قبل ساعات من القمة النارية التي تجمع ميلان بيوفنتوس على ملعب أليانز ستاديوم في تورينو، ضمن الجولة السادسة من الدوري الإيطالي، خطف المدافع الأسطوري أليساندرو نيستا الأضواء بتصريحات نارية امتزجت فيها الواقعية بالحكمة، تحدث فيها عن وضع الروسونيري الحالي، وأداء نجمه الكرواتي لوكا مودريتش، ورأيه في أبرز عناصر الفريق قبل القمة المرتقبة.
نيستا، أحد رموز الدفاع في تاريخ ميلان والكرة الإيطالية، أكد في حواره مع صحيفة "لاجازيتا ديللو سبورت" أن ما يقدمه الفريق هذا الموسم يعكس حالة تنظيم وانضباط واضحة داخل النادي، مشيدًا بالمدير الرياضي تاري والمدير الفني ماسيميليانو أليجري، مؤكدًا أنهما ساهما في إعادة التوازن الفني والإداري إلى الفريق.
وقال نيستا: "في الدوري الإيطالي، يمكن أن تحدث مفاجآت كثيرة حتى الجولة الثامنة، لكن ما يقدمه ميلان الآن لم يفاجئني. تاري مدير رياضي خبير وشخصية رائعة، ووجوده إضافة مميزة للنادي. أما أليجري، فهو يعرف كيف يصحح الأمور ويضع كل لاعب في مركزه المناسب، وهذا ما يعيد النظام والانضباط إلى الفريق".
وعن المقارنة بين الجيل الحالي والجيل التاريخي الذي مثّله نيستا في حقبة الألفية الذهبية، أوضح: "لا، لا، يجب أن نكون واقعيين. جيلي وجيل اليوم مختلفان تمامًا. كان الدوري الإيطالي وقتها أقوى اقتصاديًا، وكان بإمكان الأندية تحمل تكلفة الأبطال الكبار. اليوم الوضع مختلف".
وحين سُئل عن رأيه في النجم الكرواتي لوكا مودريتش، الذي أصبح أحد أبرز عناصر ميلان هذا الموسم، قال نيستا: "رؤيته على أرض الملعب متعة حقيقية. لم نشاهد لاعبًا بهذه الجودة في سان سيرو منذ أيام أندريا بيرلو. إنه يمنح ميلان قوة هائلة في وسط الملعب، ويضيف للفريق بعدًا تكتيكيًا راقيًا. مع مودريتش، ميلان أكثر توازنًا وذكاءً بلا شك".
وأضاف نيستا معلقًا على أداء النجم الكرواتي ضد نابولي: "ما أدهشني في لوكا أنه لا يكتفي بصناعة اللعب، بل يركض كثيرًا، يدخل ويخرج، يقطع التمريرات ويستعيد موقعه بسرعة. لديه ذكاء كروي نادر، وهذا ما يجعله لاعبًا فريدًا. طالما الكرة في قدميه، يمكنه أن يستمر في اللعب حتى سن السبعين".
وفي سياق حديثه عن خط الوسط، أبدى نيستا إعجابه بالفرنسي أدريان رابيو، مشيرًا إلى أنه "لاعب يتمتع بمحرك مذهل، يغطي المساحات، يهاجم ويدافع بكفاءة عالية، ومع فوفانا يشكلان ثنائيًا متكاملًا يجمع بين القوة والذكاء والجهد المستمر".
وعن لاعبي الأطراف، قال: "أعجبني إستوبينان كثيرًا، خصوصًا بعد متابعتي له في برايتون تحت قيادة دي زيربي. إنه يحتاج فقط إلى مهام واضحة لينفذها بإتقان. أما ساليمايكرز، فلا يزال بحاجة إلى التطور في جوانب معينة من أدائه".
وفي ما يتعلق بخط الهجوم، عبّر نيستا عن إعجابه الشديد بالبرتغالي رافائيل لياو، قائلاً: "أنا من أشد المعجبين بلياو، وأتمنى دائمًا أن أراه في فريقي. إنه لاعب يصنع الفارق، لكن يجب على أليجري مساعدته على الحفاظ على ثبات مستواه. اللاعبون الموهوبون غالبًا لا يجمعون بين الأداء العالي والاستمرارية، لكن رافا قادر على تحقيق ذلك".
كما أشاد الأمريكي كريستيان بوليسيتش، موضحًا أنه "لاعب متعدد الاستخدامات، يمكنه اللعب على الأطراف أو خلف المهاجم أو داخل منطقة الجزاء. يمنحك خيارات كثيرة، يمرر ويسجل ويجري بلا توقف، لا يمكنك أن تطلب منه أكثر من ذلك".
ورغم إشادته الكبيرة بأداء الفريق، دعا نيستا جماهير ميلان إلى التحلي بالهدوء وعدم المبالغة في الأحلام، قائلاً: "الفريق مجهز لأي تحدٍ، لكن لا ينبغي وضع ضغوط مبالغ فيها بشأن الفوز بالاسكوديتو. لا أعتقد أنهم جاهزون لتحمل عبء اللقب هذا الموسم، لكن ذلك لا يعني أنهم غير قادرين على تحقيقه".
وعند سؤاله عن الفريق الأقرب للتتويج بالدوري هذا الموسم، قال: "إنتر ميلان يمتلك البنية الأفضل للتعامل مع ضغط البطولات المتعددة، سواء في أوروبا أو في الدوري المحلي. أما نابولي، فربما يعاني بسبب الإرهاق الناتج عن كثرة المشاركات، بينما إنتر يعرف كيف يفوز في المباريات الكبيرة ويتحمل الضغط".
ويستعد ميلان لمواجهة يوفنتوس في مباراة من العيار الثقيل، يدخلها الروسونيري بمعنويات مرتفعة بعد تحقيق سلسلة انتصارات متتالية، بدأت عقب الخسارة الافتتاحية أمام كريمونيزي، حيث فاز الفريق على ليتشي وبولونيا وأودينيزي ونابولي، إلى جانب تأهله إلى دور الـ16 من كأس إيطاليا عقب الفوز بثلاثية نظيفة على ليتشي في دور الـ32، ليضرب موعدًا مع لاتسيو مطلع ديسمبر المقبل.
أما يوفنتوس، فيدخل اللقاء بطموح استعادة الثقة بعد تراجع نتائجه في الأسابيع الأخيرة. فبعد بداية قوية بالفوز على بارما وجنوى وإنتر ميلان في ديربي مثير انتهى 4-3، تعثر الفريق دفاعيًا بشكل واضح، حيث استقبلت شباكه أربعة أهداف أمام بوروسيا دورتموند في مباراة مثيرة انتهت بالتعادل 4-4 ضمن دوري أبطال أوروبا.
قمة ميلان ويوفنتوس تُعد اختبارًا حقيقيًا لطموحات الفريقين في سباق الكالتشيو هذا الموسم، بين ميلان الباحث عن إثبات قدرته على العودة إلى منصات التتويج، ويوفنتوس الراغب في استعادة هيبته المحلية والأوروبية، بينما يترقب عشاق الكرة الإيطالية قمة لا تعرف الهدوء، يجتمع فيها التاريخ بالحاضر، والخبرة بالطموح.