قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الأوقاف تبحث عن طوق نجاة بعد رفض الخطبة المكتوبة.. البحوث: قرارات الأزهر ملزمة.. ودستوري: لا يحق لـ«البرلمان» رفضها

شيخ الأزهر ووزير الأوقاف
شيخ الأزهر ووزير الأوقاف
0|محمد صبري عبد الرحيم

◄هيئة كبار العلماء بالأزهر ترفض «الخطبة المكتوبة» بالإجماع:
- الأئمة يحتاجون إلى تدريبٍ جاد وتثقيف وتزويدهم بالكتب
- الأزهر يعمل على تثقيف وُعَّاظه وإمدادهم بمكتبات كبيرة
◄الأوقاف: الخطبة المكتوبة استرشادية.. ولا نكلف بها إلا أئمتنا
◄الجندي: الأوقاف ملزمة قانونًا بتنفيذ قرار هيئة كبار العلماء
◄ دستوري: قرارات الأزهر ملزمة.. ولا يحق لـ«البرلمان» رفضهاأثار قرار وزير الأوقاف بتعميم الخطبة المكتوبة بجميع المساجد، جدلًا كبيرًا وغضبًا، حيث قوبل بالرفض من الأزهر الشريف، والعاملين في خدمة الدعوة الإسلامية.

وقررت هيئة كبار العلماء بالإجماع، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رفض قرار وزارة الأوقاف بتطبيق الخطبة المكتوبة وإلزام أئمة المساجد بها.

وقالت الهيئة: إنه اضطلاعًا بدور الأزهر الشريف الذي حدَّده له الدستور المصري بأنه المسؤول عن الدعوة الإسلامية، فقرَّرت الهيئة بالإجماع رفض الخطبة المكتوبة، مُعتبرةً هذه الخطوة تجميدًا للخطاب الديني، مُؤكِّدة أنَّ الأئمة يحتاجون إلى تدريبٍ جاد وتثقيف وتزويدهم بالكتب والمكتبات؛ حتى يستطيعوا مواجهة الأفكار المتطرفة والشاذَّة بالعلم والفكر الصحيح.

وأضافت: «وحتى لا يتَّكئ الخطيب على الورقة المكتوبة وحدها؛ مما سيُؤدِّي بعد فترةٍ ليست كبيرة إلى تسطيح فكرِه وعدم قدرته على مناقشة الأفكار المنحرفة والجماعات الضالة التي تتَّخذ الدِّين سِتارًا لها، وتستخدم من بين أساليبها تحريف بعض آيات القُرآن الكريم والأحاديث النبوية عن مواضعها، والتلبيس بها على أفهام عوامِّ المسلمين؛ ممَّا قد يُصعِّب على الإمام مُناقشة هذه الأفكار وتفنيدها والرد عليها وتحذير الناس منها، وهو الأمر الذي يوجب مزيدًا من التدريب للخطيب والداعية وإصقاله بمهارات البحث العلمي والدعوة والابتكار حتى يستطيع الحديث بما يُناسب بيئته والتغيرات المتطورة كل يوم،وحتى يجتمع الناس من حوله منصتين إليه.

وقدَّرت الهيئة الدور الذي يقوم به الأزهر الشريف في العمل على تعميق الثقافة الفكرية الإسلامية لدى وعَّاظه، وذلك بعقد دورات دورية مستمرة ومكثفة في كافة المجالات الشرعية، وإمداد الوعاظ بمجموعات كبيرة من الكتب التي تعمق ثقافتهم وتوسع مداركهم.

وأشادت الهيئة الدور الذي يقوم به مركز الرصد العالمي بالأزهر الشريف، ووافقت على تبعيته العلمية لهيئة كبار العلماء، وذلك دعمًا له وتفعيلًا لدوره في رصد وتفنيد كلِّ ما يتعلق بالأفكار المغلوطة والفتاوى الشاذة بكافة اللغات الحيَّة في العالم، وإعداد ردود شرعية مناسبة لها باللغات التي كتبت ونُشِرت بها تلك الأفكار.

ووافقت الهيئة كذلك على ضم عددٍ من الباحثين الشرعيين من شباب العلماء من التخصصات الشرعية المختلفة لمعاونة السادة أعضاء الهيئة في أداء مهامهم.

وأدانت هيئة كبار العلماء الحوادث الإرهابية الأثيمة التي تنفذها جماعات العنف والإرهاب، مؤكدة دعمها لقوات الجيش والشرطة في مواجهة القوى الظلامية التي لا تريد الخير للشعب المصري، ولا التقدم لوطننا العزيز.

الخطبة المكتوبة ملزمة فقط على أئمتنا:

أكد الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، أنه لم يكلف أحدًا غير أئمة الأوقاف المسئولين بدورهم عن المساجد بالخطبة المكتوبة، مشيرًا إلى أن سبيل الوزارة في تعميمها بجميع مساجد الجمهورية هو الحوار والإقناع.

وقال «طايع» في تصريح له، منذ قليل ردًا على قرار هيئة كبار العلماء التابعة للأزهر برفض الخطبة المكتوبة، إن جميع قيادات الوزارة والغالبية العظمى من الأئمة على قناعة تامة بأداء الخطبة المكتوبة كونها تأتي في إطار مشروع فكري مستنير وفق خطة ومنهجية شاملة تحقق مصلحة شرعية ووطنية وذلك في إطار اختصاص وزارة الأوقاف في تنظيم شئونها الدعوية والإدارية.

وأشار إلى أن الوزارة لم تصدر حتى تاريخه أي تكليف رسمي بذلك، وإنما تركته لقناعة واختيار الأئمة، وما زال موضوعها المكتوب حتى الآن استرشاديًا وفق ما يعلن دائمًا على موقعنا الرسمي.

وألمح إلى أن الوزارة أكدت -من قبل- أن المتميزين من الأئمة الراغبين في الارتجال لن يمنعوا منه ما داموا ملتزمين بضابطي الوقت وجوهر الموضوع.

وتابع: أن الوزارة أكدت سابقًا ثقتها الكاملة في تميز أئمتها وفهمهم المستنير وحسهم الوطني وإدراكهم لما تتطلبه المرحلة من توحيد الجهد والكلمة في مواجهة التحديات.

واستطرد: وإننا إذ نثق في ائتمان الأئمة على المسجد ورواده طوال الأسبوع لنثق أيضًا في تفهمهم لفلسفة خطبة الجمعة الموحدة المكتوبة التي تعد محور قضية الأسبوع الفكرية، بما يشكل 54 قضية سنويًا في المرحلة قصيرة المدى، و270 قضية في خمس سنوات المرحلة متوسطة المدى، بما يعد جزءًا من المشروع الفكري الكبير لتجديد الخطاب الديني وتحقيق الفهم المستنير للإسلام.

الخطبة المكتوبة انتكاسة للوراء:

قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إنه يجب على وزارة الأوقاف الالتزام بقرار هيئة كبار العلماء التابعة للأزهر برفض الخطبة المكتوبة، حيث إن «كبار العلماء» تستمد شرعيتها من الدستور المصري -أعلى سلطة قانونية-.

وأوضح «الجندي» لـ«صدى البلد»، أن الدستور المصري حددّ أن الأزهر المسؤول عن الدعوة الإسلامية، والرجعية الدينية في الدعوة والعقيدة والفقه والقضايا المجتمعية الأخلاقية المتعلقة بالدين، وبالتالي فإن قرار هيئة كبار العملاء ملزم التنفيذ بنص القانون ولا يجوز مخالفته.

ونبه على أن قرارات الأزهر الدينية ملزمة لجميع الهيئات ويجب تنفيذها، مطالبًا وزارة الأوقاف بضرورة تنفيذ قرار هيئة كبار العلماء، وعدم التقاعس أو التراخي.

ورأى الدكتور محمد الشحات الجندي، أن الخطبة المكتوبة لا تحقق الهدف الأساسي من خُطبة الجمعة من حيث تفاعل الخطيب مع أحوال المصلين ومناقشة مشكلاتهم والقضايا العصرية التي تطرأ عليهم بمنظور ديني متجدد.

وبيّن عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الخطبة الارتجالية أفضل من الخطبة المكتوبة، حتى يستطيع الخطيب مناقشة ما يحتاج الناس إليهم، مشيرًا إلى أن الموضوعات التي يحتاجها إلى المدينة تختلف عن الريف، فمثلا في موسم الحصاد يحتاج الإمام ليعظ الناس في وجوب إخراج الزكاة فكيف يخطب فيهم خطبة مكتوبة عن الظلم مثلًا، فهذا لا يتماشي مع فقه الواقع والناس ستنفر من ذلك.

ونوه المفكر الإسلامي، بأن الخطبة المكتوبة انتكاسة إلى الوراء وستقتل إبداع الخطيب وستخلق عدم ثقة بين المصلين والإمام، متسائلا فكيف يسألون الخطيب في أمور دينهم وهو يقرأ من ورقة.

وألمح عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى أن الخطبة المكتوبة ليست تجديدًا للخطاب الديني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولكنها بعيدة كل البعد عن ذلك، منوهًا بأن الهدف من تجديد الخطاب عرض القضايا الفقهية وضرروات الحياة بطريقة عصرية يفهمها الناس، مشيرًا إلى أن كلمات الخطبة المكتوبة سيتفاوت الناس في فهمها، فاستيعاب الأُمي ليس كالمتعلم والمثقف مثلًا، مشددًا على ضرورة أن تراعي الخطبة بيئة الناس وأحوالهم وثقافتهم.

وحذر الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، من خطورة أن تكون الخطبة أكاديمية ولا تحقق مصالح الناس، مؤكدًا أن الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أخطأ في موضوع الخطبة المكتوبة ويجب عليه بإعادة النظر مرة أخرى في تطبيقها وعرض الأمر على جميع الأئمة والداعة وبمشاركة جميع المسلمين لأن الخطبة قضية دعوية مشتركة بين الأئمة وجمهور المصلين.

قرارات الأزهر ملزم تنفيذها بنص القانون:

شدد الدكتور شوقي السيد، أستاذ القانون الدستوري، على قرارات الأزهر الدينية والدعوية يجب تنفيذها بنص المادة السابعة من الدستور المصري، حيث حددت له اختصاصات بأنه المسئول عن الدعوة الدينية والعلوم الإسلامية ونشرها داخليًا وخارجيًا.

وأكد «شوقي» في تصريحات خاصة، أن قرار الأزهر برفض الخطبة المكتوبة يجب على وزارة الأوقاف تنفيذه بنص القانون، لأن قراراته لازمة، مشيرًا إلى أن البرلمان واللجنة الدينية دورهما مراقبة الحكومة وإصدار قوانين وتشريعات، وليس لهما الحق في رفض قرار إلغاء الخطبة المكتوبة.

المنبر مكان وقوف الرسول:

قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن المنبر مكان وقوف الرسول -صلى الله عليه وسلم- له حرمته ولم تكن الخطبة في أي عهد من العهود منصوصًا عليها ومكتوبة.

وأوضح «هاشم»: «ونحن حين نلزم الخطيب بورقة فنحن سنعمل على عدم تجديد الخطاب الدينى، وعندما تأتى لخطيب ورقة، فهو لا يقرأ ولا يجدد معلوماته، مضيفا: «الخطيب كالطيب فالدواء الذى يوصف لمريض لا يوصف لمريض آخر».

وألمح إلى أن الخطبة المكتوبة تمنع التجديد والفكر، وما يعطيه الله للخطيب، فالإنسان أحيانا يقف على المنبر يفتح الله عليه بأمور لم تكن فى حسبانه، ولا يجب التضييق على الخطيب.

واستطرد: «لو كان هناك من يريد أن يتكلم ليغذى النفوس بالفتن والإرهاب، فيجب أن يكون الموقف مأمون من هؤلاء، عن طريق اختيار الخطباء من وزارة الأوقاف».

ولفت عضو هيئة كبار العلماء، إلى أن هناك دورات تدريبية لتأهيل الخطباء، قائلا: «عندما كنت رئيسا لجامعة الأزهر كنت لا اكتفى بتخرج الطالب من كلية الدعوة أو أصول الدين، ولكن كانت هناك دورات ومراجع وكتب»، مضيفًا: «للمنبر أهمية كبرى، فيجب علينا أن نوجه الأئمة الصغار، ونمدهم بالمراجع، وزيادة الرواتب، حتى يليق بهم كى يستحضروا الكتب والمراجع»

القرار ليس «عِنادًا» مع الأوقاف:

بدروه، قال الدكتور محمد مهنا، عضو المكتب الفني لشيخ الأزهر، إن رفض هيئة كبار العلماء الخطبة المكتوبة ليس «عِنادًا» بين مؤسسة الأزهر ووزارة الأوقاف، فالاثنتان هما ضميرا الأمة والعلم.

وأضاف «مهنا» أن «خصوصية الدين الإسلامى تكمن في البحث عن العلم والتثقف والبحث، فالداعية هو طبيب للقلوب والعقول وليس شخصا قارئا»، رافضًا الصعود على المنبر بورقة لقراءتها على المواطنين، مطالبا وزارة الأوقاف بتجديد الداعية الإسلامى أولا وحثه على التفكير والبحث.

يجب تنفيذ القرار:

أشاد وكيل الأزهر، بقرار هيئة كبار العلماء الخاص برفض «الخطبة المكتوبة» قائلا إنها تم رفضها بإجماع الآراء ليغلق هذا الملف بصورة نهائية أمام الرأي العام.

وقال وكيل الأزهر إنه "يجب على قيادات مجمع البحوث الإسلامية ووزارة الأوقاف تنفيذ توجيهات الهيئة بشأن الاهتمام بمكتبات الدعاة لتشمل أمهات كتب التراث في فروعه المختلفة إضافة إلى الكتب التي تعالج المشكلات المعاصرة معالجة منضبطة ومتخصصة، والتدريب على استخدام الوسائل الحديثة ليكون الداعية مواكبا لعصره مدركًا لمشكلات مجتمعه وقادرا على علاجها".

واستكمل: أنه لن يتمكن الداعية من أداء رسالته على الوجه المطلوب دون الاعتناء به معنويا وصحيا واجتماعيا ليتفرغ تفرغا تاما لرسالته في الهداية والتنوير والتحصين من شرور المتطفلين على الساحة الدعوية والمستغلين للدين وشريعته لخدمة أغراضهم ونزعاتهم السياسية وتبرير أفعالهم الإرهابية،وهي الرسالة الملقاة على وعاظ الأزهر وإخوانهم أئمة الأوقاف.