احذر يا ريس
قد يتساءل الكثيرون: لماذا انتفض الشعب المصري عن بكرة أبيه في 30 يونيو 2013 ضد جماعة الإخوان المسلمين؟ ولماذا خرجوا للميادين في 25 يناير مطالبين برحيل نظام مبارك؟.
والحق أقول إن أخطر ما يجعل الشعوب تثور وتنتفض هو الإحساس بأن اوطانهم وسيادتها ووحدتها باتت مهددة، وأن النظام خرج عن كونه حاكما لشعب إلى حاكم لعشيرة أو مجموعة من الدائرين في فلكه، وأن الحكومات تجرأت وتبجحت لتخرج من كونها خادمة للشعب إلى أن تكون وصية وسيدة عليه ، وأن الدولة التي هي ملك للشعب أصبحت حكراً على النظام والمتحالفين معه من امبراطوريات الفساد والإفساد ، وأن الحريات اصبحت على حافة هاوية، فلم يخرج الشعب في 30 يونيو ويستدعي جيشه وشرطته لان جماعة الإخوان فشلت في إدارة الدولة فقط ، ولكن لانه اصبح في غير مأمن على ارضه ووحدته وحريته وقراره ، ولأنه شعر بالخوف، لأن الشيء الذي لا يمكن أن يغفره التاريخ لحاكم أو لأي نظام هو شعوره بأن الحاكم بدأ ينفرد بالقرار ويتصرف في ارضه على انها عزبة أو تكية يهب ما يريد منها لمن يشاء دون الرجوع إليه متعاميا أو متناسيا أن الشعب الذي هو السيد والآمر والناهي في مثل هذه الامور المصيرية قد ينسى.
شعر المصريون بالخوف والغيرة على الارض التي رأى أن جماعة الإخوان بدأت في بيعها خلسة سواء في سيناء او في حلايب وشلاتين، فبيع الارض أو التفريط في جزء من ترابها أو اقليمها المائي جريمة مروعة وهي بداية سقوط شرعية أي نظام مهما كانت قوته وشعبيته ، وموهوم النظام الذي يرى أن هذه الجريمة ستمر مرور الكرام أو انها ستنسى أو تنطلي على شعب صاحب تاريخ عظيم وحضارة يتفاخر بها العالم ، ومن هنا فإنني اتوجه بعدة مطالب للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ، وهو رجل لا يستطيع احدا التشكيك في وطنيته ، وهذه المطالب في رأيي الشخصي هي لأجل الله والوطن ولاجل السيسي نفسه كي لا يلقى مصير من سبقوه ، واول هذه المطالب هي أن يرجع للشعب في كل كبيرة وصغيرة فيما يتعلق بالامور التي تخص السيادة وفقا للدستور والقانون، فالشعب من حقه أن يعلم ولا يفاجأ بأمور تتعلق بوحدة وسيادة بلده.
وكان يجب أن يرجع للشعب في موضوع جزيرتي تيران وصنافير التي قررت الحكومة خلسة ردهما للمملكة العربية السعودية وهما جزيرتان مصريتان تاريخا وحضارة ودما وجغرافيا وواقعا حتى هذه اللحظة، والمطلب الثاني هو ان يحترس الرئيس السيسي جيدا من خطورة ما يراه البعض انبطاحا للمملكة العربية السعودية الشقيقة او غيرها ، فالقرار المصري يجب أن يتحرر من التبعية لأي نظام أيا كان وان يكون قرارا مصريا خالصا لا تؤثر عليه المعونات ولا المساعدات لان خير مصر على الجميع وأمنها من أمن هذه الدول.
والمطلب الثالث أن تكون المشروعات التي تتم الآن على الارض مصرية خالصة.. فهناك من يخشون من احتلال مصر اقتصاديا تحت تأثير المعونات والمساعدات ، فالاحتلال الاقتصادي اخطر ما يكون على الشعوب والاوطان ومقدراتها التي يجب ان تذهب لأبنائها كي لا تتحول هذه الشعوب إلى مجموعة من العبيد في اوطانهم، وهذا لم ولن يسمح به الشعب المصري ولو حدث سيضرب شرعية النظام في مقتل لان خير مصر وارضها ومواردها يجب ان يكون للمصريين... المطلب الرابع هو حماية وصيانة الوحدة الوطنية ، خاصة أن مخطط التفتيت والتقسيم الصهيو امريكي يجرى الآن على قدم وساق لاسقاط الدولة المصرية في مستنقع الطائفية وجرجرة الدولة المصرية الى حرب طائفية ومذهبية ودينية وعلى الرئيس أن لا يتساهل في هذا الامر لان التساهل فيها سيعجل بجعله رئيسا سابقا.
ومن أهم المطالب التي أتوجه بها للرئيس السيسي هو ان يستمع جيدا بل ويصغي إلى معارضيه ، خاصة ان الرئيس لا يجب أن يكون رئيسا فقط لمؤيديه بل رئيسا لمعارضيه والمختلفين معه في الرأي ، فالرئيس عندما يصبح رئيسا لمجموعة أو عشيرة أو فصيل معين فإن شرعيته ستكون مهددة بل وقد تسقط هذه الشرعية في الميادين والشوارع إذا استمر لسماع صدى صوته فقط وصدى ابواقه الإعلامية والسياسية.
فالرئيس الناجح والذكي والمحنك يحتوي الجميع معارضيه قبل مؤيديه ولا يسمع لصوت نفسه فقط لان زمن الصوت الواحد قد انتهى بلا رجعة ، أما المطلب الاهم هو الشفافية ومقاومة الفساد الذي استشرى بشكل مخيف في مفاصل الدولة وعدم التستر على الفاسدين وحمايتهم ، وكذلك الإعلان عن المشروعات التي خدمت بها الحكومة معدومي الدخل والفقراء الذين ما زالوا يعيشون حالة يرثى لها وما زال لم يصلهم صدى ونتائج المشروعات المعلن عنها ، فالمشروعات التي تتم الآن في رأيي بلا جدوى حقيقية في عيون معدومي الدخل والفقراء لان نتائجها لم تصل إليهم بعد، وهناك حالة غليان غير مسبوقة في الشارع ، فالمشروعات التي تتم الآن يرى الكثيرون انها تخدم مصالح الكبار فقط ولا عزاء للمعدومين والفقراء.
وفي رأيي الشخصي أن السيسي ان لم ينتبه لخطورة هذه المطالب، فمن المؤكد أنه سيفقد شرعيته وهو امر لا نرضاه على رئيس وطني مخلص مثل السيسي الذي يجب ان يكون حذرا من بعض مستشاري السوء الذين يريدون ان يجعلوا منه رئيسا سابقا.
[email protected]