أكد السفير عاطف سالم، سفير مصر السابق لدى تل أبيب، أن إسرائيل تعيش اليوم عزلة دولية غير مسبوقة، في ظل تزايد الإدانات العالمية لسياساتها ضد الشعب الفلسطيني، وتراجع صورتها أمام المجتمع الدولي.
وقال عاطف سالم، لـ “صدى البلد”، إن القيادة الإسرائيلية لم تكن تدرك حجم تأثير الرأي العام العالمي، وكانت ترى أن الحملات الشعبية والتحركات في الشارع لا تؤثر في قرارات الحكومات.
لكن المفاجأة، بحسب قوله، ظهرت عندما انسحبت 77 دولة من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، احتجاجا على الانتهاكات الإسرائيلية، وهو ما اعتبره “تحولا نوعيا يعكس أن الموقف الدولي لم يعد مجرد تعاطف شعبي، بل موقف رسمي تتبناه حكومات العالم بلغتها الدبلوماسية الواضحة”.
وأشار السفير المصري السابق إلى أن أكثر من 80% من دول العالم تعترف اليوم بدولة فلسطين، موضحا أن هذا الاعتراف، وإن كان رمزيا في بعض الحالات، إلا أنه “يمثل تحولا جوهريا في النظرة الدولية للقضية الفلسطينية”.


وأضاف: “هذا الاعتراف يرسّخ وجود كيان فلسطيني في الوعي الدولي، ومع مرور الوقت سيتحول إلى علاقات دبلوماسية وسفارات وتعاون اقتصادي وتجاري، إنها خطوة على طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة”.
وتابع سالم، أن الداخل الإسرائيلي يشهد تراجعا خطيرا في الثقة بالمستقبل، مشيرا إلى تصاعد معدلات الهجرة العكسية خلال الشهور الأخيرة.
وأوضح أن نحو 79 ألف إسرائيلي غادروا البلاد خلال الأشهر الستة الماضية، مقابل 21 ألفا فقط من المهاجرين القادمين، بينما بلغ عدد المغادرين العام الماضي نحو 280 ألف شخص، وهو ما يعكس على حد وصفه “هروب العقول الشابة والمتعلمين، خصوصا العاملين في قطاع التكنولوجيا”، معتبرا ذلك مؤشرا على أزمة داخلية عميقة تهدد استقرار المجتمع الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بالتطورات الإقليمية، قال السفير عاطف سالم، إن ما حدث في الدوحة مؤخرًا شكّل جرس إنذار داخل الإدارة الأمريكية، بعد الكشف عن ارتباطات مالية ومصالح اقتصادية بين شخصيات أمريكية نافذة وقطر.
وأضاف أن هذا الوضع “أثار قلق بعض الدوائر داخل واشنطن”، مما دفعها إلى ممارسة ضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإعادة النظر في بعض الملفات السياسية المرتبطة بالمنطقة.
وكشف سالم أن ذلك التطور دفع إلى عقد اجتماع مغلق ضم توني بلير، وجاريد كوشنر، وديرمر وعددا من المستشارين، بهدف إعادة تقييم الخطة السياسية الخاصة بالشرق الأوسط.
وأوضح أن الاجتماع خلص إلى إعداد نسختين من خطة العمل، عُدّلتا لاحقًا في لقاء استمر ست ساعات بحضور ترامب، حيث أضيفت بنود جديدة تتعلق بـ"أفق سياسي لدولة فلسطينية مستقبلية".
وفي ختام حديثه، أشار السفير عاطف سالم إلى أن الملف الفلسطيني وخاصة غزة ظل دائما حاضرا في الذهنية الإسرائيلية، لافتا إلى تصريحات وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني عام 2007، التي أعلنت فيها أنها ستطرح في اجتماعات الناتو ملفي إيران وغزة، مؤكدة أن غزة تمثل عبئا مزمنا لإسرائيل، وأنها تسعى لتنسيق يسمح بتدخل عسكري “تحت غطاء السلام”.
وقال سالم: “منذ ذلك الحين لم يتغير التفكير الإسرائيلي كثيرا، لكن العالم تغيّر من حولهم، اليوم هناك وعي دولي جديد، وهناك عزلة حقيقية تحاصر تل أبيب، بينما يزداد الاعتراف بشرعية الحق الفلسطيني يوما بعد يوم”.