قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

السيدة سكينة "بنت الحسين".. وريثة علم بيت النبوة.. وعاشت 70 عاما في خدمة الإسلام


تأتي السيدة سكينة بنت الإمام الحسين "رضي الله عنهما" على رأس قائمة الأئمة والفقهاء والعلماء الأوائل الذين أفادوا علوم الإسلام، وأثروا التاريخ الإسلامي بإسهامات جليلة، وهي تعد وريثة علم بيت النبوة، وقد عاشت عمرها الطويل في خدمة الإسلام الحنيف وقرآنه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هي السيدة سكينة بنت الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، والدتها هي الرباب بنت امرؤ القيس بن عدي الكلبي معدية، ولدت في العام السابع والأربعين من الهجرة، واختار لها أبوها اسم "آمنة" على أسم جدتها أم النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أطلقت عليها أمها اسم "سكينة"، وذلك لان نفوس أهلها وأسرتها كانت تسكن إليها من فرط فرحها ومرحها وحيويتها، كما قيل عن سبب ذلك أيضا ما ظهر عليها وهي طفلة من امارات الهدوء والسكينة ، وقد غلب هذا اللقب على اسمها الحقيقي.
وعندما استشهد والدها الإمام الحسين في معركة كربلاء كانت السيدة سكينة في الرابعة عشر عاما من عمرها ، وكان لها بلاء حسنا في إيصال مظلومية آل بيت النبوة وصوت الحسين إلى جميع الاقطار الإسلامية في ذلك الوقت، وبخاصة اثناء السبي من الكوفة إلى الشام، ويروى أن الإمام الحسين لما أراد توديع أهله يوم عاشوراء ظلت السيدة سكينة في مكانها باكية فلاحظ سيد الشهداء ابنته الحبيبة على هذا الحال فتوجه إليها يكلمها ومصبرا لها
فقال: "سيطول بعدي يا سكينة فأعلمي منك البكاء إذا الحمام دهاني ،لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة مادام مني الروح في جثماني فإذا قتلت فأنت أولى بالذي تأتينه يا خيرة النسوان " ، وقد رثت السيدة سكينة أبيها بعد استشهاده بقولها:" إن الذي كان نوراً يستضاء به بكربلاء قتيل غير مدفون سبط النبي جزاك الله صالحة عنا وجنبت خسران الموازين قد كنت لي جبلاً صعباً ألوذ به وكنت تصحبنا بالرحم والدين من لليتامى ومن للسائلين ومن يعنى ويأوي إليه كل مسكين ؟ والله لا أبتغي صهراً بصهركم متى أغيب بين الرمل والطين.
"
وبعد استشهاد الإمام الحسين انتقلت السيدة سكينة إلى رعاية الإمام السجاد، ثم بعد ذلك تزوجت من ابن عمها عبد الله بن الامام الحسن بن علي بن أبي طالب، وقد عاشت حياة حافلة بالعلم والأدب والنشاط الاجتماعي، فكانت السيدة سكينة سيدة نساء عصرها وأوقرهن ذكاء وعقلا وأدبا وعفة، وكانت تزين مجالس نساء أهل المدينة بعلمها وأدبها وتقواها، وكان منـزلها ندوة دائمة للعلم والفقه والحديث ، وهو ما جعل بعض المؤرخين يطلقون عليها لقب " سيدة نساء عصرها وعقيلة قريش "، وكانت من الأدب والفصاحة بمنزلة عظيمة مع ما هي عليه من التقوى والورع والعبادة، وكان منزلها مألف الأدباء والشعراء ، وهي بذلك من أول من أنشأوا "الصالون الأدبي" بمفهومنا المعاصر.
ومما يروى عن السيدة سكينة ما رواه السبط بن الجوزي عن سفيان الثوري قال: أراد علي بن الحسين الخروج إلى الحج أو العمرة فاتخذت له اخته سكينة بنت الحسين سفرة انفقت عليها الف درهم وارسلت بها إليه فلما كان بظهر الحرة أمر بها ففرقت في الفقراء والمساكين، ويقول المؤرخ ابن طولون: قدمت دمشق مع أهلها ثم خرجت إلى المدينة وكانت من سادات النساء واهل الجود والفضل رضي الله عنها وعن أبيها.
وفى الثلث الأخير من حياتها حرصت السيدة سكينة على تعليم المسلمين فضائل وأخلاقيات بيت النبوة ، كما كان لها تأثيرا كبيرا في شتى ميادين العلم والفقه والمعرفة والأدب ، الأمر الذي جعل المؤرخون يضعون اسمها في قائمة المجددين في علوم الإسلام وحضارته العظيمة.
وتوفيت السيدة سكينة في المدينة المنورة عام 117 هـ ، وكان عمرها وقتها سبعين عاما أي بعد مضي 56 سنة على حادثة كربلاء.