نفذه الموساد داخل العمق الإيراني. من تهريب آلاف الطائرات المسيرة والمتفجرات، إلى زرع خلايا نائمة وإخفاء أسلحة قرب منشآت عسكرية، عمل الموساد لسنوات على تفكيك البنية الأمنية الإيرانية من الداخل. 

وفي اليوم الأول للهجوم، نفذت إسرائيل أكثر من 100 غارة جوية باستخدام أكثر من 200 طائرة قاذفة، بعد استهداف أنظمة الدفاع الجوي الإيراني بطائرات مسيرة هجومية موجهة بدقة. وذكرت تقارير أن الطائرات المسيرة كانت مخبأة مسبقًا بالقرب من مواقع استراتيجية مثل قاعدة "إسفاجاباد" في طهران، وجرى تفعيلها عن بعد، ما أدى إلى مقتل قادة بارزين في الحرس الثوري، من بينهم الجنرال حسين سلامي، والعالم النووي فريدون عباس. 

ولم تقتصر الحرب على السماء. شنت إسرائيل حملة ترهيب نفسي مركزة ضد القادة العسكريين من الصف الثاني في إيران. وعبر مكالمات هاتفية باللغة الفارسية، تلقى أكثر من 20 جنرالًا رسائل تهديد مباشرة: :أمامك 12 ساعة للهرب مع عائلتك. نحن أقرب إليك من حبل الوريد."

وترافقت المكالمات مع رسائل مكتوبة وأوراق دست تحت الأبواب ورسائل للزوجات، في محاولات ممنهجة لزعزعة استقرار قيادة الحرس الثوري، ودفع القادة العسكريين للتخلي عن مواقعهم. ووسط هذه الحرب الخفية، عاد إلى الواجهة اسم علي رضا أكبري، نائب وزير الدفاع الإيراني الأسبق، الذي أعدم عام 2023 بعد إدانته بالتجسس لصالح بريطانيا ونقل معلومات إلى الموساد. 

وفق تحقيقات لاحقة، فقد كشف أكبري عن موقع منشأة فوردو السرية لتخصيب اليورانيوم، وأسهمت تسريباته في اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده عام 2020. حيث تم تجنيد أكبري من قبل المخابرات البريطاني عام 2004، ونجح في خداع المؤسسة الإيرانية العليا لأكثر من 15 عامًا، حتى سقط في قبضة وزارة الاستخبارات عام 2019. 

وأكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن طهران تخوض "معركة احتواء غير مسبوقة" ضد الموساد، وأن الحرب الاستخباراتية هذه كانت الأشد والأوسع في تاريخ الصراع بين الدولتين. وعلى الرغم من الهدنة المعلنة، فإن حرب الجواسيس بين إيران وإسرائيل لم تنته. بل ما كشفته الأيام الماضية يشير إلى أن ساحة المعركة انتقلت من المواجهة التقليدية إلى صراع أدمغة وشبكات وخداع استراتيجي. 

ففي هذه الحرب، قد لا تسمع أصوات الرصاص، لكن نتائجها تزلزل الدول، وتغير خرائط القوة من الداخل.