في ظل اشتعال الجبهات وتحول الحرب الروسية الأوكرانية إلى نزاع إقليمي يهدد الاستقرار الدولي بأسره، تتزايد الأسئلة حول موازين القوى، ومستقبل الدعم الغربي لكييف، وحدود القدرة الروسية على الحسم، وفي هذا السياق أجرينا هذا الحوار الخاص في “صدى البلد”، مع فولفجانج بوسزتاي رئيس المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية الليبية وملحق الدفاع السابق في النمسا، الذي يقدم رؤية معمقة حول المسار العسكري والسياسي للحرب، وتأثيراتها المباشرة على النظام العالمي.
إلى نص الحوار..
هل مازال أمام موسكو القدرة على تحقيق نصر عسكري حاسم أم أن الصراع دخل مرحلة الاستنزاف الطويل؟
السيناريو الأكثر احتمالاً هو استمرار حرب الاستنزاف، فروسيا تسعى إلى إنهاك المقاومة الأوكرانية، خصوصاً على مستوى الموارد البشرية ومنظومات الدفاع الجوي. ومع أن اختراقاً كبيراً من جانب القوات الأوكرانية يبدو مستبعداً، فإن موسكو تفتقر أيضاً إلى قوات المناورة اللازمة لاستغلال مثل هذا الاختراق. لذلك، ينحصر الهدف العسكري الروسي في التقدم التدريجي خطوة بخطوة للسيطرة على كامل أراضي الأقاليم الأربعة شرقي أوكرانيا، بدلاً من تحقيق هزيمة شاملة للقوات الأوكرانية.
إلى أي مدى يستطيع الغرب الاستمرار في دعم كييف عسكريا واقتصاديا رغم الأزمات الداخلية التي تواجه أوروبا والولايات المتحدة؟
تعتمد أوكرانيا بشكل كامل على الدعم العسكري الغربي لمواجهة الغزو الروسي، ومن دونه قد ينهار دفاعها خلال أسابيع أو أشهر. هذا الواقع تدركه واشنطن والعواصم الأوروبية جيداً. وبالنظر إلى العواقب الجيوسياسية الخطيرة لانهيار أوكرانيا، فإن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سيواصلان هذا الدعم طالما كان ضرورياً.
جدير بالذكر أن أوروبا بدأت بالفعل في زيادة استثماراتها الدفاعية بصورة كبيرة، ما يمكّنها من الإبقاء على مستوى الدعم الحالي وربما زيادته.
هل هناك فرصة واقعية لتسوية سياسية بين موسكو وكييف، أم أن خيار التفاوض ما زال بعيداً؟
التسوية ممكنة، لكن بشروط ثلاثة، أولا، أن تتمكن أوكرانيا من صد التقدم الروسي، ثانيا، تفشل موسكو في الالتفاف على العقوبات لاستيراد التكنولوجيا الغربية، ثالثا، أن ينجح الغرب في ضرب قدرة روسيا على تمويل الحرب من خلال تقليص عائداتها من صادرات النفط والغاز.
حالياً، ما زالت روسيا تحصل على مكونات غربية عالية التقنية عبر دول وسيطة مثل تركيا، ما يتطلب إغلاق هذه الثغرات، كما أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 25% على الهند بسبب شرائها النفط الروسي يشكل ضغطاً كبيراً على نيودلهي، التي تعتمد اقتصادياً على الشراكة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وإذا انضم الأوروبيون إلى العقوبات الأميركية،وسيكون من الصعب على الهند مواصلة شراء الخام الروسي.
هذه الإجراءات، في حال اتسع نطاقها، قد تقوض قدرة روسيا على تمويل الحرب وتدفعها نحو مفاوضات جدية.
ما انعكاسات استمرار الحرب على النظام الدولي خاصة مع تنامي التحالف الروسي الصيني وتعميق الاستقطاب مع الغرب؟
التحالف الروسي الصيني ليس جديداً، والولايات المتحدة وأوروبا تدركان ذلك منذ سنوات، أما الاستراتيجية الأميركية منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، فتتمثل في الحصول على تعويض جزئي عن كلفة الدعم العسكري لأوكرانيا،و إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن لتحويل الموارد إلى المحيط الهادئ،وتجنب الإضرار بالمصالح الوطنية الأميركية.
وبما أن أوروبا مستعدة لتحمل العبء المالي، فمن المرجح أن تواصل واشنطن تزويد أوكرانيا بالأسلحة وتقديم الدعم الحيوي اللازم.