في ظل سعي الدولة المصرية لتعزيز الصناعة المحلية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، يشهد قطاع الهواتف المحمولة تحولًا نوعيًا، حيث اتجهت العديد من الشركات العالمية لتصنيع منتجاتها داخل مصر، مستفيدة من التسهيلات الحكومية والدعم الجمركي.
هذه الجهود أسفرت عن تصنيع ملايين الأجهزة محليًا، مع الحفاظ على معايير الجودة العالمية، ما يشكل بداية مرحلة جديدة من الاكتفاء الذاتي التكنولوجي.

السوق المصري: أكثر من 25 مليون هاتف سنويًا
أكد المهندس محمد إبراهيم، رئيس التفاعل المجتمعي بجهاز تنظيم الاتصالات، أن السوق المصري يستهلك ما يزيد عن 25 مليون هاتف محمول سنويًا، ما يجعله واحدًا من أكبر الأسواق في المنطقة. وأوضح أن النسبة الكبرى من هذه الهواتف – تصل إلى 90% – كانت تأتي عن طريق الاستيراد، وهو ما يمثل عبئًا على الميزان التجاري للدولة.
دعم الصناعة المحلية: 14 مصنعًا يدخلون المنافسة
وأشار المهندس محمد إبراهيم إلى أن مصر تشهد حاليًا نموًا متسارعًا في تصنيع الهواتف المحمولة محليًا، حيث بلغ عدد المصانع المشاركة في هذه النهضة 14 مصنعًا، تعمل بتقنيات مطابقة للمعايير العالمية، وتستفيد من الإعفاءات الجمركية لتقديم منتجات بأسعار منافسة.
تصنيع بنفس الجودة.. وبدون جمارك
أحد أبرز الدوافع لهذا التوسع في التصنيع المحلي هو إعفاء المواد الأولية والمكونات من الرسوم الجمركية، ما يقلل التكاليف ويتيح للمستهلكين شراء أجهزة بأسعار أقل دون التضحية بالجودة. ويؤكد جهاز تنظيم الاتصالات أن الأجهزة المصنعة محليًا تخضع لرقابة جودة صارمة لضمان تطابقها مع المواصفات العالمية.

القواعد الجمركية للمسافرين: لا جديد ولكن توضيحات مهمة
في ما يتعلق بالقواعد الجمركية للمصريين العائدين من الخارج، أوضح إبراهيم أن النظام المعمول به منذ بداية العام لم يتغير: يُسمح بإدخال هاتف محمول واحد فقط بدون رسوم جمركية، بشرط تسجيله في المطار عند الوصول. أما أي أجهزة إضافية فتُفرض عليها رسوم وضرائب يمكن سدادها إلكترونيًا خلال فترة سماح تمتد إلى 90 يومًا.
هدف المنظومة: حماية السوق وتشجيع التصنيع المحلي
تهدف هذه السياسات إلى تقليل تهريب الأجهزة المحمولة وحماية السوق من العشوائية، بالإضافة إلى تحفيز المستهلك على التوجه نحو المنتجات المصنعة محليًا. كما تساهم هذه الإجراءات في خلق فرص عمل، وتوطين التكنولوجيا، ودفع الشركات العالمية للاستثمار داخل السوق المصري.

6 ملايين هاتف محلي: طفرة غير مسبوقة في التصنيع
أبرز ما كشفه المهندس محمد إبراهيم في مداخلته مع برنامج "حديث القاهرة"، هو أن أكثر من 6 ملايين هاتف محمول تم تصنيعها داخل مصر منذ بداية عام 2025 لصالح شركات عالمية. هذا الرقم يُعد قفزة كبيرة وغير مسبوقة في تاريخ صناعة الإلكترونيات في مصر، ويعكس مدى نجاح السياسات الحكومية في جذب الاستثمارات وتحقيق الاكتفاء الذاتي التدريجي.
انخفاض الأسعار وتحسن التنافسية
نتيجة لهذه الطفرة في الإنتاج المحلي، شهد السوق المصري انخفاضًا في أسعار العديد من الطرازات، مما ينعكس إيجابيًا على المستهلك. كما أصبحت الهواتف المحلية خيارًا جاذبًا للعديد من الفئات، خاصة مع ضمان الجودة وخدمات ما بعد البيع المعتمدة.
رقابة صارمة لضمان التزام الجميع
شدد جهاز تنظيم الاتصالات على أن جميع المتعاملين في سوق الهواتف المحمولة يجب أن يلتزموا بالقوانين والضوابط المُعلنة. وأكد المهندس إبراهيم أنه يتم استخدام وسائل فنية وتقنية متطورة لاكتشاف أي محاولات للتهرب أو التلاعب، بما يحمي المستهلك من الغش التجاري، ويحافظ على استقرار السوق.