برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وفي إطار الفعاليات العلمية للمؤتمر السنوي العاشر لمركز توثيق وبحوث أدب الطفل، والمنعقد تحت عنوان «روايات النشء واليافعين»، عقدت الجلسة الثالثة التي خُصصت لمحور: روايات الأطفال بين الترجمة والنقد والتوظيف، شارك في الجلسة نخبة من الباحثين المتخصصين في أدب الطفل ودراساته، وناقشت أربعة بحوث علمية تناولت قضايا الترجمة، وتحليل المضامين التربوية، والاتجاهات النقدية، وتوظيف الرواية في العلاج بالأدب.
وقد عكست أعمال الجلسة تنوّع المقاربات البحثية واتساع مساحة الاهتمام بروايات اليافعين، باعتبارها إحدى أهم الوسائل الثقافية في بناء الوعي ودعم هوية الجيل الجديد.
استعرضت الباحثة أ. أماني التفتازاني واقع ترجمة أدب الناشئة واليافعين، مؤكدة محدودية الدراسات العربية المرتبطة به رغم ازدهاره عالميًا. وقدمت تحليلًا تطبيقيًا لسلسلة «الكون الثامن» للكاتبة الروسية مارينا ياسينسكايا، مع الإشارة إلى التحديات الثقافية واللغوية التي واجهت المترجم، مثل ترجمة المفردات التخيلية والأسماء الرمزية، ودعت الباحثة إلى تعزيز حركة الترجمة العربية الموجهة للنشء بما يلائم احتياجات القارئ الشاب.
قدمت الباحثة د. نسرين محمود رضوان دراسة مقارنة بين روايات يعقوب الشاروني وأعمال الكاتب العبري يجآل موسينزون، مركزة على القيم التربوية التي تعكسها النصوص في كل منهما، وأظهرت الدراسة أن الرواية العربية تتجه نحو بناء شخصيات متوازنة ومرتبطة بالقيم الإنسانية والوطنية، بينما تعتمد الرواية العبرية على توجهات أيديولوجية واضحة تهدف إلى تشكيل وعي موجه، وأوصت الباحثة بتعزيز الإنتاج العربي الرصين الموجّه للنشء لمواجهة التحديات الثقافية المعاصرة.
ناقشت د. داليا مصطفى عبد الرحمن أثر الرقابة بمختلف أشكالها — المؤسسية والمجتمعية والذاتية — في صياغة مضمون أدب اليافعين في الألفية الثالثة. وأوضحت أن تشدد الرقابة قد يؤدي إلى إقصاء أعمال أدبية ذات قيمة تربوية ومعرفية مهمة. واستعرضت الباحثة نماذج عالمية تستبدل المنع بالتصنيف الإرشادي، مؤكدة ضرورة إيجاد توازن يحقق حماية الناشئة دون إقصائهم عن قضايا عصرهم وقدرتهم على التفكير النقدي.
قدم أ.د. أنور عبد الحميد الموسى دراسة تربط بين الأدب والعلوم النفسية، موضحًا أهمية العلاج بالأدب (Bibliotherapy) في دعم الصحة النفسية للناشئة، وتعزيز الانتماء، ومعالجة الاضطرابات الانفعالية. وبيّن إمكانية توظيف الرواية في البرامج الإرشادية داخل المدارس، بشرط الإشراف المتخصص الذي يوجه التجربة القرائية لضمان الفائدة العلاجية والمعرفية المرجوة.
أكدت الجلسة الثالثة أن روايات اليافعين تُعد ركيزة أساسية في تنمية الوعي، وتوسيع الأفق الثقافي، وبناء الهوية الوطنية. كما شدد الباحثون على ضرورة دعم حركة الترجمة، وتطوير الأدوات النقدية، وتفعيل توظيف الأدب في البرامج التربوية والعلاجية، بما يسهم في تعزيز قدرة الجيل الجديد على التفاعل الإيجابي مع تحديات الحاضر والمستقبل.