في واقعة نادرة أثارت دهشة العلماء ومحبي الفضاء، عاد القمر الصناعي الأمريكي LES-1 إلى إرسال إشارات من الفضاء بعد أكثر من خمسين عاماً منذ فقدانه.
تعتبر هذه القصة أحد أكثر الأحداث غرابة في تاريخ استكشاف الفضاء، حيث أُطلق القمر عام 1965 كجزء من مشروع مشترك بين سلاح الجو الأمريكي ومختبر لينكولن التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
قصة القمر LES-1
بدأت قصة LES-1 في عام 1963 عندما أطلق مختبر لينكولن برنامجاً طموحاً تحت اسم مشروع "ويست فورد". هذا البرنامج كان يهدف إلى تطوير أنظمة اتصالات عسكرية عبر الأقمار الصناعية، وأسفر عن سلسلة من الأقمار التجريبية، كان LES-1 هو الأول من بينها.
تم تصميم LES-1 لاختبار إمكانيات الاتصال عبر الترددات العالية في الفضاء، إلا أن انقطاع في توصيل الدوائر الكهربائية لنظام الدفع أدى إلى انحراف القمر عن مساره.
نتيجة لذلك، توقفت أنظمته عن العمل بعد عامين من الإطلاق، ومع مرور الوقت تم اعتباره مجرد خردة فضائية تدور بلا فائدة في مدار الأرض.
اكتشاف الإشارة الغامضة
في عام 2013، رصد عالم الفلك الراديوي البريطاني فيل ويليامز إشارة غامضة مصدرها الفضاء، وتبين لاحقاً أنها قادمة من القمر LES-1 نفسه. وصف ويليامز هذه الإشارة بأنها ذات طابع "شبحـي"، حيث تتذبذب قوتها كل أربع ثوانٍ نتيجة دوران القمر حول محوره.
هذا الدوران يجعل الألواح الشمسية تتعرض لأشعة الشمس بشكل متقطع، مما يؤدي إلى تغيير شدة التيار الكهربائي الذي يغذي جهاز الإرسال.
أثارت هذه العودة غير المتوقعة فضول العلماء، مما دفع فريقاً من مختبر لينكولن إلى مراقبة القمر وإعادة تتبع إشاراته كلما مر فوق المختبر الذي صُمم فيه قبل عقود. أطلق العلماء على هذا القمر لقب "القمر الزومبي"، للدلالة على قدرته على "العودة إلى الحياة" بعد عقود من السكون التام.
الغموض وراء الظاهرة
يبقى السبب وراء هذه الظاهرة لغزاً علمياً، لكن التفسير الأكثر شيوعاً يشير إلى حدوث قصر كهربائي داخلي بسبب تحلل البطاريات أو المكونات الإلكترونية. هذا التحلل قد سمح للطاقة المولدة من الألواح الشمسية بالوصول مباشرة إلى المرسل وتشغيله مجددًا.
في تعليق له، قال نافيد يزداني، رئيس مجموعة أنظمة الاتصالات الفضائية المتقدمة في مختبر لينكولن، إن "LES-1" يعد أحد أقدم الأقمار الصناعية في الفضاء، ورؤيته لا تزال تبث إشارات بعد كل هذه السنوات يعتبر أمراً مذهلاً.
بحسب العلماء، لا تعتبر قصة LES-1 مجرد حادثة غريبة؛ بل هي تذكير بمتانة التكنولوجيا المبكرة وقدرتها على الصمود رغم الزمن والبيئة القاسية للفضاء. كما تُعتبر رمزاً لجذور تطور الاتصالات الفضائية التي مهدت الطريق لعصر الأقمار الحديثة.