قبل ساعات من افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يضم مايقرب من 5 آلاف قطعة أثرية من الحضارة الفرعونية بينها مقتنيات مقبرة الملك توت عنخ أمون، لابد أن نلقي الضوء على أحد الشخصيات المصرية الأصيلة التي لولا جهودها لما بقيت كنوز عنخ أمون موجودة إلى الآن لتعرض في أكبر متحف في العالم.
هذه الشخصية المصرية هو الوزير المصري مرقص حنا باشا الذي تصدى لسرقة هذا الكنز العظيم من قبل مكتشفه هوارد كارتر مكتشف المقبرة الذي حاول الاستيلاء على نصف مقتنياتها لولا وقوف مرقص باشا في وجهه رغم الضغوط الإنجليزية وإقامة الكثير من القضايا ضده إلا أن إرادة مصر تحققت لتبقى هذه الآثار خالدة إلى الآن لتعرض في أعظم متاحف العالم هو المتحف المصري الكبير.
حكاية الوزير المصري
ولنسلط الضوء على هذا البطل والزعيم، نسرد في السطور التالية قصته فلولا مرقص حنا باشا لسرقت مقبرة توت عنخ آمون الذي لا يذكره أحد ولا يتذكر فضله أحد رغم تداول قصة اكتشاف المقبرة في الإعلام المصري دون أن يذكر أبدآ اسمه.
فمرقص حنا باشا كان وزير الأشغال وقت اكتشاف المقبرة وكانت الآثار تتبع وزارة الأشغال وقتها، وثار ثورة عارمة عندما منع هوارد كارتر ــ مكتشف المقبرة ــ المصريين من دخول المقبرة بعد اكتشافهابسبب نية كانت مبيتة لنهب الآثار التي لا يوجد مثلها علي الكوكب وأصغر وأقل تحفة تساوي ثروة طائلة.
وهنا أمر مرقص حنا باشا بفرض حراسة فوراً علي المقبرة وتكليف ضباط ومفتشين آثار مصريين يفتشون كل واحد يدخلها ويخرج منها حتي هوارد كارتر نفسه، فثارت الجرائد العالمية والإنجليزية خاصة ثورة عارمة عليه في وقت كانت بريطانيا العظمي تحكم مصر والعالم كله.
وقال مرقص باشا: "عايزين مندوبيهم وصحفييهم الانجليز يدخلوا ويخرجوا المقبرة براحتهم وسط الكنوز والتحف والدهب الملقاة في كل مكان عايزينها ميغة زي ما حصل في بقية المقابر اللي نهبت واتباعت لمتاحف العالم".
ولم يهتم الباشا ولم يرضخ بل شدد الحراسة ومنع دخول الأجانب إلا بتصريحات خاصة مختومة بخاتم الوزارة مع تفتيش دقيق من الحرس المصري علي باب المقبرة.
وأمر مرقص حنا باشا بتسجيل كل أثر وكل تحفة في المقبرة رغم أنف كارتر وحفظها لمصر وللمصريين وكل مجموعة آثار وتحف تسجل تنقل تحت حراسة مشددة من الشرطة المصرية للمتحف المصري في القاهرة لضمان تأمينها وسلامتها.
من هو مرقص حنا باشا
وعن من هو مرقص حنا باشا ابن القمص الذي دافع عن توت عنخ امون :

- فهو أحد رموز مصر لمدة نحو 50 عاما فقد ولد بالمنصورة سنة 1872 وتوفي سنة 1934 وبينهما خدم وطنه بكل ما يملك من جهد.
- والده كان قمصاً بكنيسة طنطا وعلم ابنه مرقص في باريس ثم عمل في سلك القضاء بأسيوط التي كانت عاصمة الصعيد وتزوج هناك وطلبت زوجته منه أن يترك الوظيفة الميري ويعمل محامياً مستقلا.
- وفعلاً استجاب لها مرقص حنا وعمل محامياً باسيوط وذاعت شهرته في مصر كلها ونقل عمله بعد ذلك إلي القاهرة وفتح مكتباً للمحاماة في الفجالة.
- ومع نجاحه كمحام كان يقوم بدور وطني في حزب مصطفي كامل ثم انضم لسعد زغلول باشا وكان من الرعيل الأول من قيادات الوفد وفاز بأغلبية عن دائرة الأزبكية في أول انتخابات برلمانية.
- وأيضاً كان له نشاط نقابي فكان عضواً في أول نقابة للمحامين ثم اختير لست سنوات ليكون نقيباً للمحامين.
- وكان مشجعاً للتعليم وعضواً في مجلس الجامعة الأهلية المصرية ومؤسساً لكلية البنات القبطية واختير وزيراً ثلاث مرات؛ مرة وزيراً للأشغال ثم للمالية ثم للخارجية ولم يترك المحاماة طبعاً وكانت له قضايا شهيرة انتصر فيها للحق
- حُكم عليه بالاعدام مع رفقاءه الذين حلوا مكان سعد زغلول ومن نفي معه إلي جزيرة سيشل وخفف الحكم عليه إلي 7 سنوات ثم أفرج عنه مع الوفديين بعد عدة شهور وكان ثابت الجأش لا يلين.
- توفي بعد مرض قصير في سنة 1934 وخرجت مصر كلها تودعه.
- وهناك مطالب بوضع تمثال لهذا العظيم (مرقص حنا باشا) الرجل الذي تصدي لسرقة أروع كنوز مصر الفرعونية، وذلك في المتحف المصري الكبير.

