الربيع العربي والعار العربي

شتان بين المعنيين،،
تفاءلت الشعوب العربية بثوراتها، التى بدأت من تونس ثم مصر، ثم ليبيا، ثم اليمن ثم سوريا، وتطلعت الآمال نحو فجر جديد يُعيِد لهذه الأمة البائسة مَجدها وعزها السليب، الذى سلبه حكامها قبل الاستعمار، ويحررها من عبوديتها.
وتحققِت نجاحاتٍ مختلفة على أصعدةٍ متعددةٍ من مكانٍ إلى مكانٍ، لكن بلغة علم الإدارة "لم تصلْ أى ثورة عربية بعد إلى خطة النجاح الكُلية المرتقبة"، وبتعبير أهل السياسة "الربيع العربى المطلوب، المنشود الذي يَطمح إليه كلُ عربى "عيش، حرية، عدالة اجتماعية".
أما العار العربى المقصود فهو التحول الحادث وقبول بعض - وليس الكل - أبناء الشعوب العربية بضغوط القوى العالمية والإقليمية على ثوراتها وتأخير نجاحاتها بطرقٍ ملتويةٍ، منها زرعُ الفتنِ وزعزعةُ الثقةِ بين نسيج الشعب الواحد، كما بين الشعوبِ المختلفةِ.
إن الصورَ المتكررةَ من أحفادِ إبليس "الذين يشغلون مواطنَ عديدةً فى السياسةِ، والإعلامِ، ومواقع المسئولية المختلفة، بتوجيه مسارات الثورات بطرقٍ مختلفةٍ مباشرة وغير مباشرةٍ فى النور تارة وفى الظلامٍ تارة أخرى، بين أقوال، وأفعال، وأعمال، وزيارات، ومقابلات، تتم بين سفراء الشيطان ومسئولين فى بلاد الثورات العربية، والبلدان المجاورة، بغرض تحديد توجهات ومحطات الثورة "المعلومة للجميع".
ولا تزال الكبواتُ والعثراتُ تُصيِبُ الثوارَ فتجمع بينهم الرياح حينًا وتفرقهم السبل أحيانًا أخرى، فتضيع خطوات كثيرة.
فحتى الآن لم يستطعْ الجميعُ تحديد اتجاه البُوصلة الصحيحة نحو هدفٍ واحدٍ هو الربيعُ الحقيقىُ للثورة لجنى الثمارِ.
ففى هذا الخضم الهائل من التحديات والمواجهات والمؤامرات التى يحسن إدارتها "الطرف الثالث" فى بعض بلاد الثورة، واللهو الخفى فى بلد آخر، والشبيحة فى بلاد أخرى.
وجميعنا لا يمكن أن يقبل العار "عار الثورات" ودائمًا يتمُ تزيينُه بزينة الشيطان، فتختلف المسمياتُ.
وأوضح دليل نجد الجميع يرفض ويشجب مجازر سوريا الشقيقة العربية الحبيبة، التى كانت يومًا قطرًا واحدًا، فالدماءُ تغمر الجزء الأكبر من أرض الرافدين وأشلاء النساء والشباب والرجال متناثرة فى وديان دجلة وبردى، حتى الأطفال لم يرحمهم "الجزار" جزار سوريا.
كل هذا والآذان صماء والعيون عمياء، وكل ما اجتهدت به قريحة المناصرين المحتجين الرافضة، هى الخطب الرنانة والشعارات الجوفاء شجبًا واستنكارًا، واجتماعات فارغة، فتحولت نصرة شعب سوريا الذبيح إلى وقفاتِ احتجاجِ وتصريحاتٍٍِ، ودعواتٍِ.
أين النخوة العربية؟
أين المجاهدون الأبطال؟
أين تلك الجيوش العربية وأسلحتها التى تملأ المخازن ويعلوها الصدأ؟
أين البواسل والفرسان؟
أم أنهم مشغولون باللقاءات والاجتماعات وللحق بعضهم مشغولُ بالفروسيةِ فروسية المباريات، للحصول على كأسِ المباريات.
ماذا ينتظرون؟
الناتو؟
الناتو الذى قال عنه بعض أبناء العرب "ها قد أقبلت إنها حقًا طيُر أبابيل".
متى؟
متى تسمع الدنيا أن زعماء الثورات العربية خاصة أصحاب القرار بدأوا فى تجهيز اعداد الجيش العربي البطل الذى سوف يتحرك لإنقاذ أطفال ونساء سوريا ويكون رادعًا لكلِ من تسول له نفسه.
[email protected]
[email protected]