الجماعة فوق الجميع!

تبدو جماعة الإخوان هذه الأيام مثل الأم التي تشعر أن وليدها( حزب الحرية والعدالة) يريد أن يشب عن الطوق ويأخذ زمام الأمور بيديه, ولذلك, فإنها, تصر علي تذكيره بأنه لا يزال طوع أمرها.
وأن عليه أن ينسي أنه أصبح قادرا علي الاستقلال بشئونه والتصرف كحزب رشيد حاصل علي الأكثرية في البرلمان.
الجماعة لا تترك فرصة, إلا وتحدث قادتها في أمور هي من صميم شئون الحزب لدرجة تكاد تمحو كل ما كانت قيادات الحزب وكذلك الجماعة يتحدثون عنه بشأن اختصاص الحزب بأمور السياسة والحكم وعودة الجماعة لأصولها الدعوية.
وقد بلغ التداخل ذروته قبل أيام, عندما فاجأ المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد الجميع بحديث شن فيه هجوما غير مسبوق علي حكومة الجنزوري مؤكدا استعداد الإخوان لتشكيل حكومة ائتلافية غدا. والطريف أن الشاطر أعاد نشر التصريح علي موقعه الالكتروني دون تمييز بين الإخوان والحزب, الأمر الذي يعني أن الإخوان لا يعترفون بوجود فارق بين الجماعة والحزب, وأن الرجل القوي الذي يرشحه كثيرون لرئاسة الحكومة لا يحتاج للاستقالة والانضمام للحزب قبل تكليفة بتشكيل الحكومة.
ولم يتأخر د. رشاد البيومي النائب الآخر للمرشد عن الإدلاء بدلوه, إذ صرح بأن تهديد أمريكا بقطع المعونة لن يخيفنا واصفا المعونة بأنها قيد نجس تكبل حريتنا. لكن د. محمد مرسي رئيس الحزب رد في نفس اليوم قائلا: الاستغناء عن المعونة يمكن أن يعطل المسيرة نحو استكمال المؤسسات الدستورية. وبالطبع حاول قيادي آخر( في الحرية والعدالة هذه المرة) هو أحمد أبو بركة, أن ينفي وجود تناقض متحدثا عن امكانية التخلي عن المعونة الاقتصادية والتمسك بالعسكرية, وكأن بيدنا أن نقول لأمريكا: إعطونا السلاح كمساعدات, لكننا نرفض مساعداتكم الاقتصادية النجسة.
ماذا يعني كل ذلك؟
لقد انتخبنا مرشحي الحرية والعدالة لتمثيلنا في البرلمان, وبالتالي نتوقع منهم مواجهة مشاكل البلاد وتحديد بوصلتها السياسية والاقتصادية. لكننا لم ننتخب قيادات الجماعة مع كل الاحترام لها- ولذلك, فإن أي حديث عن توجيه مسار البلد هذا الاتجاه أو ذاك, أمر غير مقبول من أناس غير منتخبين.
ثم إن المصريين يريدون أن يعرفوا الوزن النسبي للجماعة والحزب في صناعة القرار السياسي, ومن له اليد العليا في حالة حدوث تباين في المواقف.. هل الجماعة تجب الحزب, ومكتب الإرشاد يلغي الهيئة العليا أم ماذا؟
لقد حاولت الجماعة دون نجاح كبير أن تقنع المصريين بأنها شيء والحزب شيء آخر, وقد حان الوقت لأن تنفذ ذلك علي أرض الواقع بأن تترك لقيصر ما لقيصر, وأن تعطي الحزب الفرصة كاملة لكي يخوض التجربة دون أن يشوش عليه أحد حتي لو كان من ذوي القربي.
نقلاً عن الأهرام