أثار قرار وزارة الداخلية البريطانية إسكان نحو 300 رجل من المهاجرين غير النظاميين داخل ثكنة كاميرون العسكرية في مدينة إنفرنيس شمالي إسكتلندا، موجة واسعة من الجدل والمخاوف، لا سيما في أوساط عائلات الجنود البريطانيين المقيمين في المنطقة المجاورة للثكنة، مع اقتراب موعد نشر القوات العسكرية خارج البلاد مطلع العام المقبل.
تأتي هذه المخاوف في ظل استعداد وحدات عسكرية متمركزة في القاعدة للانتشار الخارجي، ما سيترك زوجات الجنود وأطفالهم يعيشون بالقرب من موقع سيخصص لإيواء مهاجرين بالغين، في خطوة أثارت اعتراضات محلية وانتقادات سياسية حادة.
اعتراضات سياسية وتحذيرات أمنية
وفي هذا السياق، وجه وزير الداخلية في حكومة الظل، كريس فيلب، رسالة رسمية إلى وزيرة الداخلية البريطانية شابانا محمود، عبّر فيها عن قلقه من تداعيات أمنية محتملة، مطالبًا بتوضيح إجراءات التدقيق الأمني والتقييمات الوقائية التي ستُتخذ قبل نقل المهاجرين إلى الموقع.
وقال فيلب إن قرارات مماثلة في مناطق أخرى من البلاد أثارت جدلًا واسعًا، خاصة بعد تورط عدد من طالبي اللجوء في جرائم اعتداء جنسي خلال الأشهر الماضية، معتبرًا أن إسكان مجموعة كبيرة من الرجال البالغين بالقرب من مدارس ومناطق سكنية عائلية يفرض تحديات تتطلب شفافية وتخطيطًا دقيقًا.
وأكد أن غياب التشاور المسبق مع المجتمع المحلي يفاقم من حالة القلق، داعيًا الحكومة إلى إعادة النظر في القرار، لا سيما في ظل ما وصفه بـ"حساسية الموقع وتركيبته السكانية".
مخاوف محلية واحتجاجات
من جانبهم، أعرب عدد من المجالس المحلية وأعضاء المجالس البلدية في إنفرنيس عن قلقهم من تداعيات الخطوة، مشيرين إلى نقص المعلومات المقدمة للسكان حول آليات الحماية والإشراف الأمني.
وشهدت المدينة خلال نوفمبر الماضي احتجاجات محدودة اعتراضًا على تحويل الثكنة إلى مركز إيواء، حيث طالب المحتجون بمزيد من الشفافية وضمانات رسمية لحماية السكان.
وقالت مستشارة محلية إن "القلق لا يتعلق برفض استقبال المهاجرين، بل بغياب التواصل وخطط إدارة المخاطر"، مشددة على ضرورة إشراك المجتمع المحلي في أي قرارات من هذا الحجم.
انقسام في الرأي العام
وتندرج هذه الخطوة ضمن سياسة حكومية أوسع تهدف إلى تقليص الاعتماد على الفنادق لإيواء طالبي اللجوء، في ظل ارتفاع أعداد الوافدين غير النظاميين إلى بريطانيا عبر القنال الإنجليزي خلال السنوات الأخيرة، وما ترتب على ذلك من ضغوط مالية وسياسية.
وتؤكد وزارة الداخلية البريطانية أن استخدام مواقع بديلة، مثل الثكنات العسكرية، يأتي ضمن خطة لتوفير حلول "أكثر ملاءمة وأقل كلفة"، مع الالتزام بإجراءات السلامة والتنسيق مع السلطات المحلية.
وفي بيان رسمي، شددت الوزارة على أن جميع المقيمين يخضعون للقانون البريطاني، وأن أي تجاوزات تُواجه بإجراءات قانونية صارمة، مؤكدة أن العمل جارٍ مع المجالس المحلية لضمان الأمن المجتمعي.
ويعكس الجدل الدائر حالة الانقسام في الرأي العام البريطاني بشأن سياسات الهجرة واللجوء، بين من يطالب بتشديد الإجراءات وضمان الأمن المحلي، ومن يدعو إلى حلول إنسانية متوازنة تحترم حقوق اللاجئين دون الإضرار بالمجتمعات المضيفة.