أجاب الشيخ إبراهيم عبد السلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤالٍ: هل صبغ اللحية جائز شرعًا؟، موضحًا أن النبي أمر بتغيير لون الشعر الأبيض، واستدل بما ورد حين جاء أبو قحافة والد سيدنا أبي بكر الصديق إلى النبي يوم فتح مكة، وكان شعره أبيض تمامًا، فقال له النبي: "غيّروا هذا الشيب واجتنبوا السواد".
صبغ اللحية
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء، خلال تصريح تليفزيوني، أن الفقهاء اختلفوا في حكم الصبغ باللون الأسود، فالأصل أن تكون الصبغة بغير الأسود مثل البني أو أي لون آخر، وهذا هو السُّنة، منوها أن استخدام اللون الأسود، فبعض العلماء أجازوه في حالات الضرورة الشرعية مثل الحرب، لإظهار القوة والشباب.
وأضاف أن صبغ الشعر الأبيض سواء في اللحية أو الرأس جائز شرعًا، وخروجًا من الخلاف يُستحب أن يكون بغير اللون الأسود، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الصحابة كانوا يغيّرون لون شعرهم، ومنهم سيدنا أبو بكر، وسيدنا عمر، وسيدنا الحسن، وسيدنا الحسين رضي الله عنهم جميعًا.
صبغ الشعر باللون الأسود
ولفت الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إلى أن الفقهاء اختلفوا في حكم الاختضاب -صبغ- بالسواد مع إجماعهم على جوازه في الحرب، ليظهر المجاهدون أكثر شبابًا وجَلَدًا وقوةً ليكون ذلك أهْيَبَ للعدو؛ فمنهم من قال بكراهته، ومنهم من قال بتحريمه فيما عدا الجهاد، ومنهم من رخّص فيه مطلقًا ورأى أنه لا حرج على فاعله.
وأشار «جمعة» في إجابته عن سؤال: «ما حكم صبغ الشعر بالسواد؟»، أن دليل من قال بتحريمه: فهو ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَكُونُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُونَ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» رواه أبو داود والنسائي.
وتابع: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أُتِيَ بأبي قحافة والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ» رواه مسلم في "صحيحه" وأبو داود في "سننه"، والأصل أن النهي يقتضي التحريم، والقائلون بالكراهة يحملون النهي هنا على الكراهة؛ لتعلقه بأمور العادات.
وواصل: وأما أصحاب الرأي القائل بالجواز فيستدلون بحديث صهيب الخير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا اخْتَضَبْتُمْ بِهِ لَهَذَا -أي للشيب- السَّوَادُ؛ أَرْغَبُ لِنِسَائِكُمْ فِيكُمْ، وَأَهْيَبُ لَكُمْ فِي صُدُورِ أعدَائكم» رواه ابن ماجه وحسَّنه البوصيري.
واستكمل: أنه قد اختضب بالسواد جماعةٌ من الصحابة؛ منهم سيِّدَا شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهما السلام وغيرهما، ولم يُنقل الإنكار عليهم من أحد، وكان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمر بالخضاب بالسواد ويقول: هو تسكينٌ للزوجة وأَهْيَبُ للعدو، وأجابوا عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق بأنه لا دلالة فيه على كراهة الخضاب بالسواد، بل فيه الإخبار عن قومٍ هذه صفتهم لا أنّ عدم وجدانهم رائحة الجنة بسبب خضابهم بالسواد.
وأفاد: بناءً على ذلك: فإن هناك اختلافًا بين الفقهاء بين الجواز وعدمه في مسألة الخضاب بالسواد، فلا حرج على مَن أخذ بأيِّ القولين، والأمر في ذلك واسع.