"أحسن من سوريا والعراق"!

دار حوار بينى وبين صديقه سورية مقيمه بمصر منذ سنوات، وكان طبيعيا أن نتطرق فى حديثنا إلى الأوضاع السياسية المتلاحقه فى سوريا وكذلك فى مصر فسألتها عن أمنيتها لبلادها خاصة بعد ما حدث ويحدث يوميا من مجازر فكان ردها غريبا لم أتوقعه على الرغم من صدقها ونوايها الحسنه التى أعلمها تماما.
ورغم عدم رضائى التام فى أول الأمر عن رأيها وعن ردها إلا أنها تركت لى مجالا واسعا من التفكير فيما قالت حتى استخلصت منه أربع نتائج مهمة قد تؤثر وتغير من نظرتى للأمور وتعاملى معها فيما بعد.. اذن فماذا قالت صديقتى العزيزه ؟! قالت بكل حزن السنين وبحرقه ووجع لم أر مثلهم " كلهم خائنون اللهم أهلك الظالمين بالظالمين" .. !!!!
حاولت أن أناقشها فيما قالت، وأن استوضح ماذا تقصد.. وأى الفريقين تؤيد؟! لكنها أثرت إلا وأن تغير الموضوع تماما ودموعها تملأ مقلتيها والأسى يفوح مع عطرها وهى تقول لى " احمدوا ربنا ..انتم بنعمة لا تحسوا بيها".. تركتها وظلت كلماتها تدور فى رأسى حتى خرجت بآراء تتلخص فيما يلى:
-عندما تحدثت عن ان الكل خائن هى لم تتحدث من فراغ، وأبدا أبدا لم تقصد التعميم، وإلا لكانت تقصد أهلها وذويها الذين لم يغادروا سوريا، بل وقُتل منهم من قُتل جراء جرائم النظام هناك.. لكنها وبالتأكيد أدركت اللعبة القذره التى تلعبها كافة الأطراف المتناحرة للفوز بالسلطة، فمن ناحية يدفع الحاكم القاتل بكل قوته العسكريه للحفاظ على كرسي زائل، ويرفض كل المساعى الوسطية للتسوية، فى حين أن الجيش انقسم انقساما طائفيا أدى لكارثة حقيقية هناك.
وفى الجهة الأخرى نجد الصراع على أشده بين جهات عدة، فها هى الدوله "الإسلامية" داعش تحاول أن تفرض نفوذها فى مناطق وهاهى القوات الكرديه تستولى على مناطق أخرى وها هم المعارضون السوريون المنشقون عن الجيش يستولون على مناطق أخرى.. إذن الكل يبحث عن منافع سلطوية والضحية أهل سوريا الحقيقيين الذين يموتون كل يوم ومازالوا لا يملكون إلا الدعاء على الظالمين .. حقا "اللهم اهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين" هذا هو دعاء أهل سوريا الحقيقيين!!! ..
-اما ثانى الحقائق التى خرجت بها من كلامها اننا حقا فى نعمة، لأننا لم نصل إلى ما وصلت له أغلب دول المنطقه من دمار، وهو ما تم التخطيط له بعناية ودقة من قبل القوى المعادية التى تحرك الأحداث والأشخاص كمن يحرك عرائس الماريونت على مسرح جمهوره من الصم والبكم والعميان إلا من رحم ربى!!
نعم هذه المقولة نالت من النقد مانالت لكنها حقيقة ثابتة الا وهى "الحمدلله اننا مش زى سوريا والعراق وليبيا" .
نعم وألف نعم الحمد لله الذى وقانا شر الفتنة الطائفية والقبلية وجعل لنا جيشا يحمينا وبيتا يأوينا ورزقا حتى ولو قليل فغيرنا الآن يحسدنا على نعمة الوطن والمأوى والجيش حتى وان كانت لنا الف ملاحظه والف اعتراض والف شكوى الا انه فى النهايه لا ينكر النعمة الا جاحد.
-ثالث الحقائق التى لا بد من الاعتراف بها اننا فى حاجة الى مصالحة شاملة ضرورية وواجبة، فالعدو يلعب على فكرة الانقسام والتفرقة وزيادة الفجوة بين الوطن والمواطن والعمل على ضياع الهوية والانتماء وفقدان الثقة فى كل الاشياء.
فعلينا إلا ننجذب الى تلك الافعال والاقوال الممغنطه والتى تجذبنا معها الى الهاوية..علينا العمل على إعادة نسيج المجتمع الى ما كان عليه بعد ثوره يناير مباشرة ،وتلك الروح الساحره التى اعطتنا امل فى الغد .. مع استبعاد كل من يصر على الفوضى والدم والدمار.
-رابع الحقائق أن دور مصر حرج جدا بشأن سوريا فمعنى مساندة القوى المعارضه ضد النظام انها بذلك تقف فى صف القوات الداعشية التى تدخل فى صراع مباشر مع النظام السورى ومعنى الوقوف مع الحاكم والنظام انها تقف مع ظالم يبيد شعبه وكذلك فهى تساند النظام الشيعى الذى تسانده بكل قوه إيران!!
موقف معقد لا أكاد أن أجزم ولكنى أعتقد أنه وضع معقد تتعامل معه الدولة بحساسية شديدة وبخطة موضوعة اظنها مرنة ومتغيره وتعتمد على مصلحة الوطن فى المقام الأول ومصلحة الشعب السورى الأصيل الذى ندعو له ان يخلصه الله مما ابتلاه.