على عويس يكتب.. بعد حزم عاصفة قدس يا عرب ....!!
منذ أكثر من خمسين عاما وهى واقفة خلف صمتها غارقة بدم عدو لا يرحم لم يبق
فيها شيء ينتهك إلا مزقته نعاله وهو يضحك.. تلفتت فإذا طعنة من قريب قال
عنها يوما إن الوصول إليها أجمل أمانيه.. أخذتها بأحضانها في سكون يئن حتى
لا تشمت عدوها فيرحل ذهابا وإيابا فوق هامتها فحوافره تنحر فؤادها!!
لم
تنم.. هى ساهرة دائما بحضن الألم.. أنفاسها محبوسة من دخان قادم من بلاد
الشام.. يقول الناس حولها إن خلافة نشأت هناك تلعن بلاد العرب تطعن فؤاد
العرب تنتقم من تراب العرب تحرق شباب العرب وتغتصب النساء تحت مسميات
الجهاد، غير أنهم يفعلون ذلك كي ينقذوك.. لم تفهم كلامهم غير أنها استبشرت
خيرا بذكرهم، فميراثها الثقافي ما فتئ يكذب عليها بقوله إن الخلافة تتحدث
عنها وإنها تعمل من أجل فك قيدها وردع عدوها!!
طال انتظارها.. حملت
الأنباء أن مهمة الخلافة أن تلعب باسمها لتجمع المغرر بهم لسحق العراق
والشام الذي كان يعسكر فيهما جهود تكبر لإنقاذها، وأن الخلافة وهم يتكور
على أجندات من يحفرون كل يوم قبرها ومنه يقربوها.
سمعت بالجنوب ضجة
لم يحسنوا الإعلام عنها أو صوروها، الكل عنها أصبح لاهيا لاهثا خلف الدولار
والدرهم، فهذا الزمن زمن الطلقاء من القيم، فمن يدفع يجد العالم عند
أقدامه يركع.. هى لا تملك مالا بل جمالا.
هى ليس لديها بئر من نفط فقد سرق عدوها منها حتى القرط والبحر والبر وكنوز التاريخ المدفونة في قصر الشوق!!
لم
يعد يذكرها في شرقها امرأة ولا رجل، ولا حتى إعلام "الجزيرة"، فقد وجد
دونها من تجمعهم على الشاشة أخبار غيرها، فلم تعد جاذبة ولا نافعة ولم يعد
حولها أحد يدفع، وكأن زمنها قد مضى ومحيطها قد نسى وجلالها قد محي.
من
لها اليوم.. إلا أقطار بعيدة وأقلاما قليلة وعقلاء قليلو الحيلة.. الذئاب
تعوي في وادي قريب والنمور تزحف في سرب بعيد والمرتزقة يجوبون البحار
وبحرها في حصار وأزيز الطائرات يعسكر في الصحاري وسماؤها المحاصرة يسبح
برحبتها الأعادي.. حدودها قيود.. وأرضها زرعها العدو شوك.
وقفت على
ناصية صمتها وعلى غير عادتها فتحت لأول مرة بعضا من فمها فبدت نواجذها
مضاءة كشعاع من قمر في ليلة ظلماء يحمل إلينا بسمة العجب التي تدين واقعها.
لقد زحفوا إليها وقالوا إن العرب تجمعوا في يومين بعدما تركوها
لأكثر من ربع قرنين!! وإنهم في لقاء حاسم سيطر عليه الأقوياء أهل المنافع
اتفقوا على إنشاء قوة عربية كبرى ينفق عليها الأثرياء ويتقدمها جنود من
شعوب كثيفة العدد عظيمة في ترتيب السبب!!
مع بسمتها فتحت عينيها
وحملقت.. ولمن قوة العرب في هذا العجب.. همس بأذنها إنها لحماية من يملك
مالا.. ولردع من يحاول أن يقترب.. حتى ولو كان لقدسك قد رغب.
هم
هناك يتجهزون لحرب في اليمن.. التي كان شعبها يحمل رسمك في مسيراته
الطويلة.. ويهتف باسمك في دروبه البعيدة.. بعدما نسوا دروبك القريبة!!
يمنك
الذي كان يدرسك ويتعلمك ويصلي بمساجده لأجلك في دعواته الطويلة.. تجهزوا
له بعاصفة حزم من أجل شرعية زعموها تستحق أن تهدم وطنا وتقتل شعبا ويتحالف
لها العالم الذي يُسقط بنفس الوقت شرعيات أخرى كبيرة في العراق والشام
وطرابلس الغرب الحبيبية.. هل تذكرينها؟
فقالت في لهفة لا تبدوا منها
غيرة.. نعم نعم.. ولكن لا تستبق الأحداث فقد جهزوا لعرسي يوما قريبا..
يوم تحريري من أسر صهيوني أدمى قدمي في قيدي لأكثر من ستين عاما وبيلا..
يقينا سيأتون إلي.. أيكون جيشا كبيرا.. لا يلتفت لحرمتي في أمة أنا أولى
مساجدها.. وصاحبة إسرائها وعندي معراجها.. أرجوك لا تكذب علي.. فبعد حزم..
عاصفة قدس لا ريب.. قلت إذن فانتظري خلف باب البيت.. قالت أبدا.. في قيدي..
وعلى قارعة الطريق بين صمتي ودمي.. سيمضي انتظاري ما بقيت..
فهل سيطول انتظار القدس يا عرب.