عقيدة " وولفويتز" تدفع الأمريكيين إلى الانتحار.. وروسيا والصين يعلنان تحالفا استعدادا للحرب

تعيش أمريكا حالة من النرجسية اللااخلاقية والتي تدفعها دائما إلى الغطرسة فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي شعر الأمريكيون أنهم شعب استثنائي لا غنى عنه وأن الولايات المتحدة هي البلد الذي اختاره التاريخ لممارسة الهيمنة على العالم وهذا هو مذهب المحافظين الجدد وتحرر حكومات الولايات المتحدة من قيود القانون الدولي بما يسمح لواشنطن باستخدام الإكراه ضد الدول ذات السيادة من أجل إعادة تشكيل العالم على صورتها.
حماية فريدة من نوعها بوضع أحادي القوة نتج عن انهيار الاتحاد السوفيتي ليدير مبدأ وولفويتز الذي اعلنه في عام 1992 السياسة الخارجية لواشنطن حيث قال:"هدفنا الأول منع عودة ظهور منافس جديد على أراضي الاتحاد السوفيتي السابق أو في أي مكان آخر ما يتطلب أن نسعى لمنع أي قوة معادية من السيطرة على المنطقة التي ستكون كافية لتوليد الطاقة العالمية .
وقرر مجلس العلاقات الخارجية في مارس من هذا العام تمديد هذه العقيدة إلى الصين وهذا يفسر سبب الأزمة التي خلقتها واشنطن في أوكرانيا واستخدامها كدعاية مضادة لروسيا والصين فأمريكا اليوم تتمدد إلى آسيا ببناء قواعد جوية وبحرية جديدة لضمان مراقبة واشنطن لبحر الصين الجنوبي
ودعمت أحداث انهيار برجي التجارة في نيويورك إطلاق حرب المحافظين الجدد للهيمنة في الشرق الأوسط كما ساعدت أيضا على إطلاق دولة بوليسية قلصت من الحريات المدنية في الداخل.
كما أقنع انهيار الاتحاد السوفياتي كلا من الصين والهند بفتح أسواق العمل فتعرض وول ستريت للتهديد من عمليات الاستحواذ والتمويل ونقل التصنيع وقابلة تداول الوظائف في الخدمات المهنية، مثل هندسة البرمجيات وهذا قضى على الطبقة الوسطى الأميركية وأزال سلالم الترقي أمام الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي والقاعدة الضريبية التي انتقلت مع الوظائف إلى الصين والهند مادفع ألان جرينسبان رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي إلى التوسع في الديون الاستهلاكية فلا يوجد شيء يدفع الاقتصاد.
وبالتالي تدهور الميزان التجاري واستخدم الأجانب فوائضهم التجارية للحصول على السندات الأمريكية والأسهم والشركات والعقارات ونتيجة لذلك يتم الآن إعادة توجيه المصالح والأرباح الرأسمالية، والإيجارات من الأمريكيين للأجانب.
وعندما منعت روسيا غزو أوباما لسوريا أدرك المحافظون الجدد أنه بينما كانوا منشغلين في حروبهم في الشرق الأوسط وأفريقيا لمدة عشر سنوات أعاد بوتين بناء الاقتصاد الروسي والجيش.
ومن هنا أعاد المحافظون الجدد توجيه الاهتمام إلى روسيا وقد استثمرت أمريكا 5 مليارات دولار في تمويل الساسة والقادة في أوكرانيا والمنظمات غير الحكومية التي يمكن إرسالها الناس إلى الشوارع في احتجاجات.
فعندما قام الرئيس الأوكراني بحساب المكسب والعائد من الارتباط المقترح بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي أصدرت واشنطن أوامرها للمنظمات غير الحكومية للتحرك إلي الشوارع واختارت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية وجيفري بيات السفير الأمريكي في أوكرانيا الحكومة الأوكرانية الجديدة لينشأ نظام تابع في أوكرانيا.
وأملت اشنطن في استخدام الأحداث لطرد روسيا من قاعدتها البحرية في منطقة البحر الأسود الميناء الوحيد لروسيا إلا أن عودة القرم إلى روسيا أصابها بالإحباط وهنا استخدمت واشنطن هذا في الدعاية لتفريق العلاقات الاقتصادية والسياسية بين أوروبا وروسيا من خلال الضغط على أوروبا لفرض عقوبات ضد روسيا.
على الرغم من أن العقوبات لها آثار سلبية على أوروبا. ما دفع الأوروبيين للشعور بالقلق من عداء واشنطن المتنامي فأوروبا ليس لديها ما تكسبه من الصراع مع روسيا وهناك دلائل تشير إلى أن بعض الحكومات الأوروبية تدرس أنانية السياسة الخارجية لواشنطن.
لقد دمرت الدعاية المعادية لروسيا ضراوة بوتين والثقة الغربية في روسيا فها هو قائد حلف شمال الاطلسي يطالب بالمزيد من المال، والمزيد من القوات والقواعد على حدود روسيا في تحد عسكري مباشر لموسكو في وقت تسعى فيه واشنطن إلى دمج كل من أوكرانيا وجورجيا، واثنين من الأقاليم الروسية السابقة الى حلف شمال الاطلسي.
وعلى الساحة الاقتصادية فإن الدولار كعملة احتياطي بات مشكلة للعالم بأسره فالعقوبات وغيرها من أشكال الإمبريالية المالية الأمريكية دفع كثير من الدول إلى التحرر من نظام المدفوعات بالدولار وبدأ الطلب عليه ينخفض وهو ما ينعكس في شكل تضخم محلي يؤثر على مستوى المعيشة ويهدد الأسواق .
إن السياسة الخارجية الأمريكية والغطرسة يعني أنه على البلدان الأخرى أن تستعد للحرب فمذهب وولفويتز يجعل من الواضح أن ثمن السلام العالمي هو قبوله بهيمنة واشنطن.
لذلك تشجعت أوروبا على انتهاج سياسة خارجية مستقلة مودعة حلف شمال الأطلسي وأثار هذا الإدراك الصين وروسيا ليدخلا في تحالف استراتيجي وقع خلال الاحتفال بيوم نصر روسيا على هتلر ولأول مرة سار الجنود الصينيون في موكب مع الجنود الروس، وجلس رئيس الصين بجوار نظيره الروسي.
لقد أدركت روسيا والصين وحلفاء أمريكا أخيرا أن خيارهما إما التبعية أو الحرب فهل نحن مقبلون على تحالف دولي لإسقاط الهيمنة الأمريكية؟