قال الشيخ الدكتور عبد الله بن عبدالرحمن البعيجان، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن الله تعالى اشترط للأعمال الصالحة شرطًا لا تُقبل إلا به، ولا تتحقق مقاصدها إلا به ، ولا يُثابُ عليها إلا به.
لا ثواب لصلاتك وصومك
وأضاف " البعيجان" خلال خطبة الجمعة الثالثة من شهر جمادي الأول اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أنه شرطٌ من أعظم أعمال القلوب، ولا يطّلع عليه إلا علام الغيوب.
وتابع: إنه شرطٌ من أجل وأفضل القربات، وأزكى الطاعات، وهو الإخلاص، فهو مكمن النجاة والخلاص ودرب الفوز والمناص، وأساس كل عمل صالح، وشرط قبول لكل عبادة، وغاية كل مريد.
وأكد أن العمل بلا إخلاص هدر وقت وطاقة لا أجر له، وصلاة وصوم بلا إخلاص لا ثواب له، وصدقة بلا إخلاص لا قيمة لها، منوهًا بأن الإخلاص شرط وركيزة لقبول العبادات والأعمال الصالحة.
وأفاد بأن الله تعالى خلق الإنسان لطاعته الموجبة لمرضاته، ونهاه عن معصيته الموجبة لسخطه، فقال سبحانه وتعالى: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)، مبينًا أن الإخلاص صفاء القلب من شوائب الرياء.
خلق الإنسان لطاعته
وأردف: وتنقية النفس من أهوائها وتزكية السريرة من حظوظها، وإخلاص العمل لله، وصدق النية مع الله دون الالتفات إلى رضا الناس أو الحصول منهم على مكاسب دنيوية أو منافع زائلة، بل يجعل العبد همه وجه الله، وغايته رضاه، والإخلاص هو إفراد الحق سبحانه بالقصد.
واستطرد: وصرف العمل متقربًا به إلى الله الواحد الأحد طمعًا في رضاه وثوابه، وخشية من غضبه وعذابه، بلا رياء ولا سمعة، ولا تصنع للخلق ولا رغبة في المكاسب منهم المنفعة، مشيرًا إلى أن المخلص هو من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته.
ونبه إلى أن المخلص كذلك من يعمل في خلوته كما يعمل في جلوته، ويستوي عنده المادح والذام، وعبادته في وضح النهار كعبادته في حنادس الظلام، يستوي عنده السر والعلن؛ لأنه لا يعبد إلا الله، ولا يريد بعمله إلا وجه الله.
ضاع الأجر وحبط العمل
وأفاد بأن الإخلاص هو الصدق في الاعتقاد والعمل، وتنقية الباطن من شوائب الشرك والرياء والنفاق، قال تعالى: “قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ”، قيمة العمل عند الله إنما تكون بقدر الإخلاص فيه.
وأوضح أن من راءى بعمله وسمعه الناس ليكرموه ويعظّموه، ويعتقدوا خيره سمّع الله به يوم القيامة وفضحه على رؤوس الأشهاد، منوهًا بأن الإخلاص شرطْ في قبول الأعمال وما يتعلق بذلك القبول من الأجر والثواب، فقال تعالى: “وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ”.
وأشار إلى أن الإخلاص إذا انتفى عن العمل ضاع الأجر وحبط العمل، فلا يقبل الله من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه، وموافقًا لشرعه وسنة نبيه، كما أن الإخلاص حصنٌ منيع من مكائد الشيطان، ووقاية من مصارع السوء والخذلان، وسبب من أسباب النجاة والأمان.