بالصور.. رحلة سمكة «الرنجة» من أعماق المحيط الأطلنطي إلى طبقك في شم النسيم

يحتفل الشعب المصرى بعد عدة أيام بـ "شم النسيم" -الذى يتم الاحتفال به منذ عهد الفراعنة- بالخروج إلى الحدائق والمتنزهات للاستمتاع بالطقس الربيعى، ويكون الطبق الرئيسى فى ذلك اليوم هو "الفسيخ" و"الرنجة" حيث يعتبرهما الكثيرون "الراعى الرسمى" لشم النسيم.
ويشهد ذلك الوقت من العام إقبالاً كبيراً من المصريين على شراء "الفسيخ" و"الرنجة"، وبالرغم التحذيرات المتكررة من خطورة تلك الوجبات على الصحة واحتمالية الاصابة بالتسمم جراء تناولهما، يصر الشعب المصرى على شرائهما باعتبارهما أحد طقوس الاحتفال بشم النسيم التى لا يمكن الاستغناء عنها.
ويفضل قطاع كبير من الشعب المصرى تناول "الرنجة" بدلا من "الفسيخ" خاصة مرضى القلب والكبد والضغط المرتفع،حيث تعتبر الرنجة أقل ضررا لأن الملح الموجود بها أقل كما أن فرصة وجود الميكروبات اللاهوائية أقل نظرا لاختلاف طريقة تصنيع "الرنجة" عن "الفسيخ".
وسنتناول فى التقرير التالى رحلة سمكة "الرنجة" من أعماق البحار الى طبقك فى شم النسيم، لنوضح للقارئ كيفية تصنيع تلك الوجبة التى لا غنى عنها فى شم النسيم.
يتم تصنيع "الرنجة" من سمك "الهارينج"، وتحتاج سمكة "الهارينج" الى درجات حرارة منخفضة للنمو لذلك لا يمكنها أن تعيش فى السواحل المصرية، وتعيش عادة فى المياه الضحلة المعتدلة بشمال المحيط الاطلنطى وبحر البلطيق والبحر المتوسط.
وتقوم مصر باستيرادها من هولندا والنرويج وتصنيعها محليا، وتحتل القاهرة المركز الأول فى صناعة "الرنجة".
يذكر أنه كان يتم استيراد الرنجة المصنعة من "هولندا" حتى سبعينيات القرن الماضى، حتى قرر مجموعة من الأشخاص تصنيعها بدلا من استيراد "الرنجة" المدخنة وبيعها مباشرة فى السوق المصرى، وذلك بعد أن لاحظوا الاقبال الكبير عليها، ثم قاموا بعد ذلك بتصديرها الى دول الخليج.
يشار إلى أن موسم الصيد فى هولندا يكون فى بداية شهر يونيو من كل عام، ويتم صيد حوالى 2.3 مليون طن من سمك "الرنجة" كل عام.
تبدأ عملية تصنيع "الرنجة" بشراء كراتين أسماك "الهارينج" المجمدة من إحدى ثلاجات التجميد الموجودة على طريق مصر إسكندرية الزراعى ثم نقلها الى المصانع استعدادا لتصنيعها.
ويتم تصنيع "الرنجة" على أربعة مراحل كما يلى:
المرحلة الأولى: التمليح
تعد تلك المرحلة أهم مراحل تصنيع "الرنجة"، وفيها يتم تفريغ أسماك "الرنجة" فى أحواض كبيرة مصنوعة من السيراميك أو الرخام ووضع الملح بين كل طبقة سمك ويترك لمدة خمسة أو ستة أيام، ويشار إلى أنه عند غمر السمك بالملح لمدة لا تقل عن 72 ساعة يفقد نسبة كبيرة من الدماء التى بداخله ويكون أقل عرضة للتلف.
المرحلة الثانية: التجفيف أو التسييخ
يدخل السمك بعد ذلك مرحلة التسييخ، ويتم فيها إدخال سيخ حديدى فى حلق السمكة ثم غسلها من الملح وتعليقها على "ترولى" فى الهواء بعيدا عن الشمس لمدة تتراوح ما بين 24 الى 36 ساعة حتى يجف السطح الخارجى.
المرحلة الثالثة: التدخين
يتم تدخين الأسماك بإحضار نشارة خشب ووضعها فى قاع برميل وإشعالها كى يتوزع الدخان الناتج على السمك، وتستغرق تلك العملية من 14 ساعة الى يوم كامل، وخلال تلك المرحلة تفقد السمكة أى دماء متبقية فى جسدها ويصبح لحمها مدخنا وصالحا للأكل.
وبعد تدخين السمك يتم إخراجه الى الهواء الطلق كى يجف تماما ويترك لمدة يوم كامل.
المرحلة الرابعة: التعبئة
يتم بعد ذلك إخراج السمك من الأسياخ ثم مسحه بقطعة من القطن المبللة بزيت الزيتون أو البرافين لاعطائه لمعانا من الخارج، وأخيرا يتم تعبئته ووضعه فى صناديق خشبية، استعدادا لبيعه الى المستهلك.
الجدير بالذكر أن أسعار "الفسيخ" و"الرنجة" تشهد ارتفاعا ملحوظا ذلك العام، حيث من المتوقع أن تبدأ من 20 جنيهاً وتصل إلى 60 جنيهاً على حسب جودة السمكة؛ فيما يصل سعر كيلو الفسيخ الى 100 جنيه لأفضل الأنواع.