ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم من كنيسة السيدة العذراء والشهيد مار جرجس بمنطقة غبريال بالإسكندرية.
وصلى قداسته صلوات العشية، بمشاركة صاحبي النيافة الأنبا باڤلي الأسقف العام لكنائس قطاع المنتزه، والأنبا هرمينا الأسقف العام لكنائس قطاع شرق الإسكندرية، والقمص أبرآم إميل وكيل عام البطريركية بالإسكندرية والآباء كهنة الكنيسة وعدد من مجمع كهنة الإسكندرية، وخورس الشمامسة وأعداد كبيرة من شعب الكنيسة الذين امتلأت بهم الكنيسة.
وبعد انتهاء صلوات العشية رحب القمص رويس مرقس كاهن الكنيسة ووكيل البطريركية السابق بقداسة البابا ومشاركة فرحة أولاده.
وتحدث القمص رويس من خلال تعامله لسنوات طويلة مع قداسة البابا عن ثلاث صفات تميز بها قداستهد، وهي أنه: مصلي، غزير الثقافة والفكر المستنير، محب النظام والالتزام.
ومن جهته عبر نيافة الأنبا هرمينا عن ترحيبه بزيارة قداسة البابا لمنطقة غبريال واصفًا قداسته بالمبشر والكارز بالخيرات.
وقبل بدء العظة أعرب قداسة البابا عن سعادته بزيارته لكنيسة غبريال، لافتًا إلى أنه زارها كثيرًا ولها مكانة خاصة في قلبه، ووصف خدمتها بأنها خدمة مباركة مشيدًا بآبائها وخدامها وشمامستها وأراخنتها وهنأ قداسته بتذكار الأعياد السيدية (٢٩ من الشهر القبطي) الذي يحل غدًا، كما هنأ بقرب عيد النيروز وبدء عام قبطي جديد.
الانتظار والإيمان
وفي عظته استكمل قداسة البابا سلسلة "حكايات الشجرة المغروسة"، وتحدث اليوم عن موضوع "الانتظار والإيمان"، مشيرًا إلى الأصحاحين الرابع والعشرين من إنجيل معلمنا متى والثالث عشر من إنجيل معلمنا مرقس، وقرأ عددًا من آيات الأصحاح الرابع والعشرين من إنجيل متى، الأعداد (١١ - ١٤، ٢٤، ٣٤، ٣٥، ٤٢ - ٤٤)، واختصَّ هذين الأصحاحين لأنهما يتكلمان عن مجيء السيد المسيح.
وتناول قداسته عبارتين من قانون الإيمان، هما: "وأيضًا يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات، الذي ليس لملكه انقضاء"، "وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي"، وأوضح أن السيد المسيح في المجيء الأول تجسد وأخلى ذاته، أما في المجيء الثاني وهو مجيء العظمة ليدين الأحياء والأموات.
وشرح قداسة البابا: لماذا ننتظر حياة الدهر الآتي، كالتالي:
١- المسيح قام: تنتهي حياتنا على الأرض لكن سنقوم في اليوم الأخير، وإن لم يكن قد قام فباطل هو إيماننا، "وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ" (١كو ١٥: ٢٠).
٢- الموت صار عبورًا للأبدية: فالحياة على الأرض مؤقتة، "لأَنْ لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ، لكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ" (عب ١٣: ١٤).
٣- الله خلقنا للأبدية: الله أعدّ لكل منا نصيبًا في السماء، "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو ٣: ١٦).
٤- مجيء الديان: المسيح سيأتي ليفصل بين الأبرار والأشرار، ويكرم الأبرار، "لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا" (٢كو ٥: ١٠).
وقدّم قداسته كيف تحيا الكنيسة (الشجرة المغروسة) حياة الانتظار والإيمان، كالتالي:
١- "قبلوا بعضكم بعضًا": فالكنيسة تعطي فرصة في كل قداس أن نصطلح مع كل أحد في صورة قبلة مقدسة كتعبير سامي وراقي.
٢- "أيها الجلوس قفوا": كلمة قفوا تعني قفوا من الخطية، "طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ، وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ" (مز ١: ١)، فالوقوف علامة استعداد وانتظار.
٣- "إلى الشرق انظروا": الشرق هو موطن الضوء ومصدره، ولذلك تُبنى الكنائس في اتجاه الشرق، ومن الشرق يأتي المسيح، "لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ" (مت ٢٤: ٢٧).
٤- ليلة أبو غالمسيس: تبدأ الصلاة في الليل والذي يْمثل العالم، وتنتهي مع ظهور النور، وهذا تعبير مُصغّر لـ "وننتظر قيامة الأموات"، ونقرأ في هذه الليلة سفر الرؤيا كاملًا للاستعداد للأبدية، "«أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ»" (يو ٨: ١٢).
٥- حياة السهر: فالسهر هو وسيلة تعليم وانتظار، ففي خدمة نصف الليل نقرأ مَثَل العذارى الحكيمات والجاهلات، والفرق بينهم هو استغلال فرصة الوقت، "فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ" (أف ٥: ١٥، ١٦).
٦- "يُعطى عنا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لمَنْ يتناول منه": كلما نتقدم للتناول كأننا نتقدم نحو الأبدية، "مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ" (يو ٦: ٥٦).
وتناول قداسة البابا كيف نستعد للأبدية ونحن على أعتاب سنة قبطية جديدة، من خلال مراجعة النفس على أساس أربعة مبادئ، هي:
١- الأمانة: "كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ" (رؤ ٢: ١٠)، الأمانة في مختلف المجالات.
٢- المحبة: وتشمل: المسامحة ونسيان خطأ الآخر في حقي، "اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا" (١كو ١٣: ٨).
٣- الوقت: استغلال الوقت جيدًا في قراءة الإنجيل والحياة بالمبادئ الروحية، والاستفادة بالوقت في المجالات النافعة.
٤- خدمة الآخرين: التعبير عن محبة الآخرين بتقديم المساعدة وخدمتهم لإسعادهم.
وأوصى قداسته بقراءة الأصحاحين الرابع والعشرين من إنجيل معلمنا متى والثالث عشر من إنجيل معلمنا مرقس بروح الصلاة يوميًّا وحتى نهاية العام القبطي الحالي، وكذلك مراجعة النفس من خلال المبادئ الأربعة.







