كشف مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، في تحليل له لافتتاحية صحيفة «النبأ» الأسبوعية، الناطقة باسم تنظيم "داعش" الإرهابي عن تحول لافت في خطاب التنظيم الإرهابي، والذي يعكس تراجع قدرته على تنفيذ عمليات مركزية واسعة النطاق، مقابل تصاعد اعتماده على التحريض الأيديولوجي اللامركزي عبر الفضاء الرقمي.
وأوضح المرصد أن التنظيم أعاد توظيف أحد الهجمات التي شهدتها مدينة سيدني مؤخرا في دعايته المتطرفة، مقدما إياه بوصفه «إنجازا» يعوض خسائره الميدانية، رغم تأكيد السلطات الأسترالية عدم وجود أي تنسيق تنظيمي مباشر مع “داعش”، مشيرا إلى أن التنظيم يحول غياب الارتباط التنظيمي إلى أداة دعائية عبر الترويج لما يسمى ب«الذئاب المنفردة».
وأكد مرصد الأزهر أن الخطاب الداعشي يمضي في تمجيد العنف الفردي وتحويل الجرائم العشوائية إلى نموذج يحتذى، في محاولة لصناعة حضور رمزي بديل بعد انهيار السيطرة الإقليمية، لا سيما في العراق وسوريا، من خلال ما يمكن وصفه ب«الجهاد الرقمي» القائم على الدعاية والتحريض بدلا من التدريب والقيادة المباشرة.
وأشار المرصد إلى أن التنظيم يوظف هذا الخطاب كذلك في تصفية حساباته داخل المشهد الجهادي، عبر هجومه على بعض الفصائل المتطرفة الأخرى واتهامها بالنفاق، في خطاب إقصائي يقوم على التخوين والتكفير، ويعكس مأزقا أيديولوجيا أكثر من كونه تعبيرا عن قوة حقيقية.
كما رصد التحليل سعي التنظيم إلى ربط أحداث عنف متفرقة في مناطق مختلفة، في محاولة لتصويرها كجزء من «حرب عالمية واحدة»، بما يوسع دائرة التحريض ويغزي الشعور بالتهديد العابر للحدود.
وحذر مرصد الأزهر من استغلال التنظيم مشاعر الاغتراب والتهميش لدى بعض المهاجرين واللاجئين في الغرب، وتحويلها إلى وقود للعنف، عبر خطاب يتلاعب بأزمات الهوية والانتماء ويستهدف تحقيق أكبر أثر نفسي وإعلامي.
وشدد المرصد على أن هذا التحول في خطاب “داعش” يؤكد انتقال التنظيم من المواجهة العسكرية المباشرة إلى إستراتيجية التحريض اللامركزي، ما يستدعي مواجهات شاملة لا تقتصر على الحلول الأمنية، بل تشمل تفكيك الخطاب المتطرف ومعالجة جذوره الفكرية والنفسية قبل تحوله إلى أفعال دموية.



