تعيش الساحة الإسرائيلية منذ سنوات على وقع قضية غير مسبوقة تطال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يواجه اتهامات ثقيلة بالفساد والاحتيال وخيانة الأمانة.
ورغم وضوح الاتهامات وتعدد الشبهات حول استغلاله لمنصبه، فإن مسار العدالة يبدو متعثرا، بعدما نجح نتنياهو في تحويل موقعه السياسي إلى أداة لتأجيل المحاكمة وتعطيل الإجراءات القضائية.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور أحمد يونس، الباحث الأكاديمي، والمحلل السياسي اللبناني، إن يواجه نتنياهو منذ سنوات سلسلة من المحاكمات تتعلق بتلقيه هدايا ثمينة من رجال أعمال مقابل تسهيلات سياسية وإعلامية، إلا أن هذه القضايا لا تزال تراوح مكانها دون صدور حكم نهائي، ويعزى ذلك إلى قدرته على توظيف نفوذه السياسي والقانوني للمماطلة وكسب الوقت.
وأضاف يونس- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن لقد استخدم نتنياهو موقعه على رأس الحكومة اليمينية المتشددة لتأجيل جلسات المحاكمة مرارا، متذرعا بانشغاله في اجتماعات أمنية أو بتطورات ميدانية مرتبطة بالحروب المتكررة مع غزة ولبنان، ومع كل تصعيد أمني، يجد ذريعة جديدة لتأجيل النظر في قضاياه تحت عنوان "الظروف الطارئة"، وهو ما أضعف قدرة القضاء الإسرائيلي على فرض إيقاعه الطبيعي، وجعل العدالة تبدو أسيرة الحسابات السياسية.
وأشار يونس، إلى أنه لا يمكن إغفال الدعم السياسي الواسع الذي يحظى به نتنياهو داخل الائتلاف الحاكم، إلى جانب التأييد الذي يتلقاه من بعض الدوائر الأميركية المؤثرة التي تعتبره ركيزة أساسية في الاستراتيجية الأميركية بالشرق الأوسط، وأكد أن هذا الدعم يشكل في الواقع حصانة غير مكتوبة، تحميه من أي تهديد حقيقي بإسقاطه أو محاسبته في الوقت الراهن.
وتابع: "يمنح النظام السياسي الإسرائيلي رئيس الحكومة الحق في الاستمرار بمنصبه حتى صدور حكم قضائي نهائي بالإدانة، وهو ما يتيح لنتنياهو استغلال الوقت لتقويض القضية تدريجيا والتأثير على الرأي العام بخطابات يهاجم فيها القضاء ويتهمه بالتسييب، وعلى الرغم من أن القانون لا يوفر له حماية مطلقة".
واختتم: "فإن الواقع السياسي المضطرب يمنحه مناعة مؤقتة، خاصة في ظل انشغال إسرائيل بصراعاتها الخارجية وأزماتها الداخلية التي يحسن توظيفها كذريعة للبقاء في السلطة".
والجدير بالذكر، أن تظهر تجربة نتنياهو أن العدالة في إسرائيل ليست بمنأى عن النفوذ السياسي، وأن تداخل السلطات قد يحول دون محاسبة المسؤولين الكبار.
بينما يستمر الصراع بين القضاء والسياسة، يبقى مصير قضايا الفساد معلقا، في انتظار لحظة تتوازن فيها ميزان القوى، ليحسم ما إذا كانت العدالة قادرة فعلا على الوصول إلى أعلى هرم السلطة.


