قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ﺍﻟﺒﺩﺀ ﻓﻲ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺃﻡ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﻟﻴﺔ؟


ﺇﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺎﺒﻊ ﺃﺤﻭﺍل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ، ﻭﺒﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺠﻴﻥ ﺍﻷﻓﻀل ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ، ﺃﻱ ﺘﻭﻨﺱ ﻭﻤﺼﺭ - ﻴﺘﺒﻴﻥ ﻟﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ، ﻻ ﺘﺯﺍل ﻓﻲ ﺃﻭﻟﻬﺎ.
ﻭﻗﺩ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺼل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﻭﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ، ﺒﺸﺄﻥ ﺘﺴﻠﻴﻡ ﺍﻟﺒﻐﺩﺍﺩﻱ ﺍﻟﻤﺤﻤﻭﺩﻱ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻓﻲﻋﻬﺩ ﺍﻟﻘﺫﺍﻓﻲ، ﺍﻟﺫﻱ ﻫﺭﺏ ﺇﻟﻰ ﺘﻭﻨﺱ - ﺩﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﺘﺴﻭﻴﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺨﻼﻑ.
ﻓﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﺍﻋﺘﺒﺭ ﺃﻥ ﺘﺴﻠﻴﻡﻻﺠﺊ ﺇﻟﻰ ﺘﻭﻨﺱ ﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺒﻠﺩﻩ، ﻴﺘﻁﻠﺏ ﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﻭﺘﻭﻗﻴﻌﻪ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺭﺌﻴﺱ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺘﻭﻨﺱ ﺃﻥ «ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ» ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﺍﻹﺼﻐﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻤﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﺜﻭﺍﺭ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻌﺘﺒﺭﻭﻥ ﺍﻟﻤﺤﻤﻭﺩﻱ ﻤﺠﺭﻤﺎ ﻴﺴﺘﺤﻕ ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻤﺔ.
ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺒﺘﺭﻭﻟﻴﺔ ﻏﻨﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻤل ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺃﻟﻭﻑ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ، ﻭﺴﻴﻌﻭﺩﻭﻥ ﻟﻠﻌﻤل. ﻭﻟﺫﺍ، ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﻤﺴﺎﻟﻤﺘﻬﻡ ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ
ﻫﻨﺎﻙ ﺸﻜﻭﻙ ﻓﻲ ﺇﻤﻜﺎﻥ ﺇﺠﺭﺍﺀ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﻋﺎﺩﻟﺔ ﻟﻠﺒﻐﺩﺍﺩﻱ ﺍﻟﻤﺤﻤﻭﺩﻱ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ! ﻭﺒﺎﻟﻔﻌل، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺤﻤﻭﺩﻱ «ﻤﺎﺕ» ﺒﻌﺩ ﺘﺴﻠﻴﻤﻪ ﻟﻠﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺒﻠﻴﺒﻴﺎ ﺒﻴﻭﻤﻴﻥ!
ﻭﻟﻨ ﻌﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﻀﻭﻋﻨﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ، ﺃﻱ ﺇﻟﻰ ﻤﺼﺭ، ﺤﻴﺙ ﺘﺴﻠﻡ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺭﺴﻲ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﻗﺒل ﺃﻴﺎﻡ ﻗﻠﻴﻠﺔ. ﻭﻤﺎ َﺃﻤﻬل ﺭﺍﺸﺩ ﺍﻟﻐﻨﻭﺸﻲ، ﺯﻋﻴﻡ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ، ﺯﻤﻼﺀﻩ ﻓﻲ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻴﻥ ﻭﻟﻭ ﻷﻴﺎﻡ، ﺇﺫ ﺴﺎﺭﻉ ﻟﺯﻴﺎﺭﺓ ﻤﺼﺭ ﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺯﻤﻼﺌﻪ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭﻫﻡ، ﻭﻗﺩ ﺍﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻭﻥ ﺍﺴﺘﻘﺒﺎل ﺍﻟﻔﺎﺘﺤﻴﻥ، ﻤﻊ ﺃﻨﻪ ﻟﻴﺴﺕ ﻟﻪ ﺼﻔﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ، ﻭﺍﻷﺩﻫﻰ ﺃﻥ ﺍﺒﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻤﺭﺴﻲ (ﻭﻫﻭ ﻏﻴﺭ ﺫﻱ ﺼﻔﺔ ﺃﻴﻀﺎ) ﻻﻗﻰ ﺍﻟﻐﻨﻭﺸﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻁﺎﺭ، ﻭﻤﻨﺤﻪ ﺒﺎﺴﻡ ﻭﺍﻟﺩﻩ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻗﻼﺩﺓ ﺍﻟﻨﻴل ﺃﻭ ﻤﺎ ﺸﺎﺒﻪ، ﻭﻫﻭ ﺘﻜﺭﻴﻡ ﻻ ﻴﺤﻅﻰ ﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻏﻴﺭ ﺭﺴﻤﻴﻴﻥ ﻜﺒﺎﺭ ﻤﻥ ﺯﻭﺍﺭ ﻤﺼﺭ ﻭﺃﺼﺩﻗﺎﺌﻬﺎ!
ﻓﻤﺎ ﺼﻔﺔ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻐﻨﻭﺸﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻗﺘﻀﺕ ﺘﻭﺸﻴﺤﻪ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻼﺩﺓ، ﻭﻤﺎ ﺼﻔﺔ ﺍﺒﻥ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲﺘﺘﻴﺢ ﻟﻪ «ﻤﻨﺢ» ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻜﺭﻴﻡ ﺒﺎﺴﻡ ﻭﺍﻟﺩﻩ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ؟! ﻭﻗﺩ ﺜﺎﺭ ﺍﻹﻋﻼﻤﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻭﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻭﻥ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺩﺍﻟﺔ، ﻜﻤﺎ ﺜﺎﺭﻭﺍ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﻗﺩﻡ ﺼﻔﻭﺕ ﺤﺠﺎﺯﻱ ﻋﻠﻰ ﺘﻘﺒﻴل ﻴﺩ ﺩ. ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺭﺴﻲ ﻷﻨﻪ «ﻤﻥ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻥ»!
ﻭﺇﺫﺍ ﺃﻋﺩﻨﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻤﺎﺱ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﺨﺒﺭﺓ؛ ﻓﺈﻥ ﻤﺎ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺇﻨﻜﺎﺭﻩ ﺃﻥ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﻴﻥ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻴﻥ ﺼﺎﺭﻭﺍ ﻴﻨﻅﺭﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻡ «ﻭﻻﺓ ﺍﻷﻤﺭ»ﻭﻴﺴﺘﻁﻴﻌﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻔﻌﻠﻭﺍ ﻤﺎ ﻴﺸﺎﺀﻭﻥ، ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻤﻀﺕ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺁﻤﺎﺩ ﻭﺁﻤﺎﺩ ﻭﻫﻡ ﻤﻭ ﺯﻋﻭﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻼﺕ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻲ. ﻭﻫﻡ ﻴﺘﺤﺠﺠﻭﻥ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻴﺄﺘﻭﻥ ﻭﻴﺩﻋﻭﻥ ﺒﺄﻥ ﺠﻤﻬﻭﺭ ﺍﻷﻜﺜﺭﻴﺔ ﻤﻌﻬﻡ.
ﻭﻗﺩ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺯﻤﻥ ﺒﺴﻴﻁ ﻤﺎﺽ ﻴﺸﻬﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭ ﺴﻼﺡ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﻔل ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، ﻭﺤﺭﺼﻭﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻡ ﻭﺤﺩﻫﻡ! ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻭﻥ ﻗﺩ ﺤﺩﺩﻭﺍﺒﺄﻨﻬﻡ ﺴﻴﻌﺘﺒﺭﻭﻥ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ «ﻤﺯﻭﺭﺓ» ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻔﺯ ﻤﺭﺸﺤﻬﻡ، ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﻤﺎ ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﺜﺭﺓ ﻭﺍﻟﻘﻠﺔ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻗﺘﻨﺎﻋﻬﻡ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺒﺄﻴﺩﻴﻬﻡ ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻤﻥ ﻴﺅﻴﺩﻫﻡ ﺃﻭ ﻻ ﻴﺅﻴﺩﻫﻡ ﻤﻥﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭ! ﻭﻜﺎﻥ ﻤﺜﻘﻑ ﺴﻠﻔﻲ ﻤﻥ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻤﻨﺤل ﻗﺩ ﻗﺎل ﻗﺒل ﻴﻭﻤﻴﻥ ﺇﻨﻪ ﻟﻥ ﻴﻘﺒل ﺒﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻘﺘﺭﻥ ﺒﺘﻔﺴﻴﺭ ﻤﺤﺩٍﺩ ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ! ﻭﻤﺎ ﺃﺠﺎﺒﻪ ﺃﺤﺩ ﺒﺸﻲﺀ ﺒﻌﺩ.
ﻟﻜﻥ «ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ» ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻗﺩ ﻤﻨﻌﻭﺍ ﻤﺸﻴﺨﺔ ﺍﻷﺯﻫﺭ ﻓﻲ ﻭﺜﻴﻘﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻋﻥ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻤﻥ ﺘﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺍﺩ ﺒﻨﺎﺅﻩ ﺒﺄﻨﻪ ﻤﺩﻨﻲ، ﻭﺭﻀﻭﺍ ﺒﻜلﺍﻷﻭﺼﺎﻑ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻤﺜل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ، ﺇﻨﻤﺎ ﻗﺒل ﺸﻬﺭﻴﻥ ﺨﻁﺭ ﻟﻬﻡ ﺃﻨﻪ ﻻ ﺒﺄﺱ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯل ﻟﻁﻤﺄﻨﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ، ﻓﺄﺫﻋﻨﻭﺍ ﺃﻤﺎﻡ ﻀﻐﻁ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ (ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ)، ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﻴﺭ ﻀﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺭﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﻫﻭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ!
ﻻ ﻴﺸﻙ ﺃﺤﺩ ﻓﻲ ﺘﻼﺅﻤﻴﺔ «ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ» ﻭﺒﺭﺍﻏﻤﺎﺘﻴﺘﻬﻡ. ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻭﻏﺩﺍ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻻﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺯﻋﺔ ﺘﺤﺕ ﻭﻁﺄﺓ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻘﺘﻨﻊ ﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ.
ﻭﻫﻡ ﻟﻡ ﻴﺘﺭﺍﺠﻌﻭﺍ ﺒﻌﺩ ﻋﻥ ﺸﻌﺎﺭﻱ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ، ﻭﺍﻹﺴﻼﻡ ﻫﻭ ﺍﻟﺤل! ﻭﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﺘﺭﺍﺠﻌﻭﺍ، ﻴﺒﻘﻰ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺸﺎﺴﻌﺎ ﺒﻴﻥ «ﺍﻟﺘﻨﺎﺯل» ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ، ﻭﺍﻻﻗﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ
ﺒﺎﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ! ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺭﺴﻲ ﻗﺩ ﺴﻤﻰ ﺒﺭﻨﺎﻤﺠﻪ ﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ: ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ! ﻭﺍﻟﻨﻬﻭﺽ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻭل ﻤﺎ ﻴﻌﻨﻲ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ. ﻷﻥ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻤﻌﻨﻲ ﺒﺎﻟﺠﺎﻨﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﺩﻱ ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻲ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﻌﻨﻲ ﺒﺈﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ. ﻭﻨﺤﻥ ﻨﻌﺭﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﻭﺴﻴﺔ ﻭﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﺇﻨﻤﺎ ﻗﺎﻤﺕ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺘﺠﺎﻭﺯ
ﺍﻻﺨﺘﻼل ﻓﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ.
ﻭﻨﺤﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻻ ﻨﻌﺎﻨﻲ ﺍﺨﺘﻼﻻ ﻓﻲ ﺸﺅﻭﻨﻨﺎ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻻ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻭﻻ ﻤﻥ ﺒﻌﺩ. ﺒل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺱ، ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻨﻬﻭﺽ ﻜﺒﻴﺭ ﻭﺃﺴﻠﻤﺔ ﻟﺴﺎﺌﺭ ﻤﻨﺎﺤﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺘﻴﻥ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻤﺔ. ﻭﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ﺸﺎﺌﻌﺎﻥ ﻓﻲ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻨﺎ ﻭﻨﺤﻥ
ﻨﺤﺘﻀﻨﻬﻤﺎ.
ﻟﻜﻥ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﻴﻥ ﻤﻥ «ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ» ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﻨﺘﻬﺠﻭﺍ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻏﻴﺭ ﻋﻨﻴﻔﺔ، ﻋﻠﻰ ﻤﺩﻯ ﺍﻟﻌﻘﻭﺩ ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﺔ، ﻁﻭﺭﻭﺍ ﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ، ﻭﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻻﺴﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺇﺤﻼل ﺤﻜﻡ ﺍﷲ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺒﺩﻻ ﻤﻥ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ. ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻨﻔﺭﺠﺕ
ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﺎﺩﺍﺕ، ﻭﺒﺩﺃﻭﺍ ﻴﺩﺨﻠﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﻭﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻷﺨﺭﻯ، ﻭﺭﺃﻭﺍ ﺇﻗﺒﺎﻻ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻴﻬﻡ، ﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﻴﺩﺨل ﺇﻟﻰ ﻨﻅﺭﺘﻬﻡ، ﻤﻊ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﺘﺤﻔﻅﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ (ﻜﺄﻨﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺎﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻁﺒﻴﻕ ﺒﻤﺼﺭ
ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ!)، ﻷﻥ ﺍﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻫﻭ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ! ﺜﻡ ﺼﺎﺭﻭﺍ ﻴﺘﺤﺩﺜﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻹﺠﺭﺍﺌﻴﺔ ﺒﺩﻻ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ. ﻭﺠﺎﻤ َل ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﺎﺩﺍﺕ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ ﻤﻥ «ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ» ﻭﻏﻴﺭﻫﻡ ﺒﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﻤﻥ
ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﻤﺼﺩﺭﺍ ﺭﺌﻴﺴﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ. ﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﻤﺎ ﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﻤﺩﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻤﻨﺘﻅﺭﺓ ﻟﻌﺩﺓ ﺃﺴﺒﺎﺏ: ﻤﻨﻬﺎ ﻓﻜﺭ ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ، ﻭﻫﻭ ﻓﻜﺭ ﺠﻭﻫﺭﺍﻨﻲ ﻁﻬﻭﺭﻱ ﻻ ﻴﻘﺒل ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﺭﺩﺩ.
ﻭﻟﺫﺍ، ﻜﺎﻥ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻹﺼﺭﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻱ، ﻭﻓﻲ ﻤﻘﻭﻟﺔ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ، ﻭﻤﻘﻭﻟﺔ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻫﻭ ﺍﻟﺤل - ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭ ﻭﺃﻫﻭﺍﺌﻪ ﻭﺘﻘﻠﺒﺎﺘﻪ، «ﺇﺫ ﻜﻴﻑ ﻨﻀﻊ ﺍﻟﺩﻴﻥ - ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ -
ﻓﻲ ﺃﻴﺩﻱ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ» ﻤﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺼﻨﺎﺩﻴﻕ ﺍﻻﻗﺘﺭﺍﻉ ﻭﺤ ﺴﺏ؟ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻁ ﻋﻠﻰ ﺼﻨﺎﺩﻴﻕ ﺍﻻﻗﺘﺭﺍﻉ ﺒﺄﻻ ﺘﺨﺎﻟﻑ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﺎﺕ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﻤﺜﻠﺕ ﺃﻜﺜﺭﻴﺎ ٍﺕ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺤﺭﺓ ﻭﺸﻔﺎﻓﺔ - ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﻤﻼﺤﻘﺎﺕ ﻀﺩﻫﻡ ﻭﺍﻻﻀﻁﻬﺎﺩ ﻟﻬﻡ،
ﻭﺍﻟﻤﻀﺎﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﺨﻠﺕ ﻤﺌﺎﺕ ﻤﻨﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﻁﻭﺍل ﺤﻜﻡ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺤﺴﻨﻲ ﻤﺒﺎﺭﻙ! ﻭﻜﻤﺎ ﺴﺒﻕ ﺍﻟﻘﻭل، ﻓﺈﻨﻬﻡ ﻤﻀﻁﺭﻭﻥ ﻭﻗﺎﺒﻠﻭﻥ ﻟﻠﺘﻼﺅﻡ، ﻟﻜ ﻥ ﻋﻨﺩﻫﻡ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﺴﻴﺔ. ﻭﻋﻨﺩﻫﻡ ﺍﻟﺘﺴﱡﻠ ﹸﻑ ﺍﻟﺩﺍﺨ ُل ﻋﻠﻴﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻷﺭﺒﻊ.
ﻭﻋﻨﺩﻫﻡ ﻫﻡ ﺃﻥ ﻴﺒﻘﻰ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭ ﺍﻟﻤﺘﺩﻴﻥ ﻤﻌﻬﻡ ﻓﻼ ﻴﺴﺘﻁﻴﻌﻭﻥ ﺒﺴﻬﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﺤﺯﺒﺎ ﻤﺩﻨﻴﺎ ﻋﺎﺩﻴﺎ ﻭﺇ ﻥ ﺒﻨﻔﺤﺔ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ. ﻭﻤﺎ ﺍﺴﺘﻘﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﺨﻼﺩ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺨﻁﺭ، ﻭﻻ ﻫﻭ ﻴﺸﻜﻭ ﻤﻥ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﺘﻁﺒﻴﻕ، ﺒل ﺇﻥ ﺍﻻﺨﺘﻼل ﺍﻟﺤﺎﺼل
ﻫﻭ ﻓﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ. ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺤﺘﺎﺝ ﻓﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻑﺀ ﻭﺍﻟﻨﺯﻴﻪ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻉ، ﻭﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺫﻭﻱ ﺨﻠﻕ ﻭﺩﻴﻥ ﻓﻬﻭ ﺃﻤﺭ ﻤﻤﺘﺎﺯ. ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻨﺅﻤﻥ ﺒﺄﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﺩﻴﻨﺎ ﻟﻸﻤﺔ ﻴﻤﻠﻙ ﻨﻅﺎﻤﺎ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻟﻠﺘﻁﺒﻴﻕ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻁﺒﻘﺔ ﺇﻻ
ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻪ. ﻭﻜﻨﺎ ﺍﻋﺘﻘﺩﻨﺎ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﺩﻴﻬﻴﺎﺕ ﺜﺒﺘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺸﻌﺎﺭﺍﺘﻬﺎ، ﺤﺘﻰ ﺭﺃﻴ ﹸﺕ ﻭﺍﺌل ﻏﻨﻴﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻋﹸﺘﺒﺭ ﺃﺤﺩ ﻤﻔﺠﺭﻱ ﺜﻭﺭﺓ 25 ﻴﻨﺎﻴﺭ، ﻴﻬﺘﻑ ﻟﻤﺭﺴﻲ ﻗﺒل ﺃﻴﺎﻡ، ﺒﺤﺠﺔ ﻜﺭﺍﻫﻴﺘﻪ ﻟﻠﻌﺴﻜﺭ ﻭﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ!
ﻭﺒﺎﻟﻔﻌل؛ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭ ﻓﻲ ﺘﻭﻨﺱ. ﻓﻘﺩ ﺤﻜﻤﻭﺍ ﺃﻭ ﺠﺭﻯ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺎﺴﻤﻬﻡ ﻤﻨﺫ ﻋﺎﻡ 1952. ﻭﻫﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻴﺴﻴﻁﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﺍﻷﺭﺒﻌﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺌﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ. ﻭﻗﺩ ﺍﻨﻘﻀﻰ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﻓﻲ ﻜل
ﻤﻜﺎﻥ، ﻭﺒﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻥ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻭﺍﻟﻌﺭﺒﻲ. ﺫﻫﺏ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﺍﻹﻨﺩﻭﻨﻴﺴﻲ، ﻭﺫﻫﺏ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﺍﻟﺒﺎﻜﺴﺘﺎﻨﻲ، ﻭﺫﻫﺏ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﺍﻟﺘﺭﻜﻲ، ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ. ﻭﺴﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﻤﻥ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻨﻅﺎﻡ، ﺇﻨﻤﺎ ﺒﺄﻱ ﺘﻜﻠﻔﺔ ﻭﺃﻱ ﺜﻤﻥ؟
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺭﺩ «ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ» ﺇﻻ ﺒﺄﺤﺩ ﻁﺭﻴﻘﻴﻥ: ﺒﻘﺎﻴﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ، ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺒﻁﻴﺔ؛ ﺁﺜﺭ ﺒﻘﺎﻴﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ. ﻭﻷﻨﻪ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻭﺍﺜﻘﺎ ﺒﻔﻭﺯ ﺃﺤﻤﺩ ﺸﻔﻴﻕ، ﻓﻘﺩ ﺍﺭﺘﻬﻥ ﻟﺩﻴﻪ ﻤﻠﻔﻴﻥ ﺨﻁﻴﺭﻴﻥ: ﻤﻠﻑ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻨﺘﺨﺎﺏ ﻤﺠﻠﺱ
ﺍﻟﺸﻌﺏ، ﻭﻤﻠﻑ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺼﻼﺤﻴﺎﺕ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ. ﻭﻫﻭ ﺴﻭﻑ ﻴﺴﺎﻭﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺭﺴﻲ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻤﺴﺎﻭﻤﺔ ﺼﻌﺒﺔ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﺒل ﺍﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺘﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ. ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ «ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ» ﺤﺭﻴﺼﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺨﻀﻭﻉ ﻻﺒﺘﺯﺍﺯﺍﺕ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻴﻥ؛ ﻓﺈﻨﻬﻡ ﺤﺭﻴﺼﻭﻥ
ﺃﻜﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺨﻀﻭﻉ ﻻﺒﺘﺯﺍﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﻴﻥ! ﻭﻟﺫﺍ، ﻓﺎﻟﺭﺍﺠﺢ ﺃﻥ ﻴﺨﺘﺎﺭﻭﺍ ﺘﺴﻭﻴﺔ ﺘﺩﺭﻴﺠﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ، ﺘﻔﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻟﺨﺭﻭﺠﻪ ﻤﻥ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ، ﻭﺘﺒﻘﻴﻪ ﻤﺴﺅﻭﻻ ﺒﻤﻴﺯﺍﺕ ﻭﺼﻼﺤﻴﺎﺕ ﻋﻥ ﺍﻷﻤﻥ
ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻲ ﻟﻤﺼﺭ.
ﻻ ﺘﺯﺍل ﻤﺼﺭ ﻭﺘﻭﻨﺱ، ﻭﻻ ﺘﺯﺍل ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﺎﺽ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ، ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﻟﻴﺔ. ﺇﻨﻪ ﻴﻭﻡ ﻁﻭﻴل ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﻗﺼﻴﺭﺓ. ﻭﻻ ﺤﻭل ﻭﻻ ﻗﻭﺓ ﺇﻻ ﺒﺎﷲ.
نقلا عن الشرق الأوسط