كشفت صحيفة التليجراف البريطانية أن حكومة جنوب السودان وافقت – في اجتماع لمجلس الوزراء – على استقبال فلسطينيين من قطاع غزة، وذلك في إطار صفقة جرى الترتيب لها بين إسرائيل والولايات المتحدة ودولة آخري.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بوزارة الخارجية في جوبا قوله إن الخطة، التي لم يعلن عنها رسمياً، تتضمن رفع العقوبات الأمريكية عن جنوب السودان، إلى جانب تقديم دعماً مالياً ضخماً يمثل طوق نجاة لأحد أفقر بلدان العالم، بينما ستلتزم إسرائيل بالاستثمار في قطاعات الصحة والتعليم داخل الدولة الإفريقية.
لكن المسؤول أقر بأن الصفقة تواجه معارضة قوية داخلية، وأن الحكومة تتجنب الاعتراف بها علناً نظراً لحساسيتها السياسية، مضيفاً: "جنوب السودان بلد صغير يعاني أزمات معقدة، ومن الصعب على شعبنا تقبل اتفاق من هذا النوع."
برلمان جنوب السودان يرفض
وأبري عدد من النواب في البرلمان الجنوبي رفضهم الصريح للخطة، حيث قال أحدهم للصحيفة: "نحن بالكاد نستطيع إطعام أنفسنا، فكيف نستقبل لاجئين جدد؟"، مؤكداً أن الأغلبية في البرلمان صوتت ضد الفكرة، وأنها سترفض مجدداً حال طرحها في الجلسات القادمة.
تزامن الكشف عن هذه الخطة مع زيارة نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي، شارين هاسكل، إلى جوبا لتوقيع مذكرة تفاهم حول "مشاورات ثنائية"، وذلك بعد أسبوع من زيارة نائب وزير الخارجية الجنوبي إلى تل أبيب.
وكانت وكالة أسوشيتد برس قد ذكرت، نقلاً عن ستة مصادر، أن المباحثات بشأن تهجير سكان من غزة إلى جنوب السودان قطعت شوطاً متقدماً، وهو ما يثير مخاوف دولية من محاولة إسرائيلية لـ إفراغ القطاع من سكانه تحت غطاء "الهجرة الطوعية".
نتنياهو يعيد طرح فكرة "النزوح الطوعي"
وجاء إعادة تسليط الضوء على الخطة بعدما ظهر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على شاشة التلفزيون مؤخراً، متحدثاً عن منح سكان غزة "فرصة لمغادرة مناطق القتال إذا رغبوا"، في مقارنة مع موجات النزوح في سوريا وأوكرانيا وأفغانستان.
غير أن منظمات دولية ودول عدة أكدت أن الظروف الإنسانية الكارثية في غزة، مع الدمار الواسع للبنية التحتية، تجعل أي نزوح بعيداً عن كونه طوعياً، بل يصنف كجريمة حرب.
البدائل المرفوضة
ووفق التليجراف، فإن مصر والأردن – باعتبارهما الجارتين المباشرتين لغزة – كانتا الخيار الأكثر منطقية لإسرائيل، لكنهما رفضتا بشكل قاطع أي ترتيبات لتوطين فلسطينيين، رغم ضغوط من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتابعت الصحيفة أن إسرائيل أجرت اتصالات مماثلة مع دول مثل إندونيسيا، ليبيا، إثيوبيا، الصومال وأرض الصومال، لكنها لم تثمر عن نتائج.
وحذرت التقارير الدولية من أن نقل المدنيين من منطقة منكوبة بالحرب إلى بلد يعاني بدوره من المجاعة والنزاعات، مثل جنوب السودان، لن يؤدي إلا إلى تعميق الكارثة الإنسانية، فضلاً عن تكريس اتهامات لإسرائيل بالسعي إلى هندسة ديموغرافية قسرية في غزة.