في مشهد لم يكن أحد يتوقعه، تصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الفلسطيني محمود عباس واجهة قمة شرم الشيخ للسلام، بعد أن تبادلا مصافحة ودية أمام عدسات الصحافة، وذلك في لحظة بدت وكأنها نقطة تحول جديدة في العلاقة المتوترة بين واشنطن والسلطة الفلسطينية.
اللقاء، الذي جمع الزعيمين على هامش القمة التي حضرها أكثر من 20 قائدًا من مختلف دول العالم لإنهاء الحرب على غزة، حمل دلالات سياسية عميقة.
فقبل أسابيع قليلة فقط، كانت واشنطن قد رفضت منح تأشيرة دخول لعباس لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وهو قرار اعتبر حينها مؤشراً على تجدد القطيعة بين الجانبين.
لكن ما حدث في شرم الشيخ غير الصورة تمامًا. فقد صافح ترامب نظيره الفلسطيني بحرارة، وتبادلا حديثًا مطولًا أمام الكاميرات، قبل أن يربت الرئيس الأمريكي على يد عباس مبتسمًا، في مشهدٍ نادر عكس نوعًا من التقارب المفاجئ بعد سنوات من التوتر السياسي.
وخلال كلمته في الجلسة الافتتاحية، أشار ترامب إلى وجود عباس بين الحضور قائلاً: "من الجيد أن نراك هنا"، وسط تصفيق من الحاضرين.
وتلك الجملة البسيطة كانت كافية لتؤكد أن واشنطن تفتح بابًا جديدًا للحوار مع رام الله، بعد سنوات من التهميش السياسي الذي أعقب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة ووقف الدعم الأمريكي لوكالة الأونروا خلال الولاية الأولى لترامب.
وتشير صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى أن عباس بذل خلال العام الماضي جهودًا دبلوماسية لإعادة قنوات التواصل مع الإدارة الأمريكية، مستفيدًا من عودة ترامب إلى البيت الأبيض وسعيه لتثبيت صورته كـ“صانع سلام” في الشرق الأوسط.
كما كشفت الصحيفة أن رجل الأعمال اللبناني الأمريكي مسعد بولس – صهر ابنة ترامب تيفاني – لعب دورًا غير رسمي في تسهيل التواصل بين عباس وفريق ترامب، إلى جانب الأكاديمي الفلسطيني الأمريكي بشارة بحبح، اللذين ساعدا في إيصال رسالة شخصية من عباس إلى ترامب في يوليو الماضي.
ويرى مراقبون أن هذا التواصل الشخصي مهد الطريق للقاء الحار في شرم الشيخ، الذي وصفه مسؤولون أمريكيون بأنه “لحظة رمزية لإعادة بناء الثقة” بين الجانبين.
فقد أعلن ترامب الشهر الماضي عن خطة سلام جديدة من 20 بندًا لإنهاء الحرب في غزة، تنص على إدخال السلطة الفلسطينية في عملية إعادة الإعمار، شرط أن تمر بفترة من الإصلاح الداخلي قبل تولي أي دور إداري في القطاع.
وبينما يواصل الرئيس الأمريكي حراكه المكثف بين القاهرة وتل أبيب لحشد الدعم لوقف الحرب، اعتبر محللون أن مصافحة شرم الشيخ لم تكن مجرد مجاملة بروتوكولية، بل إشارة إلى مسار سياسي جديد قد يعيد واشنطن إلى قلب الملف الفلسطيني بعد سنوات من الغياب.