الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بالفيديو.. إهدار المال العام فى أبراج الفسطاط.. «الأيادى المرتعشة» تدير «المعادى للتنمية» و«القابضة للتشييد» «بتتفرج»

صدى البلد

سكان المدينة لـ«صدى البلد»:
مطلوب التخلص من أصحاب «الأيدى المرتعشة» داخل الشركة المالكة للمشروع
استمرار تدنى الخدمات وانتشار الفوضى والقمامة.. و«بطن البقر» تهدد السكان
التمويل العقارى «فشل» ورفع سعر الشقة بـ«الفسطاط الجديدة» إلى أكثر من 2 مليون جنيه
الانتهاء من إنشاء المدينة وبيع الوحدات يحقق الأمن ويوفر الخدمات.. ونحتاج «سور»
مطالب بحصر الوحدات السكنية وتحديد طرق طرحها لعلاج الأزمات المالية وإعادة الهيكلة
العودة لنظام البيع القديم وموعد واضح للتصرف فى الأبراج «مطالب ملحة»
الأبراج «أموال ملقاه على الأرض» وبيعها بأسعار مناسبة يحقق للدولة ملايين الجنيهات
سمسار: مغالاة الشركة فى نظام البيع الجديد وراء الارتفاع الجنونى للأسعار بالقرب من مجمع الأديان ومسجد عمرو بن العاص وكنيسة مارجرجس، وعلى بعد أمتار من دار الوثائق القومية التي تم افتتاحها رسميا منذ أيام، وعلى أبواب متحف الحضارة المشيد ليصبح بمثابة أحد أهم معالم القاهرة السياحية، تقع مدينة «الفسطاط الجديدة» السكنية بمصر القديمة، وعلى أطراف تلك المدينة تظهر عشرات الأبراج السكنية الشاهقة «مهجورة» منذ عدة سنوات، بعد أن انتهت شركة المعادي للتنمية والتعمير من إنشائها ولم تتخذ قرار حتى الآن ببيعها، بعد أن توقفت تماما عن طرح وحدات للبيع منذ قرابة العام، وظلت تلك الأبراج ملاصقة لعشوائيات «منطقة البقر».
«صدى البلد» تجول داخل مدينة الفسطاط ليكشف أسباب بقاء تلك الوحدات السكنية حتى الآن «مهجورة»، وعدم طرحها للبيع، حتى في إطار الجهود التي تقوم بها الحكومة منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئاسة لتوفير وحدات سكنية لجميع المواطنين، والتخلص من العشوائيات، خاصة في قلب القاهرة .
وكما تؤكد شركة المعادي للتعمير على موقعها الإلكتروني فإنها تمتلك مساحة «800 فدان» بمنطقة الفسطاط الجديدة بالقرار الجمهوري رقم 1187 لسنة 1972، والقرار الجمهوري رقم 1420 لسنة 1974 المشهر برقم 1468 في 19/8/1989، بهدف تعمير تلك المنطقة الحيوية بالقاهرة، والتي تقع على بعد خمسة كيلومترات من وسط العاصمة، مما يساهم في حل مشكلة الإسكان بتوفير أراضي بناء تسمح بإنشاء وحدات سكنية بمستوياتها المختلفة، والمساهمة في توفير مسطحات خضراء مخصصة لأنشطة سياحية وترفيهية.
ومنذ سنوات، بدأت شركة المعادي للتنمية والتعمير والتابعة للشركة القومية للتشييد والتعمير، في بناء مدينة «الفسطاط الجديدة» حتى انتهت من بناء مرحلتين منها يعرفان بالمجاورة الأولى والثانية، ويتكونا من مئات العمارات السكنية والأبراج الضخمة، حيث قامت الشركة ببيع الوحدات السكنية بنظام الإيجار التمليكي، حسب ما أكده لنا أحمد مصطفى، محاسب، أحد سكان المدنية ، موضحا أنه حصل على وحدته عن طريق المزايدة على المقدمات، ويقوم بسداد باقي ثمن الوحدات عن طريق أقساط شهرية تبلغ 1500 جنيه بفائدة سنوية 5%، على مدار 25 عاما.
الطبقة المتوسطة
وتلتقط أطراف الحديث زوجته منى إبراهيم، مؤكدة أن شركة «المعادي»، ظلت طوال سنوات حكم الرئيس الأسبق مبارك في الاستمرار على نفس نظام البيع في المجاورتين الأولى والثانية، بالاضافة إلى العمارات الجديدة في المجاورة الثامنة، وحتى مع اندلاع ثورة يناير وإبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي ظلت محتفظة بنظامها الذي لاقى إقبالا كبيرا من متوسطي الدخل والذين يمثلون أغلب سكان المدينة، قائلة: «جيراننا هنا أطباء وموظفو حكومة وأساتذة جامعات وصحفيون»، لأن نظام الشركة يناسب الطبقات المتوسطة القادرة على سداد مقدمات وأقساط «معقولة».
تهديدات «بطن البقرة»
وبجوار الأبراج الشاهقة - الخاوية علي عروشها- وعرفنا أنها تقع في ما يسمى «المجاورة الثامنة» الملاصقة تماما لمنطقة «بطن البقرة»، يقول إبراهيم أحد سكان المدينة: "أعيش مع أسرتي بالمدينة منذ عدة سنوات ونسمع كثيرا عن حوادث سرقة واختطاف يرتكبها سكان عزبة «خير الله»، وعزبة «بطن البقرة» ضد السكان، حيث اعتادوا محاولة سرقة سياراتنا من الجراجات، ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى محاولات سرقة واختطاف أطفال، والتعرض للنساء، رغم أنه يفصلنا عن قسم مصر القديمة أمتارا قليلة".
غياب الأمن ونقص الخدمات

ويضيف إبراهيم: "عرفنا أن الأرض المقام عليها عزبة «بطن البقرة» مملوكة لشركة «المعادي للتنمية والتعمير»، واستولى عليها أهالي المنطقة، كما أن العمارات التي نسكن فيها كانت مقالب قمامة وعشش لسكان «بطن البقرة»، وتمكنت الشركة من إخراجهم وقامت ببناء عشرات العمارات والأبراج لم تبع إلا عدد قليل منها، وتوقفت عن بيع أغلبها وتركتها مهجورة، قائلا:«نفسنا الأبراج والشقق تتباع عشان تعمر المنطقة ونبني أسوار تحمينا، ويتم رصف الشوارع، ونجد محلات لشراء لوازمنا، وإزالة العشش التي تشوه قلب القاهرة وإنشاء المزيد من العمارات والانتهاء من المشروع».
أسعار خيالية
ويكشف الحاج إبراهيم أحمد، موظف بالمعاش، عن أسباب توقف بيع الوحدات، مؤكدا أن آخر الأبراج السكنية التي طرحتها الشركة بنظامها القديم كان منذ عدة شهور، وتم بيع كل الشقق، موضحا أن الشركة أعلنت منذ أيام عن بيع «عمارتين» بالتمويل العقاري، ولم تتمكن من بيع ولا شقة، لأن الأقساط بالتمويل بلغت 10 آلاف جنيه شهريا على 15 سنة، قائلا: «مافيش حد هيشتري هنا جنب العزبة والمقابر ومشاكل البحيرة بالأسعار الخيالية دي طبعا، ومين يقدر يدفع 10 آلاف جنيه قسط شهري على 15 سنة، والشقة في الآخر هيطلع سعرها 2 مليون».
فشل التمويل العقاري
ويؤكد "محمد. ع"، سمسار وحارس عقار، أن شركة «المعادي» تراجعت عن نظام التمويل «الفاشل»، حسب قوله، مؤكدا أن ما فعلته الشركة ساهم في رفع أسعار الشقق القديمة بالمنطقة بشكل غير طبيعي، ويضيف أن العشرات من الأسر يحاولون شراء شقق من الخاوية بالمدينة، والأفضل أن تعود الشركة لنظامها القديم، حيث تتراوح المقدمات مابين 200 و300 ألف جنيه، وأقساط شهرية تصل إلى 1700 جنيه شهريا بفائدة 7% سنويا على القسط.
أين محلب؟
من جانبه، قال المهندس محمد حسن، من سكان المنطقة، إنه "على الرغم من الانتهاء من المشروع الذى يضم عددا من الأبراج السكنية منذ فترة طويلة، إلا أن سياسة الأيدى المرتعشة داخل شركة المعادى للتنمية صاحبة هذه الأبراج تحول دون استغلالها لما فيه صالح المواطن والشركة والدولة، فنحن نسمع أن هناك خسائر ومشاكل مالية ونعتقد أن التصرف فى هذه الأبراج بالبيع بنظام المزايدة أو أى نظام بأسعار تناسب طبيعة المنطقة سينعكس بالإيجاب على موازنة الشركة وبالتالى تنفيذ مشروعات عقارية واستثمارية أخرى".
ويضيف حسن: "إذا كانت الدولة تنفذ مشروعات سكنية بمختلف المحافظات لتلبية الطلب وتقوم من وقت لآخر بالإعلان عن مشروعات جديدة، فلماذا لا يتم طرح هذه الأبراج للبيع أم أن المسئولين داخل الشركة يمارسون سياسة «تسقيع» الأبراج لبيعها بأسعار خيالية؟ دون النظر لأى اعتبارات أخرى، ويطالب بتدخل رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب ليس فقط من أجل حل هذه المشكلة ولكن بإصدار توجيهات للجهات المختلفة بعمل حصر للمشروعات السكنية والوحدات التى تم الانتهاء منها والتصرف فيها بالشكل المناسب لقدرات المواطنين والطبقة المتوسطة، على اعتبار أن ذلك يمثل موردا مهما لعلاج العجز ونقص التمويل الذى تعانى منه هذه القطاعات".
«رمي فلوس في الأرض»
وبجوار أحد الأبراج يقف عم حسين، حارس عقار، ليقول: "ولدت بتلك المنطقة في العشش الخلفية الملاصقة للأبراج، ونسمع ومنذ الستينيات أن الأرض ملك للدولة وسيتم بناء مدينة الفسطاط الجديدة عليها، وبحلول عام 1992، بدأت الشركة في تنفيذ أولى مراحل المدينة، ونقل العشش والعشوائيات إلى منطقة مجاورة على أن تسلم تلك الوحدات خلال خمسة وعشرين عاما، وتباع بطريقة المزاد العلني ولم يتعد خلال السنوات الماضية مقدم الوحدة مائتي ألف جنيه وألف جنيه مقابل القسط".
وتستكمل زوجة عم حسين الحديث قائلة: "سمعنا أن التمويل العقاري أوقف تماما بيع هذه الشقق، وأصبحت تلك المدينة كما ترى، فاضية والشقق لا تجد من يشتريها".
ويعود عم حسين بالحديث، قائلا: "ما يحدث «رمي فلوس في الأرض، العمارات اتكلفت واتبنت ومهجورة»، وإذا تم بيع هذه الوحدات سريعا، ستشهد المنطقة تطورا كبيرا، وستجنو الدولة منها مليارات، وبمعادلة صغيرة فإننا أمام ما يقرب من عشرين برجا سكنيا أو أكثر، وعدد كبير من العمارات الصغيرة، والبرج الواحد يحتوي ما بين 36 شقة و44 شقة، وفي حالة بيع الشقة بمقدم 250 ألف جنيه، فإن الدولة ستحصل على 10 ملايين «مقدمات» فقط من البرج الواحد بخلاف الأقساط التي ستستمر على 25 سنة وتقدر بـ1800 جنيه".
الإهمال من الفسطاط للمعادي
بينما تقول الحاجة نجاة أحمد، مدير عام بالمعاش، إن شركة المعادي تباطأت في خوض معركة استرداد أراضيها التي استولت عليها عشش وعشوائيات عرفت بـ«بطن البقرة»، وبات وجودها يمثل بقعة سوداء في قلب قاهرة المعز، لما تشهده من انتهاكات قانونية، ويعيش قاطنوها في ظروف وأجواء غير آدمية، منتظرين تعويضات ومساكن بديلة توفرها لهم الحكومة أو الشركة المالكة لترك الأراضي، وهو ما يعني بالتأكيد دفع تعويضات تمثل خسائر وأعباء مادية على الدول وجاءت نتيجة التباطؤ في تعمير المنطقة وإقامة عمائر سكنية، مما سهل للبعض الاستيلاء عليها.
وتضيف أن التراخي بالشركة تجاوز حدود الفسطاط ليصل إلى أقصى درجاته بعد أن تركت شركة المعادي للتنمية والتعمير أراضيها أيضا الكائنة خلف المحكمة الدستورية على كورنيش النيل بالمعادي خاوية على عروشها بلا استثمار أو إنشاءات، رغم أـن مساحتها كبيرة جدا، حتى استولت عليها أيادي البلطجة والفساد ليتم إنشاء العشرات من الأبراج المخالفة بلا تراخيص، وتكبدت الشركة مبالغ ضخمة حتى تمكنت من استعادة الأرض مرة أخرى، ناهيك عن تكلفة الحملات الأمنية التي خرجت لإخلاء تلك العقارات، ونسفها بـ«الديناميت»، وإلى الآن مازالت الأراضي الموجودة في موقع يمكن بوصفه بأنه «لا يقدر بثمن» تنتظر بلا أمل.