قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

تعرف على مقياس النيل بأسوان.. عمره 7 آلاف سنة ومن المزارات السياحية.. شاهد

مقياس النيل
مقياس النيل

محافظة أسوان عاصمة الثقافة الإفريقية ، والتى تمتلك من المقومات الطبيعية والأثرية والثقافية والسياحية الفريدة والمتنوعة عبر العصور ، لتكون من أولى المحافظات التى لها تاريخ حافل يتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل .

ونستعرض أحد أبرز وأقدم أدوات القياس فى التاريخ البشرى ، وهو مقياس النيل الذى يعتبر من الشواهد الأثرية التى تحكى عبقرية المصريين القدماء فى فهم الطبيعة واستغلال مواردها، بين المعابد والمقابر التى تزين الجزيرة التى يوجد أسفلها هذا المقياس ، وله أسم فريد من نوعه حيث أنه يُعرف باسم "النيلومتر"، ويعود عمره إلى ما يقرب من سبعة آلاف عام، وظل شاهدًا على علاقة المصريين بالنهر الخالد منذ فجر التاريخ وحتى قيام الدولة الحديثة.

والنيلومتر، هو مصطلح يطلق على الصخور والكتل الحجرية التى كان يستخدمها القدماء المصريون لتحديد منسوب مياه النيل، خاصة فى مواسم الفيضان والجفاف، كان هذا المقياس أداة بالغة الأهمية فى حياة المصريين.

إذ من خلاله كانوا يحددون مواسم الزراعة، ويحسبون الضرائب المفروضة على المزارعين، بناءً على كمية المياه التى تصل إلى أراضيهم وكان الكهنة يتولون مراقبة هذه المقاييس بشكل يومى، ويسجلون ارتفاع أو انخفاض منسوب المياه فى سجلات دقيقة، باعتبار أن فيضان النيل هو شريان الحياة لمصر القديمة.

وظل المصريون القدماء فى عصورهم المختلفة، يستخدمون هذه المقاييس الموجودة فى أسوان، والتى عُرفت باسم "النيلو متر"، بينما امتد استخدامها لمزيد من العصور المتلاحقة عقب الأزمنة الفرعونية واستمر الاعتماد على هذه المقاييس حتى العصر الإسلامى.

مقياس النيل

وتنوعت أشكال "النيلومتر" عبر العصور، فمنها ما كان عبارة عن علامات منحوتة على ضفة النهر، ثم تطورت إلى آبار عميقة وسلالم حجرية مدرجة تقود إلى مستوى النهر، يقرأ منسوبها رئيس الكهنة الذى كان يمتلك معرفة علمية دقيقة بعلوم المياه والفلك وكانت تلك العملية ترتبط بالمعتقد الدينى، إذ كان المصريون يعتقدون أن زيادة مياه النيل هبة من الإله "حابى"، رمز الخير والخصب.

ومع بداية العصر الحديث، بدأ الاهتمام بالتحكم فى مياه النيل بشكل علمى وهندسى، ففى القرن الحادى عشر الميلادى استدعى الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله العالم العربى "ابن الهيثم" إلى مصر لتنظيم فيضان النيل، وبعد قرون طويلة، جاء محمد على باشا ليؤسس الدولة الحديثة ويقيم أول السدود والقناطر، ثم جاء الخديوى عباس حلمى الثانى ووضع حجر الأساس لخزان أسوان عام 1899، وتم افتتاحه رسميًا عام 1902، ليكون أول مشروع هندسى ضخم يتحكم فى مياه النيل.

ومع إنشاء السد العالى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1964، وانتهائه عام 1971، انتهى عمليًا عصر فيضان النيل الطبيعى، وأصبحت مقاييس النيل مجرد آثار من الماضى تروى قصة دولة عاشت على ضفاف النهر آلاف السنين.

ولهذا فإن مقاييس مياه النيل تعتبر من أهم الاختراعات فى التاريخ المصرى القديم، إذ كانت تحدد مصير البلاد اقتصاديًا وزراعيًا، فإذا ارتفع منسوب المياه بشكل كبير كان يعنى فيضانًا يهدد الأراضى والمنازل، وإذا انخفض كان يعنى جفافًا ومجاعة.

وكانت هذه المقاييس تمثل نظام إنذار مبكر لحياة المصريين القدماء، واستمرت فى الاستخدام حتى القرن العشرين قبل أن تتوقف مع بناء السدود والخزانات الحديثة ، ولذا فيعد مقياس النيل فى أسوان من المزارات السياحية المهمة التى تجذب الباحثين والمهتمين بالعلوم والتاريخ المصرى القديم.