أكدت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية أن الأصل في صلاة الوتر أن تُؤدى في ختام صلاة الليل، استنادًا إلى ما ورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا". وأوضحت اللجنة أن هذا التوجيه النبوي يدل على أن الوتر هو ختام صلاة الليل، غير أن السنة جاءت أيضًا بما يثبت جواز الصلاة بعد الوتر لمن شاء.
وأضافت اللجنة أن الأحاديث الصحيحة بينت جواز صلاة الليل بعد الوتر، حيث روت السيدة عائشة رضي الله عنها في مسند الإمام أحمد: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس"، مما يدل على جواز الصلاة بعد أداء الوتر، وأن هذا الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم كان لبيان الجواز وليس للمواظبة عليه.
وأشارت اللجنة إلى ما ورد في كتاب تحفة المحتاج، إذ جاء فيه: "يُستحب ألا يتعمد المسلم صلاةً بعد الوتر، وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر وهو جالس فكانت لبيان الجواز، والأفضل أن يجعل آخر صلاة الليل وتراً".
كما نقلت اللجنة عن الإمام ابن حزم في كتاب المحلى قوله: "الوتر آخر الليل أفضل، ومن أوتر أوله فحسن، والصلاة بعد الوتر جائزة ولا يعيد وتراً آخر"، بينما أكد الإمام النووي في المجموع أن "من أوتر ثم أراد أن يصلي نافلة في الليل جاز بلا كراهة ولا يعيد الوتر".
وعلّق على صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر بأنها كانت لبيان الجواز فقط.
وبيّنت اللجنة أن الأفضل للمسلم أن يحدد وقت وتره بحسب حاله، مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: "من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل".
فضل قيام الليل
وفي سياق متصل، أوضحت دار الإفتاء المصرية أن قيام الليل عبادة عظيمة حثّ عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، لما فيها من فضل وأجر كبير. واستشهدت الدار بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الطبراني: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد".
وأضافت دار الإفتاء أن قيام الليل يمنح الإنسان فرصة للتقرب من الله تعالى والتعرض لنفحاته، مستدلة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول، فيقول: أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر".