قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

"صدى البلد" ينشر قصيدة "بلادى" للشاعر إيليا أبو ماضى


ننشر اليوم قصيدة "بلادى" للشاعر إيليا أبو ماضى والذى عاش فى الفترة ( 1889 - 1957 م) ، أسمه الحقيقى إيليا ضاهر أبوماضي. ولد في قرية المحيدثة (جبل لبنان)، وتوفي في نيويورك عاش في لبنان، ثم مصر، واستقر في (الولايات المتحدة الأمريكية).
تلقى قدراً محدوداً من التعليم بمدرسة قريته (المحيدثة) ومدرسة بكفيا القريبة منها، وفي الحادية عشرة من عمره غادر إلى الإسكندرية (1900) ليبيع السجائر نهاراً، ويحاول اللحاق بالتعليم ليلاً، ثم هاجر - مرة أخرى - إلى أمريكا فعمل مع أخيه في التجارة بمدينة سنسناتي، ثم استقر في نيويورك ليعمل في الصحافة (1916) فأسهم في تحرير مجلتي: «الحرية» و«الفتاة»، وبعدها انصرف إلى تحرير جريدة «مرآة الغرب».
وفي عام 1929 أصدر مجلة «السمير»، وفي عام 1936 حولها إلى جريدة يومية، حتى وفاته ، منحته الحكومة اللبنانية وسام الأرز، ووسام الاستحقاق، ومنحته الحكومة السورية وسام الاستحقاق، كما نال وسام القبر المقدس الأرثوذكسي ، من أهم من كتب عنه: شوقي ضيف، وإحسان عباس، ومحمد يوسف نجم، وأحمد زكي أبوشادي، وعيسى الناعوري، وسلمى الجيوسي، ومحمد عبدالغني حسن ، له خمسة دواوين شعرية .
يعد إيليا أبوماضي أحد أركان الشعر المهجري، وأحد ملامح التجديد في الشعر العربي الحديث، لقد خلصت القصيدة عنده للموضوع الواحد، والعاطفة المسيطرة، فهي حنين، أو تساؤل، أوقلق، أو إفضاء بذات النفس، أو عشق للوطن.
وفي إطار الغرض الواحد تدرجت أبيات القصيدة، أو مقاطعها وفق بناء يحكمه فكر وشعور، فهي بنية متماسكة بقوة المنطق، وحين نصل إلى اللفظ فإنه قد اختير بعناية فائقة ليحل في موقعه محملاً بأقوى الدلالات وأمكنها في السياق بحيث لا يتفوق عليه في موقعه لفظ آخر.
ومع هذا الاعتناء باللفظ، والبناء، ظل المعنى - الفلسفي - في شعر أبي ماضي واضحاً مفهوماً لا يتوارى خلف الغموض، ولا يضرب في متاهات العبث، فجمع شعره بين البساطة والوضوح من جانب، وعمق المعنى وتكامل البناء من جانب آخر، كما اتسع لانعكاس أحداث عصره وحياة مجتمعه،في الوقت الذي عبر فيه عن فكره ونفسه وسعيه إلى الخلاص الروحي، عبر نزعة إنسانية مكينة...
وإليكم القصيدة :
إني مررتُ على الرياضِ الحاليةْ
وسمعتُ أنغامَ الطيورِ الشاديةْ
فطربتُ ، لكنْ لم يحبَّ فوَّاديهْ
كطيورِ أرضي أو زهورِ بلادي
وشربتُ ماءَ النيلِ شيخِ الأنهرِ
فكأنني قد ذُقْتُ ماءَ الكوثرِ
نهرٌ تباركَ من قديمِ الأعصرِ
عَذْبٌ ، ولكنْ لا كماء بلادي
وقرأتُ أوصافَ المروءةِ في السِّيَرْ
فظننتُها شيئاً تلاشى واندثَرْ
أو أنها كالغولِ ليسَ لها أَثَرْ
فإذا المروءةُ في رجالِ بلادي
ورسمتُ يوماً صورةً في خاطري
للحسنِ ، إنَّ الحسنَ ربُّ الشاعرِ
وذهبتُ أنشدها فأعيا خاطري
حتى نظرتُ إلى بناتِ بلادي
قالوا: أليسَ الحسنُ في كلِّ الدنى
فعلى مَ لم تمدحْ سواها موطنا
فأجبتهمْ إني أُحبُّ الأَحسنا
أبداً ، وأَحسنُ ما رأيتُ بلادي
قالوا : رأيناها فلم نرَ طيِّبا
ولّى صباها والجمالُ مَعَ الصبا
فأجبتهمْ : لتكنْ بلادي سبسبا
قفراً ، فلستُ أُحبُّ غيرَ بلادي
قالوا : تأمَّلْ أيَّ حالٍ حالَهَا
صَدَعَ القضاءُ صروحها فأمالَهَا
ستموتُ … إنَّ الدهرَ شاءَ زوالَهَا
أَتموتُ؟ كلا ، لَنْ تموتَ بلادي
هي كالغديرِ إذا أتى فصلُ الشتا
فَقَدَ الخريرَ وصارَ يحكي الميتا
أو كالهزارِ حبسته … لكن متى
يَعُدِ الربيعُ يَعُدْ إلى الانشادِ
ألكوكبُ الوضَّاحُ يبقى كوكبا
ولئنْ تستَّرَ بالدجى وتنقَّبا
ليسَ الضبابُ بسالبٍ حسنَ الرُّبى
والبؤْسُ لا يمحو جمالَ بلادي
لا عزَّ إلا بالشبابِ الراقي
الناهضِ العزماتِ والأخلاقِ
الثائرِ المتفجِّرِ الدفَّاقِ
لولاهُ لم تشمخْ جبالُ بلادي