منذ آلاف السنين، لا تزال أرض النيل، أرض الهيروغليفية والقطط المقدسة، تثير دهشة العلماء والمستكشفين على حد سواء، ورغم الكم الهائل من الدراسات والاكتشافات التي كشفت عن عظمة الحضارة المصرية القديمة، فإنها لا تزال تخفي في أعماقها أسرارا لم تحل بعد.
ملوك وملكات عظام
فهناك قبور لم تعثر عليها، ومصائر غامضة لملوك وملكات عظام، وألغاز تحنيط وأسماء ما زالت تثير التساؤلات حتى اليوم.
ومن خلال هذا التقرير، يرصد "صدى البلد"، أبرز هذه الألغاز التي استعصت على التفسير العلمي حتى الآن.
لغز وفاة الملك توت عنخ آمون
ويعد الملك توت عنخ آمون أحد أشهر الفراعنة رغم وفاته في سن مبكرة، إلا أن السؤال الذي حير الباحثين هو كيف مات؟
وفي عام 2013، قدم فريق من الباحثين البريطانيين فيلما وثائقيا بعنوان "توت عنخ آمون.. لغز المومياء المحترقة"، استند إلى صور أشعة سينية التُقطت لموميائه عام 1968، بالإضافة إلى فحوص الأشعة المقطعية التي أجراها المجلس الأعلى للآثار عام 2005.
وكشفت التحاليل عن كسور في أضلاعه وساقه، مما دفع العلماء للاعتقاد بأنه توفي نتيجة حادث عربة، في المقابل، رجحت مجلة ناشيونال جيوغرافيك فرضيات أخرى، منها أنه ركلة من حصان أو هجوم من فرس النهر قد أوديا بحياته.
وفي اتجاه مختلف، أشار باحثون إلى أن بعض ضلوعه ربما فقدت بسبب سرقة لصوص خلال الحرب العالمية الثانية.. أما البروفيسور ألبرت زينك، رئيس المعهد الإيطالي للمومياوات، فقد رفض تماما فرضية الحادث، معتبرا أن جسد توت كان ضعيفا بسبب زواج والديه الأخوي، وهو ما أدى إلى وفاته المبكرة.
قبر الإسكندر الأكبر: الملك الذي ضاع مثواه
وعلى الرغم من أن الإسكندر الأكبر كان من أعظم القادة في التاريخ، فإن مكان قبره لا يزال مجهولا حتى اليوم.

وتشير أبحاث نشرت في مجلة علم الآثار إلى أن الإسكندر أوصى عند وفاته عام 323 ق.م بأن يلقى جسده في نهر الفرات، ليعتقد أنه صعد إلى السماء، لكن جنرالاته خالفوا وصيته ودفنوه أولا في ممفيس، ثم نقل جثمانه لاحقا إلى الإسكندرية، حيث أقيم له قبر مهيب.
غير أن هذا القبر اختفى عبر القرون، ويعتقد أنه تعرض للتخريب أو الدمار، ولم يعثر حتى اليوم على أي أثر له أو لبقايا الملك العظيم.
نفرتيتي: الملكة التي اختفت بلا أثر
تعتبر الملكة نفرتيتي من أبرز نساء التاريخ المصري، وقد شاركت زوجها أخناتون الحكم في فترة مليئة بالتحولات الدينية والفنية. ومع ذلك، فإنها اختفت من السجلات فجأة بعد عام 1336 ق.م، دون قبر أو مومياء أو أثر واضح.

وتشير بعض النظريات إلى أنها ربما تولت العرش باسم نيفيرنفيرواتين، بينما يرى آخرون أنها تقمصت شخصية فرعونية ذكورية باسم سمنخ كا رع.
وفي عام 2015، أعلن وزير الآثار اكتشاف غرف خفية في مقبرة توت عنخ آمون، يرجح أن إحداها تخص نفرتيتي.
وإذا تأكد ذلك، فقد يعيد الاكتشاف رسم ملامح واحدة من أعظم قصص الغموض في التاريخ القديم.
مومياء "الرجل المجهول": صرخة الألم الخالدة
ومن بين المومياوات المصرية، تبرز واحدة تعرف باسم "الرجل المجهول إي"، اكتشفت عام 1886، وبدت ملامح وجهها وكأنها تصرخ من الألم.

رجح بعض الباحثين أن صاحبها توفي مسموما أو دفن حيا، فيما افترض آخرون أنه أمير حثي مقتول، لكن عالم الآثار بوب بريير شكك في ذلك، مؤكدا أن المصريين لم يكونوا ليحنطوا من يقتلونهم.
وتحليل عام 2008 أشار إلى أنه ربما كان الأمير بينتوير، الذي أعدم لتآمره على قتل والده رمسيس الثالث، وكونه دفن في جلد بقري دون علامات على قبره، فهذا يدل على أنه عوقب في الحياة والممات، في واحدة من أكثر القصص مأساوية في التاريخ المصري القديم.
أبو الهول: ما اسمه الحقيقي؟
ورغم أن تمثال أبو الهول هو أحد أشهر رموز الحضارة المصرية، فإن اسمه الأصلي لا يزال مجهولا حتى اليوم.

وظل التمثال مدفونا تحت الرمال حتى عام 1817، عندما كشف عن رأسه أولا، ويعتقد أن الفرعون خفرع هو من أمر ببنائه، باستخدام كتل ضخمة من الحجر الجيري المحلي، واستغرق العمل فيه قرابة ثلاث سنوات.
أما الاسم المتداول "أبو الهول"، فهو مصطلح يوناني أطلق بعد قرون طويلة من بنائه.. ويشير عالم المصريات جيمس آلن إلى أن العمّال الذين شاركوا في تشييده ربما أطلقوا عليه اسما مصريا قديما هو "بوب"، وهو ما يزال قيد البحث والتخمين.
والجدير بالذكر، أن تظهر هذه الألغاز أن الحضارة المصرية، رغم كل ما كشف عنه العلم الحديث، ما زالت تحتفظ بأسرارها العميقة بين الرمال والنقوش.
وربما تكشف الأيام القادمة عن إجابات جديدة، لكن شيئا واحدا يبقى مؤكدا أن سحر الفراعنة وغموضهم سيظلّان يلهبان خيال البشرية إلى الأبد.



