في واقع قروي تحكمه العصبية العائلية والقبَلية الاستقطابية، كان يتعامل بعض مرشحي المجالس النيابية مع المواطنين باعتبارهم مجرد كُتل تصويتية يتم توجيهها من جانب كبير العيلة أو شيخ البلد، الأمر الذي يخسف كليًا برأي المواطن الحُر وحقه الذي كفله له القانون، وأيدته كل الدساتير.
اليوم أصبح الواقع مختلفًا، والحاضر يوحي بمزيد من التنوع الانتقائي لدى أفراد العائلة بل والأسرة الواحدة، لا توجيه يمكن تعميمه على الجميع طالما أن هناك أجيالا فتحت لأنفسها نوافذ على العالم من كل قرية وكفر وعزبة وشارع.
المرشحون أنفسهم، كل من خاض التجربة ولم يخُضها، يعرف ماذا قدم لنفسه وأهل دائرته، وماذا طُلب منه وكم انتظروه، يعرف جيدًا أن كشف الحساب مفتوح ولم يُغلق يومًا واحدًا أمام سيل من الخدمات والمطالب والمشكلات العامة التي احتاجت مجرد نظرة مسؤولية أو صحوة ضمير في وقت ما.
ومن يحاول خداعك عزيزي الناخب، سيخبرك ضلالًا أن عضو المجلس النيابي إنما يقتصر دوره على الجانب التشريعي لا الخدمي، والحقيقة فإن النائب عن الشعب هو حلقة الوصل ما بين المواطن والمسؤول التنفيذي الذي تتلخص مهامه في خدمة المواطنين وتبسيط الحقوق المكفولة لهم وإيصال الخدمات إليهم.
لا تستمع لمن يراك صوتًا انتخابيًا فحسب، وليس مواطنًا يستحق أن يبذل الجهد والعناء في خدمتك، لا تستمع لمن يعتبرك واحدًا في غمار الحشد، وفردًا في قطيع كبير العيلة، وابن “الدايرة” الذي سيمنح صوته واجبًا وإجبارًا لقريبه الذي لا يستحق... لا تستمع لمن وعدكَ ولم يوَّفِّ وتوسَّل إليك يومًا ثم تذلَّلت له 5 سنوات.
والعجبُ أن كثيرًا من الوجوه المكشوفة التي تعيد الكَرَّة بالشعارات والوعود نفسها التي لم تُنفَّذ.. وكأن لنا ذاكرة السمك وذكريات الوهم والطموح.
سيصافحك على قارعة الطريق، أو يطرق بابك عزيزي المواطن، وجهٌ تغيَّرت ملامحه بفعل 5 سنوات مرَّت على آخر مصافحة.. لا تنسَ أن تسأله عن سبب الغياب!.. وفي الختام.. كُن ذا رأي.. تكن ذا قيمة.