كشفت صحيفة "حرييت" التركية عن كواليس مثيرة من القمة التي عُقدت في شرم الشيخ، والتي جمعت قادة الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر لبحث التسوية السلمية في قطاع غزة، مشيرة إلى أن المفاوضات كادت تتعثر في لحظاتها الأخيرة بسبب "كلمة واحدة" في نص الاتفاق المشترك.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير كتبه الصحفي عبد القادر صلفي المقرب من الدوائر الحكومية التركية، أن أنقرة أصرّت على تعديل صياغة الوثيقة حتى اللحظة الأخيرة قبل التوقيع، معتبرة أن إحدى العبارات في النص الأصلي لم تعكس موقفها بدقة تجاه بعض بنود التسوية.
ووفق التقرير، فإن المفاوضات استمرت حتى الدقائق الخمس عشرة الأخيرة من القمة، بعد أن طلب الوفد التركي استبدال الكلمة محل الجدل بأخرى أكثر اتساقًا مع رؤيته السياسية.
وكتب صلفي في عموده بالصحيفة: "في الساعة السابعة صباحًا، أُبلغ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بأن النص النهائي جاهز، لكن بعد وقت قصير نشبت أزمة بسبب كلمة واحدة، واستمر النقاش حولها حتى قبل انتهاء القمة بدقائق". وأضاف أن "إصرار الجانب التركي أدى في النهاية إلى حذف تلك الكلمة واستبدالها بأخرى اقترحتها أنقرة".
ورغم امتناع "حرييت" عن كشف الكلمة التي كانت محور الخلاف، إلا أن التقرير أشار إلى أن الأزمة عكست حساسية المفاوضات ودقة التوازنات السياسية بين الأطراف المشاركة في القمة.
ويُذكر أن الاجتماع انتهى بتوقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، على وثيقة شاملة تهدف إلى وضع إطار دائم للتسوية السلمية في قطاع غزة، بما يشمل وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار وضمانات أمنية متبادلة.
نجاح مصر في قيادة قمة شرم الشيخ واتفاق غزة
وجاء انعقاد قمة شرم الشيخ تتويجًا لجهود دبلوماسية مكثفة قادتها مصر خلال الأشهر الأخيرة بهدف إنهاء الحرب في قطاع غزة وإرساء مسار سياسي جديد يعيد الاستقرار إلى المنطقة.
فقد نجحت القاهرة، عبر اتصالاتها المتواصلة مع واشنطن وأنقرة والدوحة وتل أبيب، في جمع الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة على طاولة واحدة، بعد سلسلة من المشاورات المكوكية التي مهدت الطريق للتوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار وإطلاق عملية إعادة إعمار غزة تحت إشراف مصري مباشر.
ويُعد نجاح القمة انعكاسًا لمكانة مصر الدبلوماسية ودورها المحوري كوسيط رئيسي في الملفات الفلسطينية، إذ تمكنت من تحقيق توافق نادر بين أطراف متباينة المصالح، بما في ذلك الولايات المتحدة وتركيا وقطر.
كما أكدت القمة على الرؤية المصرية القائمة على الحل السياسي الشامل، ورفض سياسات التصعيد والعقاب الجماعي ضد المدنيين في القطاع، مع التركيز على ضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل دائم وآمن.
وأشاد مراقبون دوليون بكفاءة التنظيم المصري للقمة وبالقدرة على إدارة الخلافات داخل الجلسات المغلقة وصولًا إلى توقيع الوثيقة النهائية، التي وُصفت بأنها خطوة تاريخية نحو إعادة بناء الثقة بين الفصائل الفلسطينية والدول الداعمة، وفتح صفحة جديدة من التعاون الإقليمي في الشرق الأوسط.