"صدى البلد" يكشف خطة حماس لخداع الموساد قبل تسليم شاليط

حصل " صدى البلد" على تفاصل الخطتين السريتين اللتين تمكنت بهما حركة المقاومة الإسلامية " حماس" من أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وتسليمه إلى مصر في إطار صفقة التبادل الأخيرة .
وتكشف المعلومات عن أن خطة الأسر والتسليم وضعتا بدرجة عالية من الدقة والإحكام لخداع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية كي لا تتمكن من معرفة الطريقة التي أخفت بها حماس الأسير الإسرائيلي.
وكشف قيادي بحركة حماس لموقع ” صدى البلد “ عن تفاصيل خطة نقل شاليط من مكان احتجازه بقطاع غزة حتى وصوله إلى معبر رفح، لخداع المخابرات ( الموساد ) وأجهزة الأمن الإسرائيلية في تتبع مكان احتجازه طيلة السنوات الخمس الماضية.
وقال إن عملية نقل شاليط من قطاع غزة إلى معبر رفح تمت بعيدا عن تتبع المخابرات الإسرائيلية، وفق خطة محكمة نفذتها عناصر حركة حماس وإجراءات أمنية للتمويه حول مكان احتجازه.
وأضاف أن حركة حماس اشترطت على إسرائيل ضمن شروط الصفقة عدم تحليق الطائرات الإسرائيلية فوق قطاع غزة يوم تسليم جلعاد شاليط وحتى إتمام الصفقة، لتضمن عدم تتبع إسرائيل مكان وجود شاليط في قطاع غزة.
وبالرغم من ذلك، وضعت حماس في اعتبارها وجود أقمار صناعية مخصصة لتصوير تحركات أعضاء حركة حماس هذا اليوم وتتبع مكان احتجاز شاليط، إلا أن حماس استطاعت خداع إسرائيل بطريقة خروج شاليط من مكان احتجازه حتى وصوله إلى معبر رفح، فقد كان شاليط محتجزا داخل شبكة أنفاق أرضية داخل قطاع غزة، وكان يتم نقله من مكان إلى مكان آخر كل فترة زمنية محددة، وهو إجراء أمني ابتدعته حماس ليصعب وصول المخابرات الإسرائيلية لمكان احتجازه، وعند إتمام الصفقة أخرجت عناصر حماس الجندي المختطف جلعاد شاليط من مكان آخر بعيدا عن موقع احتجازه عن طريق شبكة الأنفاق الأرضية الممتدة أسفل قطاع غزة، ثم بدأت عملية نقله بطريقة سرية لم تكن متوقعة داخل سيارة بيكب” تويوتا تايلاندي“ من داخل مكان مغلق تقف فيه السيارة، وخرجت السيارة بطريقة عادية.
غير أن عناصر حماس تحركت بطريقة مختلفة لخداع الجانب الإسرائيلي، لتخرج أكثر من ٣٠ سيارة من نفس النوع ومن نفس سنة التصنيع واللون والشكل من مدن متفرقة بقطاع غزة بنفس الطريقة، ثم تجمعت في شارع واحد متجهين إلى معبر رفح، وكانت جميع السيارات من التى اشترتها حماس من مهربي السيارات عبر الأنفاق من سيناء إلى قطاع غزة، كما كان يستقل هذه السيارات عناصر من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس ، معظمهم بنفس الطول والجسم وتختفي تفاصيل وجوههم بالصبغة السوداء.
وقد صل شاليط إلى معبر رفح برفقة عناصر كتائب عز الدين القسام تحت إشراف قيادي الكتائب أحمد الجعبرى، وسط حراسة مشددة وعناصر مسلحة من القسام دخلت حتى الصالة المصرية داخل المعبر وسلمت الجندي الإسرائيلي إلى المخابرات المصرية لتوقيع الكشف الطبي عليه من قبل فريق طبي مصرى وإسرائيلي، بمشاركة الصليب الأحمر الدولي.
وكانت صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط قد تمت وسط تكثيف أمني مصري مشدد حول معبر رفح البري، حيث نقلت الأجهزة الأمنية المصرية جلعاد شاليط بعد أن تسلمته من حماس من قطاع غزة عبر معبر رفح إلى إسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم المشترك مع إسرائيل.
كما تم نقل الأسرى من نفس الطريق إلى معبر رفح ثم قطاع غزة وسط هتافات أهالي سيناء خارج معبر رفح.
جدير بالذكر أن عملية اختطاف جلعاد شاليط عرفت باسم عملية ” الوهم المتبدد “ وهي العملية الأشهر في تاريخ قطاع غزة، والتي اشتركت فيها ثلاث تنظيمات فلسطينية من حماس والمقاومة الشعبية وجيش الإسلام في اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط من نقطة كيرم شالوم الإسرائيلية، في ٢٥ يونيو ٢٠٠٦.
وقد حاولت إسرائيل على مدار الخمسة أعوام في الوصول إلى معلومات عن الجندي المختطف شاليط بكل السبل المتاحة، فأرسلت الرسائل القصيرة على أجهزة الهاتف النقال لسكان قطاع غزة بإغراءات مالية كبيرة لمن يبلغ بمعلومات عن الجندى المختطف، كما جندت العديد من العناصرالفلسطينية داخل قطاع غزة للبحث عن أي معلومات تدل على مكان وجوده، إلا أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل فاتجهت إسرائيل إلى الخيار العسكري وإعلان حرب جديدة على قطاع غزة أواخر ديسمبر ٢٠٠٨ وتشديد الحصار على القطاع ، إلا أن محاولتها العسكرية فشلت أيضا.
فاتجهت إسرائيل إلى المفاوضات تحت ضغط شعبي أرغمها على الاتجاه إلى طاولة المفاوضات مع حركة حماس، إلا أن إسرائيل رفضت تبديل شاليط إلا بفلسطيني واحد مما أسفر عن فشل التدخل المصري.
وفي عام 2009 حاولت مصر مرة أخرى التدخل لحل الأزمة بين الطرفين لكنها باءت بالفشل، وهو ما دفع أطراف دولية التدخل لحل الأزمة في الفترة من عام 2009 وحتى 2011، منها فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، قطر، تركيا، إلا أن محاولاتهم فشلت في الوصول إلى اتفاق مع الطرفين.
وأخيرا استجاب الطرفان للعودة إلى طاولة المفاوضات المصرية في شهر أغسطس الماضي، وسط اتصالات مكثفة من المخابرات العامة المصرية، وفي القاهرة استمرت المفاوضات لأكثر من شهرين.
إلى أن توصل الطرفان لاتفاق في الخامس من أكتوبر الماضي على إتمام الصفقة تحت إشراف مصري بمبادلة الجندي المختطف جلعاد شاليط بـ ١٠٢٧ أسير فلسطيني.