عام 2014 يلملم أطرافه بالسودان.."بدايته حوار وطني ونهايته صدام دولي"
شهدت الساحة السياسية بالسودان خلال عام 2014 الذي بدأ يلملم أطرافه استعدادا للرحيل، العديد من الأحداث المتسارعة التي كان أبرزها حالة الحراك السياسي للقوى والأحزاب المختلفة بالبلاد، والتي أعقبت دعوة الرئيس عمر البشير، للحوار الوطني الشامل، واختلاف مواقف ورؤى السياسيين بشأن تلك الدعوة، والتي أفرزت اختلاف في المواقف دفع ثمنها عدد من القادة الحزبيين بالبلاد، كان على رأسهم رئيس حزب الأمة القومي "المعارض" الصادق المهدي، من خلال تعرضه للاعتقال ومغادرته للبلاد لاحقا، كما شهد العام المنصرم جولات تفاوضية بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية - قطاع الشمال - برعاية الاتحاد الأفريقي، والتي لم تحقق تقدما يذكر حتى الآن.
ولم يلبث العام أن ينصرف حتى ظهرت بوادر الأزمات الدولية من خلال الصدام مع الأمم المتحدة، خاصة بعد أحداث قرية "تابت" بشمال دارفور والتي أثيرت فيها مزاعم الاغتصاب الجماعي، وأدت إلى مطالبة حكومة الخرطوم للبعثة الأممية لحفظ السلام "اليوناميد" بمغادرة البلاد، وتطورت الأحداث بشكل دراماتيكي مع نهاية ديسمبر الجاري، بعد قرار الحكومة السودانية بطرد مسئولين أمميين رفيعي المستوى من البلاد، وهو القرار الذي احتج عليه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وعدد من الدول الأوروبية.
ويتضح من المشهد السوداني خلال عام 2014 أنه بدأ في مطلع يناير بخطاب الرئيس عمر البشير بمناسبة عيد الاستقلال والذي دعا فيه القوى السياسية بالبلاد للتوافق الوطني والاتفاق على ثوابت تحقق تطلعات المواطنين وتحافظ على مصالح الشعب، كما دعا الأحزاب إلى الاستعداد للحوار والمناظرة بفكر صادق بعيدا عن الولاء الحزبي الضيق، وقد لبى دعوة البشير في هذا الوقت كافة القوى السياسية بما فيهم الصادق المهدي، وجسن الترابي، وغازي صلاح الدين، غير أنه مع مرور الوقت لم تلبث تلك القوى أن اختلفت واتهمت حزب المؤتمر الوطني "الحاكم" بمحاولة إقصاء الجميع.
ومن بين الأحداث الهامة بالسودان خلال 2014 إصدار محكمة جنايات الخرطوم حكما يقضي بالإعدام و100 جلدة في مواجهة مريم يحيى، بعد إدانتها بالردة والزنا وإنجاب مولود غير شرعي، وتمسكت مريم في ردها على المحكمة بأنها من أصل مسيحي ولم ترتد عن الإسلام، وقد شغلت تلك القضية الرأي العام الأوروبي وشكلت ضغطا على السودان وانتهت ببراءتها وسفرها إلى أمريكا مع زوجها من دولة الجنوب الذي يحمل الجنسية الأمريكية.
كما شكلت قضية اعتقال رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي في مايو 2014 أحد أهم الأحداث في السودان خلال هذا العام وذلك بعد اتهامه لقوات الدعم السريع التابعة لجهاز الأمن والمخابرات، بارتكاب جرائم في دارفور، وقد تم الإفراج عن المهدي بعد قضائه شهرا في سجن"كوبر" شديد الحراسة بالخرطوم.
وتعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، للخرطوم في 27 يونيو 2014 ومباحثاته مع الرئيس عمر البشير، من أهم الأحداث خلال هذا العام وهي الزيارة التي أسهمت في تطور وتنمية العلاقات بين البلدين الشقيقين بعد فترة جمود شابت العلاقة بعد ثورة 30 يونيو.
كما شرعت حكومة الخرطوم في شهر سبتمبر 2014 في إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية بكافة فروعها بالولايات، لاتهامها بنشر الفكر والمذهب الشيعي بالبلاد.
وفي أكتوبر 2014 قام الرئيس عمر البشير بزيارة للقاهرة وأجرى مباحثات مشتركة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تم خلال نلك الزيارة التي وصفتها الأوساط السودانية بالتاريخية، الاتفاق على رفع مستوى اللجنة العليا المشتركة بين البلدين إلى المستوى الرئاسي، وشدد الرئيسان على أن الوقت قد حان لخلق علاقات تكاملية نموذجية بين الجانبين في مختلف المجالات.
كما شهد شهر أكتوبر أيضا، انتخاب مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان عمر البشير، رئيسا للحزب ومرشحا للرئاسة في انتخابات إبريل 2015.
وفي شهر نوفمبر، نفى الجيش السوداني مزاعم وقوع اغتصاب جماعي بقرية /تابت/ بشمال دارفور، على نحو ما تناقلته وسائط إعلامية، وقامت بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام "اليوناميد" بزيارة القرية، ولم تصل لمعلومات مؤكدة بوقوع تلك الحادثة، وطالبت بزيارة أخرى للمنطقة، وهو الأمر الذي رفضته حكومة الخرطوم، وأدى هذا الأمر لتأزم الموقف مع البعثة الأممية مما استدعى مطالبة السودان لها بمغادرة البلاد.
وفي ديسمبر الجاري، استدعت وزارة الخارجية السودانية السفير الأردني بالخرطوم، وأبلغته احتجاج السودان واستنكارها لمداخلة نائب المندوب الدائم للأردن بالأمم المتحدة، تعقيبا على بيان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أمام مجلس الأمن.
وأعقب ذلك اتخاذ الحكومة السودانية قرارا بطرد مسئولين أمميين رفيعي المستوى من البلاد، هما المنسق الأممي المقيم للشئون الإنسانية علي الزعتري، ومديرة البرنامج الإنمائي بالسودان إيفون هيل، بدواعي تصريحات مسيئة من جانب الزعتري للقيادة السودانية، وتصرفات استعلائية من ايفون هيل، وهو الأمر الذي احتجت علية الأمم المتحدة ورأسها بان كي مون، الذي طالب السودان بالتراجع عن هذا القرار، غير أن حكومة الخرطوم أصرت على قرار الإبعاد وعدم التراجع عن موقفها الراهن بطرد المسئولين الأمميين.