في خطوة تحمل دلالات اقتصادية قوية، شهدت القاهرة حدثًا يعكس تداخل الدولة العميق بين منظومة العدالة والمنظومة المالية، وذلك بعد توقيع المستشار محمد شوقي، النائب العام، وحسن عبد الله محافظ البنك المركزي، وأحمد كوجك وزير المالية، وثيقة تسليم المضبوطات الذهبية للبنك المركزي المصري، بحضور رئيس الوزراء.
هذه الخطوة، التي جاءت متزامنة مع إعلان النيابة العامة إنجاز ملايين القضايا وتحسين كفاءة التقاضي، لم تكن مجرد إجراء إداري، بل تحمل في قلبها تأثيرًا مباشرًا على الاقتصاد الوطني والاحتياطي النقدي.
رسالة ثقة
من منظور اقتصادي، يوضح الدكتور رمضان مَعن، رئيس قسم الاقتصاد والمالية العامة، أن إضافة أكثر من 200 كيلوجرام من الذهب، ونحو 2 طن من الفضة بقيمة تتجاوز 25 مليون دولار إلى أصول الدولة تمثل رسالة ثقة في قدرة المؤسسات على إدارة الموارد المستردة وحسن توظيفها. الاحتياطي النقدي للدول لا يُقاس فقط بالعملة الأجنبية، بل بقيمة الأصول الحقيقية والملاذات الآمنة التي تمتلكها، وفي مقدمتها الذهب. وبالتالي فإن تعزيز رصيد البنك المركزي من الذهب لو كانت الكميات ليست ضخمة مقارنة باحتياطيات كبرى يظل مكسبًا، لأنه يرفع من قدرة الدولة على تنويع مكونات احتياطياتها وتقليل تعرضها لتقلبات النقد الأجنبي.
الدولة تستعيد مواردها
ويرى الدكتور مَعن أن هذه الإضافة رغم حجمها النسبي تنطوي على أثر معنوي واقتصادي مهم؛ فهي تؤكد أن الدولة تستعيد مواردها، وتغلق منافذ الهدر، وتحوّل المتحصلات القضائية إلى أصول اقتصادية مباشرة، وهذا بحد ذاته يعزز انضباط المالية العامة. كما تمنح الأسواق إشارة مهمة على قوة المتابعة الحكومية للقضايا الاقتصادية، مما يرفع ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في كفاءة الإدارة العامة.
أما عن تأثير هذه الخطوة على سعر الذهب في مصر، فيوضح الدكتور مَعن أن الكمية المضافة لن تُحدث تغيرًا مباشرًا أو كبيرًا في سعر الذهب المحلي، لأن أسعار الذهب تتحدد بالأساس وفق الأسعار العالمية وسعر الدولار في السوق المصري. لكن وهنا القيمة الحقيقية هذه الخطوة تدعم استقرار السوق على المدى المتوسط؛ فكلما زادت قدرة البنك المركزي على امتلاك أصول حقيقية، قلّ الضغط على العملة، وهو ما قد ينعكس تدريجيًا على تهدئة الأسعار، بما فيها أسعار الذهب.