قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

بلال قنديل يكتب: نظرية المؤامرة

بلال قنديل
بلال قنديل

في حياتنا دايما بنقابل الشخص اللي عايش طول الوقت في دور المظلوم. مهما يحصل، شايف ان في حد ضده، وان الدنيا متآمرة عليه، وان كل موقف بيعدي له تفسير واحد بس وهو ان الناس واقفة له بالمرصاد. الشخصية دي مش محتاجة كتير علشان تكشفها، لانها بتفضح نفسها بنفسها اول ما تتعامل معها شوية.

هو الشخص اللي لما حد مايردش عليه يبقى بيتجاهله، ولو زميله اتكرم يبقى باين انه كان مقصود يتشال هو، ولو المدير اتكلم بنبرة عادية يبقى المدير بيبص له نظرة عداء. حياته كلها سلسلة من سوء الظن اللي هو مقتنع انه "فراسة".
الغريب انه مقتنع ان الناس فاضية ومكرسة وقتها كله لإسقاطه، بينما الحقيقة ان محدش واخد باله منه اصلا.

الشخص ده لو شغال في مكان، تلاقيه كل يوم داخل بحكاية جديدة:
حد بيحاربه، حد بيغير منه، حد مدبر له حاجة، حد بيوقعه.
ولو حصل نجاح لغيره، بدل ما يبص ياخد عبرة او يفهم هو قصر في ايه، يقعد يدور على السيناريو اللي يثبت انه اتظلم.
وبكده يريح دماغه من مواجهة نفسه.

ازاي تكشفه وتعرف حقيقته
الموضوع بسيط.
اي موقف يتحول عنده لقصة درامية فيها مجرمين وهو البطل الوحيد اللي بيتعرض للمكائد.
مفيش مرة هتسمعه بيقول: "انا غلطت".
دايما الجملة المعروفة: "هم اللي عملوا"، "هم اللي قصدوا"، "هم اللي منعوني".
ولو سألته شوية اسئلة بسيطة عن "ليه" و"ازاي" و"فين الدليل" تلاقي الكلام وقع، ويبدأ يدخل في لف ودوران.

كمان الشخص اللي عايش في نظرية المؤامرة بيبقى مركز مع الناس اكتر ما هو مركز في نفسه.
تلاقيه حافظ الناس قالت ايه، عملت ايه، اتكلمت مع مين، وبتغيب قد ايه.
بس مش حافظ حاجة عن شغله، ولا عن حياته، ولا عن اللي المفروض يعمله.
لان عقله مشغول بالناس مش بالمستقبل.

في النهاية الشخصية دي بتعيش في سجن هي اللي بنته.
سجن اسمه الشك.
والمصيبة انها بتخسر احترام الناس واحدة واحدة، لان اللي حواليه مع الوقت بيكتشفوا ان المشكلة مش في مؤامرة ولا في حد ضده، المشكلة في تفكيره هو.

الحياة مش دايما بتدّي، وده طبيعي.
بس مش طبيعي ان كل حدث يتحول لمعركة وهمية، وكل خلاف يبقى خيانة، وكل اختلاف يبقى مؤامرة.
اللي عايش كده مش بيشوف الحقيقة، بيشوف بس اللي مخه عايزه يشوفه.
واللي عايز يعيش مظلوم، عمره ما هيشوف نفسه مسؤول عن اي حاجة.
وفي النهاية، مفيش حد بيحارب الشخص ده قد ما هو بيحارب نفسه.