الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أسامة الزغبي يكتب : الأثر العربى فى الحياة الإسبانية و اللاتينية

صدى البلد

دخل العرب إلى شبه جزيرة إيبيريا فى عام 711 م , وانتهى وجودهم فيها عام 1492, وهى مدة تقترب من ثمانية قرون. لا شك مع طول هذه المدة أن العرب قد تركوا الكثير من ثقافتهم هناك والتى بالضرورة انتقلت إلى قارة أمريكا الجنوبية التى قامت إسبانيا و البرتغال بإحتلالها منذ العام 1492. ولكن للأسف ربطت حروب الإسترداد والتى قام بها الملوك الكاثوليك إيزابيلا وفريناندو فى عام 1492 بين الوجود العربى فى شبه الجزيرة وبين أسطورة متعصبة أطلقوا عليها الكابوس العربى و الذى يُرجِعون اليه التأخر النسبى لإسبانيا و البرتغال عن بقية بلدان أوروبا ولكن من حسن الحظ ان أنصار هذا التعصب يقلون يوما بعد يوم وذلك بعد قيام الكثيرين بدراسات أقنعت الكثيرين هناك بما كان للعرب من فضل كبير على الثقافة الإسبانية , علاوة على أن إسبانيا اليوم فى وضع جيد بالمقارنة بالعديد من البلدان الأوربية.

إن عملية توضيح الأثر العربى فى الثقافة الإسبانية لمهمة عسيرة وذلك بسبب المجهود الذى يتضمنه تفسير السلوكيات الإجتماعية لبلد هو فى تكوينه متعدد الثقافات والأعراق. ولكن ما هو جلى ان هناك بعض السلوكيات فى المجتمع الإسبانى يستحيل تفسيرها بدون ذكر المكون العربى الإسلامى, وسواء كان هذا المكون أصيلا فى ثقافة شبه الجزيرة العربية أو إكتسبه العرب أثناء غوزهم للرشق الأوسط وشمال إفريقيا, فهى فى النهاية عادات جاءت مع الغزو العربى لإسبانيا.

أولا: فى مجال اللغة:
إن التأثير العربى فى المجال اللغوى ليس أمرا جديدا فيما يتعلق بالإطروحات الإجتماعية و اللغوية و التاريخية وهو أمر يعترف به أيضا حتى قليلى الحظ من الثقافة. إن أبرز ملامح تأثر الإسبانية بالعربية هو مجال الصوتيات وكذلك ثرائها اللغوى الذى ربما يرجع إلى تأثر واضح بالعربية. وتاريخيا فمن المعروف أن الإسبانية الحديثة ظهرت نتيجة للإنصهار بين العربية و اللاتينية و اليونانية مع تسييد واضح للعربية فيما يتعلق بلغة العلوم و الإدارة. كذلك يمكن إعتبار الشعر العربى هو المصدر الأساسى للشعر الإسبانى. ويتضح تاثير العربية بشكل كبير عند الإستخدامات الغجتماعيى للغة, فكثير من الصيغ الإصطلاحية التى يستخدمها الإسبان اليوم تعود للعربية وكمثال على ذلك تعبير "تحت أمرك" a tu disposición , وهى طريقة للتعبير عن مدى ترحيب الشخص بضيفه وكثيرا ما تسببت فى سوء فهم مع الأخرين عندما يتم وضع ممتلكات الأخرين تحت إمرتهم. كذلك تقديم البيت للغريب أو الحاج بقول " هذا بيتك" هى عادة عربية بإمتياز وتعبير دقيق عم روح الكرم الذى يكتاز بها العرب. كذلك تخصيص حجرة للزائرين أيضا طقس عربى ورثه الإسبان وانتقل معهم إلى العالم الجديد وإن كان يتعلق أكثر بمجال العمران .

ثانيا: بعض العادات الاجتماعية:
أهمها هى عادة تقبيل الأيدى و الأرجل, والتى تعنى تقديم الإذعان و الاحترام لشخص ما, ويمكن التدليل عليها من خلال ما ذكرة الملك ألفونسو الحادى عشر فى مذكراته حيث كتب يقول" أنه لم يكن يترك الأمراء يقبلون أرجله". يمكن أيضا ذكر عادة تذييل الرسائل بعبارة " أقبل يديك".

كذلك اهتم العرب بإنشاء الحمامات العامة من أجل النظافة العامة والوضوء للصلاة , ولكن كان للجميع حق استخدامها. ولسوء الحظ تم هدم الكثير من تلك الحمامات بعد حرورب الإسترداد وذلك لإعتبارها رمزا على الإحتلال العربى إلى أن تم إحيائها لاحقا.

ثالثا: فى الطب:
قامت حركة ترجمة عربية نشيطة بسبب سياسات بعض الخلفاء عن اليونانية و اللاتينية وفى القلب منها كتب أبقراط وجالينوس وبفضلها حلق الطب العربى فى ذلك العصر فى أفاق واسعة جدا فى الوقت الذى كان الطب الإسبانى فى ذلك العصر لا يزال يعتمد على السحر ووصفات الحلاقيين وذلك لرفض الكنيسة محتوى كتب التراث اليونانى ترفض وجود الإله وذلك لانها تقضى بأن للطبيعة قوانينها الخاصة, ولكن كان من حسن الحظ ان قام العرب بترجمة تللك الكتب.

رابعا: فى العمارة:
إن اسهام العرب فى العمارة الإسبانية امرا لا يختلف عليه إثنان ويمكن دراسته من ثلاث زوايا وهى:
من الناحية الجمالية: ترك العرب تإثيرا كبيرا فى عمارة مدن الجنوب الإسبانى وأبرز مظاهر التأثير هو المنازل الكبيرة ذات الأسقف المرتفعة والتى تسمى خطأ بالعمارة الكولونيالية, كذلك كثرة النوافذ والأبواب والفتحات الشمسية.

• من ناحية العمران: يعود الفضل للعرب فى التخطيط العمرانى لبعض مدن الجنوب الغسبانى وكذلك المدن المحاطة بالأسوار والقصور المخخص للإدارة العامة وكذلك تخطيط الشوارع والطرق وهو الأمر الذى لم يكن له وجود فى العمارة القوطية السابقة على الوجود العربى فى إسبانيا.

• من ناحية طرق البناء: استخدم العرب الطين فى البناء لما يتميز به من عملية وشكل جمال وأيضا فى برعوا فى انشاء المبانى الحربية مثل القلاع.

وعليه:
إن التأثير العربى فى الثقافة و الهوية الإسبانية أكبر من أن تمحيه إدعاءات حروب الإسترداد. والتأكيد على ان هذه الإدعاءات ليست سوى تعصب قومى يعادى حقائق التاريخ. كذلك من الواضح والجلى أن هذا التأثير لإنتقل مع الإسبان الى قارة أمريكا اللاتينية لاحقا. وربما لو كان التاريخ قد اخذ منحنا أخر ولمك ياتى العرب الى اسبانيا, لكانت الفنون و العلوم فى وضع متأخر عن وضعها الحالى حيث كانوا سيبدءون من حيث انتهت الشعوب البربرية و التى لم تترك شيئأ ذا بال.