قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

بين قناة السويس وبحر مويس


لمن لا يعرف فإن بحر مويس هو التفريعة الرئيسية لنهر النيل التى تزود مدينة الزقازيق وكل القطاع الشرقى من محافظة الشرقية بالمياة اللازمة للرى.
والحقيقة أنه ليس بحرا بل مجرد ترعة من الترع الرئيسية للنيل، ولكن كلمة بحر يطلقها الأهالى عليه منذ القدم لاتساعه نسبيا، وأقصى ما يمكن أن يحدث مع بحر مويس من نمو وتطور هو أن يقوم الأهالى ببناء غرز ومقاهى لشرب الشاى وتبادل دخان الجوزة فى الأمسيات أو فى الزمن الحديث يمكن أن تقام عليه بعض الكافيتريات البسيطة التى تناسب المنطقة الريفية التى يوجد بها.
ولم يكن متوقعا لبحر مويس ولا لمن حفروه أن يجذب استثمارات بالمليارات أو شركات عالمية لبناء مصانع أو تحميل أو تعتيق حاويات خاصة وأن أكبر وحدة نهرية يمكن أن تمر به لا تزيد عن مجرد مركب شراعى بسيط أو صندليحمل القلل القنائى وبعض أنواع المحاصيل من منطقة إلى اخرى فى زمام مديرية الشرقية، صحيح أن النمو الحديث فى الشرقية ارتبط بشق هذه الترعة منذ أيام الخديوى إسماعيل ونشأت على ضفافه المنشآت الحديثة التى طورت المديرية كلها مثل مدرستى الزقازيق الابتدائية والزقازيق الثانوية إلى جانب مديرية الأمن ومبنى المحافظة ... وإلى آخره من المنشآت المهمة، وبهذا يكون بحر مويس قد فعل أقصى ما يمكن له.
هل نستطيع أن نتعامل مع قناة السويس بنفس أسلوب التعامل مع بحر مويس؟ بمعنى أن ينصب كل إهتمامنا على أن يجذب التطوير الجديد لها مجرد رؤوس الأموال المحلية فى مصر ورجال الأعمال المحليين وحتى القوات المسلحة بقطاعها الهندسى الذى يمكن أن يكون له مهارات وخبرات إدارية وهندسية وفنية قد تتجاوز ما فى حوزة رجال الأعمال المصريين، ولكنها أقل مما فى حوزة الشركات والهيئات ذات السمعة العالمية التى يجب أن نسعى إليها ونجذبها إلينا إذا كنا نريد ان نفعل شيئا له قيمة.
سيكون هذا خطأ فادحاً، فالقناة الأصلية عندما أفتتحت فى عام 1869 جذبت العالم كله شرقا وغربا وحققت ثورة فى عالم الاتصالات فى اختصار المسافات والزمن اللازم للرحلات التجارية وحتى النزهة بين الشرق الأقصى وأوروبا وبالذات لندن، وليس من المعقول أن يتم التعامل مع التوسيع الجديد أو القناة الموازية التى يجرى شقها حاليا بأسلوب يقل عما حدث مع القناة الأم.
فمن الخطأ الفادح ألا نعمل على جذب إستثمارات أجنبية وشركات عالمية سواء للنقل البحرى أو للصناعات ذات آفاق عالمية، وحتى بنوك وشركات تأمين ذات مستوى عالمى، فإذا كان المطلوب من العمل الحديث لتطوير القناة أن تؤدى إلى إحداث تنمية كبيرة فى منطقة القناة وفى الإقتصاد المصرى كله فإنه يجب أن يتم جذب هذه العوامل، فليس صحيحا ولا صائبا أن نزعم أن اهتمام بنك عالمى له اسم كبير أو مجرد أن يبدى مثل هذا البنك رغبة فى أن يكون له إسهامات بأى شكل فى المنطقة الجديدة أن نتعامل معها بشكوك ونبادر إلى رفضها بزعم الأمن القومى، ونفس الشىء ينطبق على شركات التأمين العالمية فليس معقولا أن نكتفى بشركات التأمين المصرية ذات القدرات المتواضعة والآفاق الاكثر تواضعا ونستبعد الشركات الكبرى ذات الطموح والقدرة على الإنتشار بسهولة فى أى مكان فى العالم.
المسألة باختصار أنه إذا كانت هناك أحلام كبيرة فإنه يجب أن تكون هناك خطط على نفس المتسوى وليس من المقبول أن نظل نكرر حكاية الخوف على الأمن القومى وان الإستثمارات الأجنبية فى هذه المنطقة خطر لأن هذا لا يعبر إلا عن جهل، كأن المستثمر الأجنبى لو قبل ووافق على العمل فيها سوف ينتهى به الأمر لأن يأخذها على ظهره، وهذا طبعا كلام فارغ، والدليل على ذلك ان بريطانيا وفرنسا اللتين كانتا تمتلكان أسهم هذه القناة وتنفردان بإدارتها حوالى 100 سنة تركتها فى النهاية وإنتزعتها مصر منهما. ونستطيع أن نحقق ما نريد بوضع إطار قانونى جيد يحمى مصالحنا ويحقق للأجنبى مصالحه وفى نفس الوقت يتيح الفرصة أمام القناة لكى لا تصبح مجرد بحر مويس او ترعة من ملايين الترع التى لا يعرف إسمها فى الأرياف المصرية بل تصبح ممرا مائيا يشار إليه بالبنان.
المسألة كلها فرص وجسارة فى التعامل مع الفرص.
ولن يفيد مصر كثيرا أن تصبح القناة الجديدة حكرا للقوات المسلحة بحجة أنها من تولت عملية الحفر الجاف للتفريعة الجديدة، فهذا العمل ليسبه أى عبقرية والدليل على ذلك أنه عندما بدأ العمل فى السد العالى كانت شركة عثمان أحمد عثمان مجرد شركة مقاولات صغيرة لكن جرى الإعتماد عليها مع شركتين مصريتين أخريين وهم شركة مصر لأعمال الاسمنت المسلح وشركة النصر العامة حسن علام، وبالذكاء والجهد والمثابرة فى العمل تمكن عثمان أحمد عثمان من أن تخرج شركته من السد العالى كأكبر شركة مقاولات ليس فقط فى مصر ولكن فى المنطقة العربية وأفريقيا. وقد تولى بكل نجاح مهمة الحفر الجاف بالإضافة إلى الأعمال الإنشائية الخاصة بإقامة جسم السد نفسه، ونجح فى ذلك، فليست هناك عبقرية استثنائية فى عملية الحفر الجاف. بالإضافة إلى ان الفلاحين المصريين شقوا القناة الأصلية بالفؤوس عن طريق العمل بالسخرة فى عملية الحفر الجاف الأولى.