الدكتور أحمد علي سليمان يكتب: مجلة الأزهر.. انطلاقة أكاديمية نحو التطوير والإبداع

ظلّت مجلة الأزهر على مدار 89 عاما، نجمًا ساطعًا في سماء المجلات الإسلامية، حملت خلال تلك الفترة راية الفكر الإسلامي الوسطي، وعبّرت بجلاء عن روح الإسلام، ونشرت العلم الرصين لكبار علماء الإسلام، وترأس تحريرها كوكبة من كبار العلماء منهم: فضيلة الشيخ محمد الخضر حسين، والأستاذ محمد فريد وجدي، ود. محمد عمارة، ورئيس تحريرها الحالي المفكر الإسلامي د. محمود حمدي زقزوق.
وقد حملت المجلة في أعدادها الأولى اسم (نور الإسلام)، ثم أُطلق عليها اسمها الحالي (مجلة الأزهر)، وحافظت هذه المجلة لعقود متعددة على سمتها ورصانتها، والآن تخرج مجلة الأزهر بإطلالة جديدة ومضمون متجدد، بعد أن تولى رئاسة تحريرها الدكتور محمود حمدي زقزوق، وتولى إدارة التحرير فيها الكاتب الصحفي والأديب محمود الفشني.
وحين تقصينا الأمر تبين لنا، أن مجلس التحرير ينعقد برئاسة د. زقزوق كل يوم اثنين؛ للنظر في المقالات المرشحة للنشر من مدير التحرير، وإصدار تكليفات بقراءة المقالات وكتابة تقرير عنها، ثم تُراجع التقارير في المجلس التالي، ومن ثم يُتخذ القرار بالنشر أو عدم صلاحية المادة للنشر، كما يَنظر المجلس في أسماء جديدة مرشحة للانضمام لكتُّاب المجلة، وينظر أيضًا في ترتيب المقالات والصور والأغلفة...إلخ.
والناظر المدقق في العدد الأخير من المجلة يشعر بالآمان على مستقبل الفكر الإسلامي الوسطي في ظل ظهور أفكار غريبة عن ديننا وحضارتنا.. يجد القارئ الكريم بين دفتي المجلة زادًا نافعًا، في شتى صنوف المعرفة الإسلامية والعربية والتربوية والإنسانية... يجد القارئ ثراء في الفكر، وخصوبة في الطرح، وبلاغة في اللغة، وقوة في الدلالة، وروعة في المنطق.. إنها إذًا مجلة الأزهر، التي تلقى كامل العناية والرعاية والدعم من فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وعناية خاصة من فضيلة أ.د. عباس شومان وكيل الأزهر الشريف؛ لأنها ليست مجلة كأي مجلة، بل هي لسان حال الأزهر في شتى أنحاء العالم، وهي أيضا بوتقة توثيق الفكر الإسلامي وتجدده وتطوره عبر الشهور والدهور.
لذلك نجد بوصلة المجلة متجهة مباشرة صوب موضوعات رصينة وملفات في غاية الأهمية، فهناك مقالات تتناول: التنوع سنة الحياة، وكنوز من السنة، والقصة والأمثال فى القرآن الكريم، تفسير سورة البقرة، وبنو إسرائيل فى الكتاب والسنة، أسرار التعبير بالفرائد فى قصة صالح، ومن أسرار القيد بالحال فى النظم القرآني، من أعلام الأزهر فى التفسير، والتراث الأزهرى ماضيه وحاضره، ومن مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على النفس الإنسانية، والتأصيل الإسلامى للعلوم، ومقومات الحضارة فى القرآن والسنة، والشباب المسلم ومخاطر الإعلام الجديد، حول تطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر، والمعركة الأدبية حول شوقى فى ذكراه، والسيرة النبوية فى الشعر العربى، تأملات فى السيرة، إسلامية المعرفة ماذا تعنى؟، ومن أعلام الفكر المصرى ابن منده محدثًا ومؤرخًا، والنية: الركن الذى لا يُرى بالعين المجردة... وغيرها من الموضوعات الحيوية التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، إضافة إلى الأبواب الثابتة والتي يطالعها قراء المجلة منذ عقود.. كل ذلك يدل على إدراك إدارة تحرير المجلة بأهمية الكلمة وأهمية الفكر الوسطي والإصلاحي الذي يعبر بجلاء عن رؤية الأزهر الشريف فلسفته ورسالته.
يجد القارئ أيضًا تنوعًا في الكُتَّاب، ما بين كبار العلماء، والأساتذة المتخصصين، ويجد أيضا كتابات للعلماء الراحلين (الشيخ محمد عبده، والشيخ محمد الغزالي، أ.د. محمد سيد طنطاوي) رحمهم الله، وأيضا يجد كتابات متميزة لشباب العلماء ونوابغ الباحثين، في خطوة سيذكرها التاريخ بإكبار لمجلس التحرير الحالي، الذي يُعنى بتجهيز الصف الثاني والثالث لحمل لواء الفكر الإسلامي المستنير في المستقبل.
ويتوج الإصدار الجديد بهدية مجلة الأزهر المجانية، وهي عبارة عن كتابين رائعين، الأول بعنوان: (محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم منهج ورسالة لفضيلة الشيخ الراحل محمد الصادق عرجون)، والكتاب الثاني بعنوان: (الإسلام دين الفطر للعلامة الدكتور محمد البهي رحمه الله).
وما سبق من إعادة تحديث أبواب مجلة الأزهر وتطوير شكلها وإخراجها، وتجديد مضامينها بشكل عصري، خروجًا عن النمطية والجمود؛ ليكون التجديد الواعي، والتواصل الفاعل مع الجماهير هو سمة المرحلة؛ لنضمن لهذا الخطاب مقومات بلوغ الهدف من خلال الأصالة الممزوجة بالابتكار والتجديد والوضوح والإقناع باستخدام العلم وأدواته في خدمة قضايا الفكر الديني. كل ذلك يدعونا إلى السعادة لما شاهدناه في العدد الجديد من مجلة الأزهر، ولما نتوقعه في الأعداد القادمة بإذن الله تعالى.
وفيما يتعلق بمقر المجلة فقد نجح محمود الفشني بمؤازرة من رؤسائه بالمجمع والمشيخة، في تخصيص قاعة مناسبة للمجلة، في الدور السادس بمكتبة الأزهر بالدَّراسة، يتم تجهيزها الآن، ويسعى لزيادة عدد المحررين ومدخلي البيانات والمصممين.
وعلى الصعيد الإداري يحرص الأستاذ الفشني على توسيع دائرة الشورى ومناقشة كل الآراء، سعيا لاختيار أفضلها، كما يحرص على زيادة عدد المراجعات التي يمر بها كل مقال، ويراجع بنفسه الماكيت الأخير قبل إعطاء أمر الطبع. ولا يكف عن طرح أسئلة واقتراحات أو الاستماع إليها، تتعلق بإخراج المجلة ومضمونها. كما استطاع أن يزود عناوين المقالات والأبواب بالمجلة بمجموعة من الخطوط العربية الرائعة، تبرع بكتابتها للمجلة شهريا الدكتور أحمد علي سليمان؛ لتعود المجلة مزينة بالخطوط العربية الجميلة التي تذكرنا بالزمن الجميل.
ونحن إذ نرصد هنا بعض ملامح التطوير والتجديد في مجلة الأزهر ونعرضها، نهنئ أ.د. محمود حمدي زقزوق، على جهوده المتميزة وتوجيهه ورعايته للمجلة، ونهنئ الأديب الكبير أ.د. إبراهيم الهدهد، وكل أعضاء مجلس التحرير، وفي هذا المقام ونحن نبارك بصدور العدد الجديد من مجلة الأزهر بلمسات مجلس إدارتها وتحريرها الجديد، وانطلاقة هذه المجلة العريقة إلى آفاق أرحب وأوسع لتحمل على صفحاتها رسالة الخير للعالمين، فإننا نأمل تحقيق بما يلي:
-ترجمة مجلة الأزهر إلى اللغة الإنجليزية –كمرحلة أولى- بصورة كاملة؛ لنشر رسالة الإسلام الصحيح، وسد الفراغ الموجود عن الإسلام الصحيح في الغرب، لاسيما وأن الإنسان الغربي لا زال لديه من رصيد الفطرة ما يمكنه من تقبل الحقيقة إذا عُرضت عليه بذكاء، وقُدمت له في صورتها النقية، كما أن مساحة الحرية المدنية تجعلهم يدافعون عن الفكرة التى يؤمنون بها. ولدينا أقسام الدراسات الإسلامية باللغات المختلفة في كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، وفيها عباقرة يجمعون بين الفكر الإسلامي وامتلاك ناصية اللغات الحية وإجادة استخدام وسائل الاتصال الحديثة، فضلا عن قربهم وتواصلهم مع المؤسسات الأكاديمية في الغرب، ويستطيعون مخاطبة الآخرين بأسلوبهم وبطريقة تفكيرهم.
كما أن هناك بيوت خبرة للمسلمين في أمريكا وأوروبا وأستراليا يمكن الاستعانة بها في تحقيق هذه الأهداف، ولدينا من البعثات الدبلوماسية ما يفي بتوزيع مجلة الأزهر المترجمة على أوسع نطاق في العالم، خصوصًا بعد تطور وسائل الطباعة، ووسائل وآليات نقل المعلومات، وسهولتها وسرعتها.. وأعتقد بحكم تجاربي في الدعوة الإسلامية والتعريف بالإسلام في الدول الغربية، أن هذه الخطوة كفيلة برسم الصورة الحقيقية عن الإسلام في كل مكان، وإزالة التوتر ومد جسور التعاون بين المسلمين والغرب، وربط المسلمين بمنابع الثقافة الإسلامية، وتعزيز مكانة مصر على الساحة العالمية.
-إنشاء موقع عالمي تفاعلي على شبكة الإنترنت يخصص لمجلة الأزهر (فقط)؛ ليستقبل مشكلات المسلمين وهمومهم، وأفكارهم، وأبحاثهم، وتجاربهم وخبراتهم ومنجزاتهم ومخترعاتهم، ونشرها وتسييرها لتعظيم الاستفادة منها في كل مكان... وأتصور مع غيري أن إنشاء هذا الموقع المقترح بهذه الصورة كفيل بربط المسلمين في كل مكان بمنابع الثقافة الإسلامية وبمرجعيتهم الأم (الأزهر الشريف) وحتى يكون الأزهر على وعي كامل بالبيئة والظرف والسياق والزمان الذي يحيا فيه المسلمون في كل مكان، ومن ثم تكون رسالته وفتاويه وخطابه مواكبًا ومتماشيًا ومتسقًا مع ظروف المسلمين في كل مكان.
-انتقاء بعض كنوز وروائع مجلة الأزهر عبر تاريخها، وترجمتها إلى اللغات العالمية الحية.
-حصر كل أعداد مجلة الأزهر منذ بداية صدورها –وهي موجودة وجاهزة في مجلدات سنوية بمكتبة الأزهر- إلى آخر عدد، وتحويلها إلى وسيط إلكتروني (بي دي إف PDF) ورفعها على موقع المجلة المقترح. ونسخها على أسطوانات مدمجة (CD,S)؛ لتكون متاحة لكل الباحثين في العالم... وإنها لمهمة كبيرة، بيد إنها أصبحت سهلة المنال في ظل وجود فضيلة شيخ الأزهر مستنير يستجيب لكل فكرة بانية، وفي ظل توافر أساليب التنفيذ وسهولتها..
عاش الأزهر الشريف منارة شامخة للعلم الديني الصحيح، والمنهج الوسطي، والدعوة المستنيرة، وعاشت مجلة الأزهر منارة إعلامية تجمع بين عمق النظر، ودقة الفهم، ووسطية المنهج، وجمال الأسلوب وحسن الإخراج.
وفي النهاية أؤكد للقارئ الكريم أنني علي ثقة كاملة بأن مجلة الأزهر في عهد أستاذنا الدكتور محمود زقزوق، ومدير التحرير الأديب الأستاذ محمود الفشني، ستنطلق –بإذن الله- إلى آفاق أرحب وأوسع وأشمل وأعمق، حاملة رسالة الإسلام.. رسالة الخير التي جاء بها نبينا الكريم، من الأزهر الشريف إلى كل مكان.
الكاتب عضو المكتب الفني بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد
[email protected]ظلّت مجلة الأزهر على مدار 89 عاما، نجمًا ساطعًا في سماء المجلات الإسلامية، حملت خلال تلك الفترة راية الفكر الإسلامي الوسطي، وعبّرت بجلاء عن روح الإسلام، ونشرت العلم الرصين لكبار علماء الإسلام، وترأس تحريرها كوكبة من كبار العلماء منهم: فضيلة الشيخ محمد الخضر حسين، والأستاذ محمد فريد وجدي، ود. محمد عمارة، ورئيس تحريرها الحالي المفكر الإسلامي د. محمود حمدي زقزوق.
وقد حملت المجلة في أعدادها الأولى اسم (نور الإسلام)، ثم أُطلق عليها اسمها الحالي (مجلة الأزهر)، وحافظت هذه المجلة لعقود متعددة على سمتها ورصانتها، والآن تخرج مجلة الأزهر بإطلالة جديدة ومضمون متجدد، بعد أن تولى رئاسة تحريرها الدكتور محمود حمدي زقزوق، وتولى إدارة التحرير فيها الكاتب الصحفي والأديب محمود الفشني.
وحين تقصينا الأمر تبين لنا، أن مجلس التحرير ينعقد برئاسة د. زقزوق كل يوم اثنين؛ للنظر في المقالات المرشحة للنشر من مدير التحرير، وإصدار تكليفات بقراءة المقالات وكتابة تقرير عنها، ثم تُراجع التقارير في المجلس التالي، ومن ثم يُتخذ القرار بالنشر أو عدم صلاحية المادة للنشر، كما يَنظر المجلس في أسماء جديدة مرشحة للانضمام لكتُّاب المجلة، وينظر أيضًا في ترتيب المقالات والصور والأغلفة...إلخ.
والناظر المدقق في العدد الأخير من المجلة يشعر بالآمان على مستقبل الفكر الإسلامي الوسطي في ظل ظهور أفكار غريبة عن ديننا وحضارتنا.. يجد القارئ الكريم بين دفتي المجلة زادًا نافعًا، في شتى صنوف المعرفة الإسلامية والعربية والتربوية والإنسانية... يجد القارئ ثراء في الفكر، وخصوبة في الطرح، وبلاغة في اللغة، وقوة في الدلالة، وروعة في المنطق.. إنها إذًا مجلة الأزهر، التي تلقى كامل العناية والرعاية والدعم من فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وعناية خاصة من فضيلة أ.د. عباس شومان وكيل الأزهر الشريف؛ لأنها ليست مجلة كأي مجلة، بل هي لسان حال الأزهر في شتى أنحاء العالم، وهي أيضا بوتقة توثيق الفكر الإسلامي وتجدده وتطوره عبر الشهور والدهور.
لذلك نجد بوصلة المجلة متجهة مباشرة صوب موضوعات رصينة وملفات في غاية الأهمية، فهناك مقالات تتناول: التنوع سنة الحياة، وكنوز من السنة، والقصة والأمثال فى القرآن الكريم، تفسير سورة البقرة، وبنو إسرائيل فى الكتاب والسنة، أسرار التعبير بالفرائد فى قصة صالح، ومن أسرار القيد بالحال فى النظم القرآني، من أعلام الأزهر فى التفسير، والتراث الأزهرى ماضيه وحاضره، ومن مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على النفس الإنسانية، والتأصيل الإسلامى للعلوم، ومقومات الحضارة فى القرآن والسنة، والشباب المسلم ومخاطر الإعلام الجديد، حول تطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر، والمعركة الأدبية حول شوقى فى ذكراه، والسيرة النبوية فى الشعر العربى، تأملات فى السيرة، إسلامية المعرفة ماذا تعنى؟، ومن أعلام الفكر المصرى ابن منده محدثًا ومؤرخًا، والنية: الركن الذى لا يُرى بالعين المجردة... وغيرها من الموضوعات الحيوية التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، إضافة إلى الأبواب الثابتة والتي يطالعها قراء المجلة منذ عقود.. كل ذلك يدل على إدراك إدارة تحرير المجلة بأهمية الكلمة وأهمية الفكر الوسطي والإصلاحي الذي يعبر بجلاء عن رؤية الأزهر الشريف فلسفته ورسالته.
يجد القارئ أيضًا تنوعًا في الكُتَّاب، ما بين كبار العلماء، والأساتذة المتخصصين، ويجد أيضا كتابات للعلماء الراحلين (الشيخ محمد عبده، والشيخ محمد الغزالي، أ.د. محمد سيد طنطاوي) رحمهم الله، وأيضا يجد كتابات متميزة لشباب العلماء ونوابغ الباحثين، في خطوة سيذكرها التاريخ بإكبار لمجلس التحرير الحالي، الذي يُعنى بتجهيز الصف الثاني والثالث لحمل لواء الفكر الإسلامي المستنير في المستقبل.
ويتوج الإصدار الجديد بهدية مجلة الأزهر المجانية، وهي عبارة عن كتابين رائعين، الأول بعنوان: (محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم منهج ورسالة لفضيلة الشيخ الراحل محمد الصادق عرجون)، والكتاب الثاني بعنوان: (الإسلام دين الفطر للعلامة الدكتور محمد البهي رحمه الله).
وما سبق من إعادة تحديث أبواب مجلة الأزهر وتطوير شكلها وإخراجها، وتجديد مضامينها بشكل عصري، خروجًا عن النمطية والجمود؛ ليكون التجديد الواعي، والتواصل الفاعل مع الجماهير هو سمة المرحلة؛ لنضمن لهذا الخطاب مقومات بلوغ الهدف من خلال الأصالة الممزوجة بالابتكار والتجديد والوضوح والإقناع باستخدام العلم وأدواته في خدمة قضايا الفكر الديني. كل ذلك يدعونا إلى السعادة لما شاهدناه في العدد الجديد من مجلة الأزهر، ولما نتوقعه في الأعداد القادمة بإذن الله تعالى.
وفيما يتعلق بمقر المجلة فقد نجح محمود الفشني بمؤازرة من رؤسائه بالمجمع والمشيخة، في تخصيص قاعة مناسبة للمجلة، في الدور السادس بمكتبة الأزهر بالدَّراسة، يتم تجهيزها الآن، ويسعى لزيادة عدد المحررين ومدخلي البيانات والمصممين.
وعلى الصعيد الإداري يحرص الأستاذ الفشني على توسيع دائرة الشورى ومناقشة كل الآراء، سعيا لاختيار أفضلها، كما يحرص على زيادة عدد المراجعات التي يمر بها كل مقال، ويراجع بنفسه الماكيت الأخير قبل إعطاء أمر الطبع. ولا يكف عن طرح أسئلة واقتراحات أو الاستماع إليها، تتعلق بإخراج المجلة ومضمونها. كما استطاع أن يزود عناوين المقالات والأبواب بالمجلة بمجموعة من الخطوط العربية الرائعة، تبرع بكتابتها للمجلة شهريا الدكتور أحمد علي سليمان؛ لتعود المجلة مزينة بالخطوط العربية الجميلة التي تذكرنا بالزمن الجميل.
ونحن إذ نرصد هنا بعض ملامح التطوير والتجديد في مجلة الأزهر ونعرضها، نهنئ أ.د. محمود حمدي زقزوق، على جهوده المتميزة وتوجيهه ورعايته للمجلة، ونهنئ الأديب الكبير أ.د. إبراهيم الهدهد، وكل أعضاء مجلس التحرير، وفي هذا المقام ونحن نبارك بصدور العدد الجديد من مجلة الأزهر بلمسات مجلس إدارتها وتحريرها الجديد، وانطلاقة هذه المجلة العريقة إلى آفاق أرحب وأوسع لتحمل على صفحاتها رسالة الخير للعالمين، فإننا نأمل تحقيق بما يلي:
-ترجمة مجلة الأزهر إلى اللغة الإنجليزية –كمرحلة أولى- بصورة كاملة؛ لنشر رسالة الإسلام الصحيح، وسد الفراغ الموجود عن الإسلام الصحيح في الغرب، لاسيما وأن الإنسان الغربي لا زال لديه من رصيد الفطرة ما يمكنه من تقبل الحقيقة إذا عُرضت عليه بذكاء، وقُدمت له في صورتها النقية، كما أن مساحة الحرية المدنية تجعلهم يدافعون عن الفكرة التى يؤمنون بها. ولدينا أقسام الدراسات الإسلامية باللغات المختلفة في كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، وفيها عباقرة يجمعون بين الفكر الإسلامي وامتلاك ناصية اللغات الحية وإجادة استخدام وسائل الاتصال الحديثة، فضلا عن قربهم وتواصلهم مع المؤسسات الأكاديمية في الغرب، ويستطيعون مخاطبة الآخرين بأسلوبهم وبطريقة تفكيرهم.
كما أن هناك بيوت خبرة للمسلمين في أمريكا وأوروبا وأستراليا يمكن الاستعانة بها في تحقيق هذه الأهداف، ولدينا من البعثات الدبلوماسية ما يفي بتوزيع مجلة الأزهر المترجمة على أوسع نطاق في العالم، خصوصًا بعد تطور وسائل الطباعة، ووسائل وآليات نقل المعلومات، وسهولتها وسرعتها.. وأعتقد بحكم تجاربي في الدعوة الإسلامية والتعريف بالإسلام في الدول الغربية، أن هذه الخطوة كفيلة برسم الصورة الحقيقية عن الإسلام في كل مكان، وإزالة التوتر ومد جسور التعاون بين المسلمين والغرب، وربط المسلمين بمنابع الثقافة الإسلامية، وتعزيز مكانة مصر على الساحة العالمية.
-إنشاء موقع عالمي تفاعلي على شبكة الإنترنت يخصص لمجلة الأزهر (فقط)؛ ليستقبل مشكلات المسلمين وهمومهم، وأفكارهم، وأبحاثهم، وتجاربهم وخبراتهم ومنجزاتهم ومخترعاتهم، ونشرها وتسييرها لتعظيم الاستفادة منها في كل مكان... وأتصور مع غيري أن إنشاء هذا الموقع المقترح بهذه الصورة كفيل بربط المسلمين في كل مكان بمنابع الثقافة الإسلامية وبمرجعيتهم الأم (الأزهر الشريف) وحتى يكون الأزهر على وعي كامل بالبيئة والظرف والسياق والزمان الذي يحيا فيه المسلمون في كل مكان، ومن ثم تكون رسالته وفتاويه وخطابه مواكبًا ومتماشيًا ومتسقًا مع ظروف المسلمين في كل مكان.
-انتقاء بعض كنوز وروائع مجلة الأزهر عبر تاريخها، وترجمتها إلى اللغات العالمية الحية.
-حصر كل أعداد مجلة الأزهر منذ بداية صدورها –وهي موجودة وجاهزة في مجلدات سنوية بمكتبة الأزهر- إلى آخر عدد، وتحويلها إلى وسيط إلكتروني (بي دي إف PDF) ورفعها على موقع المجلة المقترح. ونسخها على أسطوانات مدمجة (CD,S)؛ لتكون متاحة لكل الباحثين في العالم... وإنها لمهمة كبيرة، بيد إنها أصبحت سهلة المنال في ظل وجود فضيلة شيخ الأزهر مستنير يستجيب لكل فكرة بانية، وفي ظل توافر أساليب التنفيذ وسهولتها..
عاش الأزهر الشريف منارة شامخة للعلم الديني الصحيح، والمنهج الوسطي، والدعوة المستنيرة، وعاشت مجلة الأزهر منارة إعلامية تجمع بين عمق النظر، ودقة الفهم، ووسطية المنهج، وجمال الأسلوب وحسن الإخراج.
وفي النهاية أؤكد للقارئ الكريم أنني علي ثقة كاملة بأن مجلة الأزهر في عهد أستاذنا الدكتور محمود زقزوق، ومدير التحرير الأديب الأستاذ محمود الفشني، ستنطلق –بإذن الله- إلى آفاق أرحب وأوسع وأشمل وأعمق، حاملة رسالة الإسلام.. رسالة الخير التي جاء بها نبينا الكريم، من الأزهر الشريف إلى كل مكان.
الكاتب عضو المكتب الفني بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد
[email protected]