قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

"تنمية سيناء" سلاح السيسي لمحاربة الإرهاب

0|أمنية عادل

سيناء قلب مصر النابض، مهد الحضارة الإنسانية، مهبط الأنبياء، سطرت رمالها أعظم روائع التاريخ البشرى، ينتفض ماردها منذ العصور الأولى وحتى اللحظة الراهنة ليسحق الغزاة الطامعين ويرد كيد الماكرين فينقلبوا على أعقابهم خاسرين بفضل العناية الإلهية وأجنادها الحارسين لها ليوم الدين.
شهدت انتصارات أعظم جيوش الأرض، جيش مصر الباسل الذى لا يدانيه جيش فى عزته وكرامته وثبات عقيدته وإيمانه الصادق العميق بقيمة الوطن وإرادته الصلبة فى حربه الشرسة التى لا هوادة فيها ضد من تسول له نفسه مجرد الاقتراب أو المساس حتى ولو بحفنة تراب من أرض مصر الطاهرة الممتزجة بعبق دماء شهدائها الأبرار الذين لا يضنون بأرواحهم فى معارك الرفعة والشرف ضد الخسة والغدر والخيانة.
وحربه اليوم ضد الإرهاب الأسود لتطهير سيناء من خفافيش الكهوف وجرذان الجحور وعقارب الصحراء تحمل رسالة شديدة اللهجة للواهمين الحاقدين المتربصين بأن الأمن القومى خط أحمر والمحيط الإقليمى هو جزء لا يتجزأ عنه.
والموت هو مصير من يتجرأ عليه رغم محاولات الفتنة وتفتيت النسيج المجتمعى والنيل من الثوابت الوطنية وجميعها محاولات بائسة يائسة فمصر بشعبها وجيشها فى رباط إلى يوم الدين.
ونظرا للأهمية التاريخية والجغرافية والاستراتيجية لسيناء باعتبارها بوابة مصر الشرقية والحاضنة لأمنها وأمانها، فالضرورة الحتمية تفرض علينا عدم الاكتفاء بالمنظور الأمنى والعسكرى فى التعامل مع منطقة كسيناء تمثل ما يزيد على 75% من مساحة مصر ولا يقطنها سوى مليون ونصف المليون نسمة تقريبا وتعانى على مدار ستة عقود ماضية من غياب خطط التنمية والإعمار وتخلى الحكومات المتلاحقة عن مسئولياتها فى دمج هذا الجزء الغالى فى النسيج الوطنى من خلال توفير منظومة خدمية متكاملة وتنمية مجتمعية داعمة لروابط الانتماء ومشاركة سياسية فاعلة وإعادة التوزيع السكانى وتحويلها لمناطق جاذبة للقطن والاستثمار وإتاحة الحلول الناجزة لمشكلات توطين البدو وتملك الأراضى والاستغلال الأمثل لمواردها الطبيعية والبشرية، وأصبح الحديث عن تنمية سيناء مجرد خطب وهتافات رنانة فى أعياد الانتصارات والتحرير وخطط مبتورة حبيسة الأدراج، الأمر الذى أصاب هذا القطاع العريض والمهم من أرض الوطن بالفراغ الأمنى والمجتمعى والسياسى ليتحول اليوم إلى مرتع للإرهاب ومطمع للجبناء اليائسين الراغبين فى استيطانها وانتزاعها من قلب الوطن.

وبقراءة تاريخية للأهمية التنموية لسيناء باعتبار أن الأمن التنموى هو السبيل الأهم للأمن القومى، نجد محمد على أول من خطط لمحافظة العريش عام 1810 فى أول تقسيم إدارى له للدولة وعين عليها حاكما يدير شئون أهلها والذود بجميع أجهزة الدولة المعاونة، وقد سار خلفه على هذا النهج، وكان لافتتاح قناة السويس فى عهد إسماعيل أثر تاريخي فى إحياء هذه المنطقة وإعمارها وخلق مجتمعات عمرانية جديدة بها.
وقد أدرك الرئيس جمال عبد الناصر هذه الأهمية وكان بصدد وضع اللبنة الأولى لمخطط التنمية ولكن لم ير النور لظروف الحروب التى خاضها والنكسة التى سلبتنا سيناء ومن بعدها حرب الاستنزاف، وجاء الرئيس محمد أنور السادات عقب انتصارات أكتوبر ليجدد الحلم مؤمنا بأن سلاح التنمية والإعمار لهذه المنطقة ذات الحساسية الاستراتيجية الخاصة لا يقل أهمية إن لم يزد عن السلاح العسكرى ولكن لم يمهله القدر تنفيذ خطته.
ورغم مرور 30 عاما على تولى الرئيس حسنى مبارك، إلا أن الحديث عن تنمية سيناء كان مجرد كلام على ورق حتى أفقنا من غفوتنا على كارثة بعد ثورة 25 يناير لنجد سيناء وقد تحولت إلى منطقة جاذبة للإرهاب بعد أن ظلت لعهود طاردة لأبنائها واستباحها الأشقياء والخارجون على القانون وجددت الأمل الواهم المريض داخل الجبناء والخونة والطامعين فى انتزاعها واستيطانها.

وكانت ثورة 30 يونيو بمثابة المدد والعون الإلهى لينقذ مصر بشعبها وجيشها ورئيسها عبد الفتاح السيسى الذى جعل من الاحتفال بالذكرى الثالثة والثلاثين لتحرير سيناء خارطة طريق للتنمية الشاملة وخطة إنقاذ لهذه البقعة الغالية من أرض الوطن، مؤكدا أنه يضع هذا الهدف نصب عينيه ومناشدا جميع أجهزة ومؤسسات الدولة التكاتف وتضافر الجهود نحو تحقيق ذلك، ومعلنا عن تخصيص عشرة مليارات جنيه كبداية للتنفيذ، وهذا يعكس إيمانه العميق بأن سلاح التنمية يضاهى فى وجوبه وأهميته السلاح العسكرى وأنه بحق حائط الردع والصد فى مواجهة الإرهاب الغاشم، وهنا يأتى دور الحكومة لوضع هذه الخطط موضع التنفيذ وتحديد برامج زمنية محددة وتوفير الحوافز الاستثمارية والمزايا التنافسية الملائمة والمشروعات التنموية المناسبة فى ضوء الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة بالمنطقة لضمان صلاحيتها وقابليتها للتنفيذ وتحقيق الأهداف المرجوة منها والحرص على الحوار المجتمعى مع أهل سيناء وعواقلها من البدو وهم صمام الأمان لها والوقوف على مشكلاتهم وتذليل صعوباتهم لإنجاح خطة الدمج والاندماج فى المشروع الوطنى وصيانة الأمن القومى.
ولعل النظرة الجديدة لسيناء، خاصة فى ظل التحديات التى تعانيها المنطقة ومحيطنا الإقليمى، تمتد لتشمل جميع المحافظات الحدودية غربا وجنوبا وشمالا والتى عانت الإهمال عقودا طويلة، وللأسف يدفع أبناؤنا اليوم الثمن من أرواحهم ودمائهم العطرة، حما الله مصر وحما شعبها ورئيسها وأذل أعداءها.