قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

لا ترى بالعين المجردة.. دوامات خفية تهدد سواحل العالم| ما القصة؟

عواصف
عواصف

حذر علماء من عواقب خطيرة لما يعرف بـ«العواصف تحت الماء»، وهي دوامات محيطية خفية تتشكل أسفل سطح البحر، وتؤدي إلى تسارع ذوبان الرفوف الجليدية في القارة القطبية الجنوبية، بما قد ينعكس على ارتفاع مستوى سطح البحر عالميا.

نهران جليديان في قلب الخطر

تشبه القارة القطبية الجنوبية قبضة يد يمتد منها «إبهام» باتجاه أمريكا الجنوبية، عند قاعدة هذا الامتداد يقع نهر باين آيلاند الجليدي، وإلى جواره نهر ثويتس المعروف بـ«نهر القيامة الجليدي»، في إشارة إلى التداعيات الكارثية المحتملة لانهياره على مستوى البحار.

وخلال العقود الأخيرة، تسارع ذوبان هذين العملاقين بفعل ارتفاع حرارة مياه المحيط، خصوصًا عند نقاط تماسهما مع قاع البحر.

دراسة غير مسبوقة تكشف آليات الذوبان السريع

الدراسة الحديثة، المنشورة في مجلة Nature Geosciences خلال نوفمبر، تعد الأولى من نوعها التي تحلل بشكل منهجي كيفية إسهام المحيط في إذابة الرفوف الجليدية خلال ساعات وأيام، بدلا من مواسم أو سنوات كما كان يعتقد سابقا.

ويقول الأستاذ المساعد بكلية دارتموث الأمريكية وأحد مؤلفي الدراسة، يوشيهيرو ناكاياما:«بدأنا ننظر إلى المحيط على مقياس زمني قصير يشبه الطقس، وهو أمر غير معتاد في دراسات القطب الجنوبي».

ما هي «الدوّامات تحت الماء»؟

يركز الباحثون على ظاهرة تُعرف باسم Submesoscales، وهي دوامات محيطية سريعة التغير ويشرح الباحث بجامعة كاليفورنيا – إيرفين التابعة لـ«ناسا»، ماتيا بوينيلي، الأمر بقوله: «يمكن تخيلها كدوّامات صغيرة تتشكل عند تحريك الماء في كوب، لكنها في الواقع قد تمتد لمسافة تصل إلى 10 كيلومترات».

تتشكل هذه الدوامات عند التقاء المياه الدافئة بالباردة، على غرار تكوّن العواصف في الغلاف الجوي، وقد تكون بنفس القدر من الخطورة.

ذوبان متسارع وأرقام مقلقة

باستخدام نماذج حاسوبية متقدمة وبيانات ميدانية من أدوات قياس المحيط، توصل العلماء إلى أن هذه العواصف، إلى جانب عمليات قصيرة الأجل أخرى، كانت مسؤولة عن نحو 20% من ذوبان النهرين الجليديين خلال تسعة أشهر فقط.

ورغم صعوبة عزل تأثير الدوامات وحدها بسبب طبيعتها الفوضوية، فإن دورها بدا كبيرًا ومؤثرًا على المدى القصير.

حلقة تغذية راجعة تزيد الأزمة

سلطت الدراسة الضوء على حلقة مقلقة من «التغذية الراجعة»: فمع ذوبان الجليد، تتدفق كميات أكبر من المياه العذبة الباردة إلى المحيط، لتختلط بالمياه الدافئة والمالحة في الأعماق، ما يولّد اضطرابات إضافية تسرّع من وتيرة الذوبان.

سيناريوهات كارثية لارتفاع البحار

تلعب الرفوف الجليدية دورا حيويا في إبطاء تدفق الأنهار الجليدية نحو المحيط. ويحتوي نهر ثويتس وحده على مياه كافية لرفع مستوى سطح البحر بأكثر من 0.6 متر لكن الأخطر أنه يعمل كحاجز يمنع انزلاق غطاء جليدي شاسع، ما يعني أن انهياره الكامل قد يؤدي إلى ارتفاع يصل إلى 3 أمتار عالميًا.

إنذار مبكر يحتاج إلى بيانات أكثر

وصف تياغو دوتو، كبير الباحثين في المركز الوطني لعلوم المحيطات بالمملكة المتحدة، الدراسة بأنها «مهمة» لتسليطها الضوء على دور الظواهر الصغيرة في إذابة قواعد الرفوف الجليدية، معتبرًا أن حجم الذوبان المرصود «مذهل».

في المقابل، شدد أستاذ علوم المحيطات بجامعة نيويورك، ديفيد هولاند، على أن هذه النتائج تستند إلى نماذج حاسوبية، مؤكدًا الحاجة إلى مزيد من البيانات الميدانية لفهم التأثير الحقيقي لهذه الدوامات والظواهر المحيطية الأخرى بدقة أكبر.

بين أعماق المحيط وقواعد الجليد، تتشكل عواصف صامتة قد تعيد رسم خرائط السواحل حول العالم ورغم أن كثيرًا من تفاصيلها لا يزال قيد البحث، فإن المؤشرات الحالية تضع البشرية أمام إنذار جديد في معركة التغير المناخي، عنوانه ما يحدث تحت الماء لا يقل خطورة عما نراه فوقه.